للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَلْحَقُوا بِالْجَارِي حَوْضَ الْحَمَّامِ لَوْ الْمَاءُ نَازِلًا وَالْغَرْفُ مُتَدَارَكٌ، كَحَوْضٍ صَغِيرٍ يَدْخُلُهُ الْمَاءُ مِنْ جَانِبٍ وَيَخْرُجُ مِنْ آخَرَ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ مُطْلَقًا، بِهِ يُفْتَى، وَكَعَيْنٍ هِيَ خَمْسٌ فِي خَمْسٍ يَنْبُعُ الْمَاءُ مِنْهُ، بِهِ يُفْتَى قُهُسْتَانِيٌّ مَعْزِيًّا لِلتَّتِمَّةِ.

(وَكَذَا) يَجُوزُ (بِرَاكِدٍ) كَثِيرٍ (كَذَلِكَ)

ــ

[رد المحتار]

الْحَوْضُ لَوْ صَغِيرًا وَإِنْ كَانَ جَارِيًا؛ لِأَنَّ جَرَيَانَهُ بِمَاءٍ نَجِسٍ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى الِاسْتِعْمَالِ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَيُنْتَظَرُ صَفَاؤُهُ ثُمَّ يُعْفَى عَمَّا فِي الْقَسَاطِلِ وَمَا فِي أَسْفَلِ الْحَوْضِ، لِمَا عَلِمْت مِنْ الضَّرُورَةِ مِنْ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ، وَمِنْ أَنَّهُ إذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: وَأَلْحَقُوا بِالْجَارِي حَوْضَ الْحَمَّامِ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِطَهُورِ أَثَرِ النَّجَاسَةِ. أَقُولُ: وَكَذَا حَوْضُ غَيْرِ الْحَمَّامِ؛ لِأَنَّهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ ذَكَرَ هَذَا الْحُكْمَ فِي حَوْضٍ أَقَلَّ مِنْ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ حَوْضُ الْحَمَّامِ اهـ فَلْيُحْفَظْ.

(قَوْلُهُ: وَالْغَرْفُ مُتَدَارَكٌ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ مُتَتَابِعٌ، وَتَفْسِيرُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ أَنْ لَا يَسْكُنَ وَجْهُ الْمَاءِ فِيمَا بَيْنَ الْغَرْفَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ مِنْ آخَرَ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ كَانَ يَدْخُلُهُ الْمَاءُ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ لَكِنْ فِيهِ إنْسَانٌ يَغْتَسِلُ وَيَخْرُجُ الْمَاءُ بِاغْتِسَالِهِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ مُتَدَارَكًا لَا يَنْجُسُ. اهـ. مَطْلَبٌ لَوْ أَدْخَلَ الْمَاءَ مِنْ أَعْلَى الْحَوْضِ وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهِ فَلَيْسَ بِجَارٍ

ثُمَّ إنَّ كَلَامَهُمْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ أَعْلَاهُ، فَلَوْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثَقْبٍ فِي أَسْفَلِ الْحَوْضِ لَا يُعَدُّ جَارِيًا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَجْهِ الْمَاءِ بِدَلِيلِ اعْتِبَارِهِمْ فِي الْحَوْضِ الطُّولَ وَالْعَرْضَ لَا الْعُمْقَ، وَاعْتِبَارُهُمْ الْكَثْرَةَ وَالْقِلَّةَ فِي أَعْلَاهُ فَقَطْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ. وَفِي الْمُنْيَةِ إذَا كَانَ الْمَاءُ يَجْرِي ضَعِيفًا يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَضَّأَ عَلَى الْوَقَارِ حَتَّى يَمُرَّ عَنْهُ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ، وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ صَرِيحًا، نَعَمْ رَأَيْت فِي شَرْحِ سَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ فِي مَسْأَلَةِ خِزَانَةِ الْحَمَّامِ الَّتِي أَخْبَرَ أَبُو يُوسُفَ بِرُؤْيَةِ فَأْرَةٍ فِيهَا قَالَ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَاءَ الْخِزَانَةِ إذَا كَانَ يَدْخُلُ مِنْ أَعْلَاهَا وَيَخْرُجُ مِنْ أُنْبُوبٍ فِي أَسْفَلِهَا فَلَيْسَ بِجَارٍ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ يَطْهُرُ الْحَوْضُ بِمُجَرَّدِ مَا يَدْخُلُ الْمَاءُ مِنْ الْأُنْبُوبِ وَيَفِيضُ مِنْ الْحَوْضِ هُوَ الْمُخْتَارُ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَصَيْرُورَتِهِ جَارِيًا. اهـ. وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْأَسْفَلِ لَكِنَّهُ خِلَافُ قَوْلِهِ وَيَفِيضُ، فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَرْبَعًا فِي أَرْبَعٍ أَوْ أَكْثَرَ. وَقِيلَ لَوْ أَكْثَرَ يَتَنَجَّسُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ يَسْتَقِرُّ فِيهِ إلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ فِي مَوْضِعِ الدُّخُولِ أَوْ الْخُرُوجِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ. وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا عُلِمَ عَدَمُ خُرُوجِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لِضَعْفِ الْجَرْيِ لَا يَضُرُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا فِي الْمُنْيَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ غَيْرُ لَازِمٍ، فَإِنْ خَرَجَ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ مِنْ سَاعَتِهِ لِكَثْرَةِ الْمَاءِ وَقُوَّتِهِ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَأَقَرَّهُ الشَّارِحَانِ، وَزَادَ فِي الْحِلْيَةِ قَوْلَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ حَسَنٌ، لَكِنْ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بَعْدَمَا مَرَّ: وَحُكِيَ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ يَتَحَرَّكُ الْمَاءُ مِنْ جَرَيَانِهِ يَجُوزُ. وَأَجَابَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ السَّعْدِيُّ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ جَارٍ وَالْجَارِي يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. ثُمَّ هَذَا كَمَا فِي الْحِلْيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَأَمَّا عَلَى الْأَصَحِّ الْمُخْتَارِ فَيَجُوزُ الْوُضُوءُ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ مَا يَغْتَرِفُهُ أَوْ نِصْفُهُ فَصَاعِدًا مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ اهـ. أَقُولُ: لَكِنْ إذَا وَقَعَ فِيهِ نَجَاسَةٌ حَقِيقَةٌ كَانَ التَّفْرِيعُ عَلَى حَالِهِ.

(قَوْلُهُ: وَكَعَيْنٍ إلَخْ) يُغْنِي عَنْهُ الْإِطْلَاقُ السَّابِقُ كَمَا أَفَادَهُ ح.

(قَوْلُهُ: يَنْبُعُ الْمَاءُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَيْنِ وَذَكَرَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ.

(قَوْلُهُ: مَعْزِيًّا لِلتَّتِمَّةِ) فِيهِ أَنَّ عِبَارَةَ الْقُهُسْتَانِيِّ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ وَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا يَجُوزُ) أَيْ رَفْعُ الْحَدَثِ.

(قَوْلُهُ: بِرَاكِدٍ) الرُّكُودُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>