(وَالْجَدُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِيهِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ، وَ) لَكِنْ (لَهَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ فَلَهُ ضَمُّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُفْسِدًا، وَإِنْ كَانَ) مُفْسِدًا (لَا) يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ.
(وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ عَصَبَةٍ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْعَصَبَاتِ أَوْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ مُفْسِدٌ فَالنَّظَرُ فِيهَا إلَى الْحَاكِمِ، فَإِنْ) كَانَتْ (مَأْمُونَةً خَلَّاهَا تَنْفَرِدُ بِالسُّكْنَى وَإِلَّا وَضَعَهَا عِنْدَ) امْرَأَةٍ (أَمِينَةٍ قَادِرَةٍ عَلَى الْحِفْظِ، بِلَا فَرْقٍ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بِكْرٍ وَثَيِّبٍ) لِأَنَّهُ جُعِلَ نَاظِرًا لِلْمُسْلِمِينَ، ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَإِذَا بَلَغَ الذُّكُورُ حَدَّ الْكَسْبِ يَدْفَعُهُمْ الْأَبُ إلَى عَمَلٍ لِيَكْتَسِبُوا، أَوْ يُؤَجِّرُهُمْ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ أُجْرَتِهِمْ بِخِلَافِ الْإِنَاثِ؛ وَلَوْ الْأَبُ مُبَذِّرًا يُدْفَعُ كَسْبُ الِابْنِ إلَى أَمِينٍ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ مُؤَيَّدٌ زَادَهُ مَعْزِيًّا لِلْخُلَاصَةِ.
(لَيْسَ لِلْمُطَلَّقَةِ) بَائِنًا بَعْدَ عِدَّتِهَا (الْخُرُوجُ بِالْوَلَدِ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ) فَلَوْ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُبْصِرَ وَلَدَهُ ثُمَّ يَرْجِعَ فِي نَهَارِهِ لَمْ تُمْنَعْ.
ــ
[رد المحتار]
النَّقْلَ فِيهِ وَهُوَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالْخُلَاصَةِ والتتارخانية، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ أَبٌ وَانْقَضَتْ الْحَضَانَةُ فَمَنْ سِوَاهُ مِنْ الْعَصَبَةِ أَوْلَى الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، غَيْرَ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تُدْفَعُ إلَّا إلَى مَحْرَمٍ. اهـ.
قُلْت: كَلَامُنَا فِيمَا إذَا بَلَغَ الْغُلَامُ، وَمَا نَقَلَهُ فِيمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ كَوْنِهِ مَأْمُونًا، أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَحْكَامِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ وَالتَّأْدِيبِ ط (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا) أَيْ لِلْبِكْرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَافِي، وَكَذَا الثَّيِّبُ كَمَا عَلِمْته خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ بِلَا فَرْقٍ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بِكْرٍ وَثَيِّبٍ. [تَنْبِيهٌ] :
حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَلَدِ إذَا بَلَغَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِكْرًا مُسِنَّةً أَوْ ثَيِّبًا مَأْمُونَةً، أَوْ غُلَامًا كَذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِكْرًا شَابَّةً، أَوْ يَكُونَ ثَيِّبًا، أَوْ غُلَامًا غَيْرَ مَأْمُونَيْنِ فَلَا خِيَارَ لَهُمْ بَلْ يَضُمُّهُمْ الْأَبُ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا بَلَغَ الذُّكُورُ حَدَّ الْكَسْبِ) أَيْ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ مَبْلَغَ الرِّجَالِ إذْ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُمْ عَلَيْهِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِنَاثِ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُنَّ فِي عَمَلٍ، أَوْ خِدْمَةٍ تَتَارْخَانِيَّةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرُ يَخْلُو بِهَا وَذَلِكَ سَيِّئٌ فِي الشَّرْعِ ذَخِيرَةٌ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ يَدْفَعُهَا إلَى امْرَأَةٍ تُعَلِّمُهَا حِرْفَةً كَتَطْرِيزٍ وَخِيَاطَةٍ إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي النَّفَقَاتِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْأَبُ مُبَذِّرًا) أَيْ يُخْشَى مِنْهُ إتْلَافُ كَسْبِ الِابْنِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ) أَيْ أَمْلَاكِ الصِّبْيَانِ تَتَارْخَانِيَّةٌ: أَيْ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ لَهُمْ وَصِيًّا يَحْفَظُ لَهُمْ مَا لَهُمْ إذَا كَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا إلَخْ) أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ رَجْعِيَّةً فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَنْكُوحَةِ لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ، لِأَنَّ حَقَّ السُّكْنَى لِلزَّوْجِ، وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ فَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مُطْلَقًا بَحْرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا كَالْمُطَلَّقَةِ فِي ذَلِكَ، فَلَا تَمْلِكُ ذَلِكَ بِلَا إذْنِ الْأَوْلِيَاءِ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ الْأَبِ، وَمَا فِيهِ إضْرَارٌ بِالْوَلَدِ ظَاهِرُ الْمَنْعِ اهـ رَمْلِيٌّ.
لَا يُقَالُ: إنَّ مُعْتَدَّةَ الْمَوْتِ تَخْرُجُ يَوْمًا وَبَعْضَ اللَّيْلِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الِانْتِفَالُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى وَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ. وَأَمَّا بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَلَمْ أَرَهُ، وَقَوْلُ الرَّمْلِيِّ " لِقِيَامِ الْأَوْلِيَاءِ مَقَامَ الْأَبِ " يُفِيدُ مَنْعَهَا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَيْضًا لَكِنْ سُئِلَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ الْفَقِيهُ مُنْلَا عَلِيٌّ التُّرْكُمَانِيُّ عَنْ يَتِيمٍ فِي حَضَانَةِ أُمِّهِ لَهُ جَدٌّ لِأَبٍ تُرِيدُ أُمُّهُ السَّفَرَ بِهِ مِنْ بَلَدِهَا الَّتِي تَزَوَّجَتْ فِيهَا إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَهَلْ لِجَدِّهِ مَنْعُهَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ مُتُونًا وَشُرُوحًا تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِالْمُطَلَّقَةِ وَالْأَبِ؟ وَلَمْ نَرَ مَنْ أَجْرَاهَا فِي غَيْرِهِمَا، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْجَدَّ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَمَا قَالَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ لَمْ يَسْتَنِدْ فِيهِ إلَى نَقْلٍ فَيَنْبَغِي التَّوَقُّفُ حَتَّى نَرَى النَّقْلَ الصَّرِيحَ فَإِنَّ الْعِلْمَ أَمَانَةٌ، هَذَا حَاصِلُ مَا رَأَيْته بِخَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَوَجْهُ تَوَقُّفِهِ التَّقْيِيدُ بِالْأَبِ وَالْمُطَلَّقَةِ، فَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ لِلِاحْتِرَازِ بِقَرِينَةِ تَخْصِيصِهِمْ هَذَا الْحُكْمَ بِالْأُمِّ الْمُطَلَّقَةِ فَقَطْ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ لِمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: لَمْ تُمْنَعْ) إلَّا إذَا انْتَقَلَتْ مِنْ مِصْرٍ إلَى قَرْيَةٍ كَمَا يَأْتِي.