للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَمِلَ الْخُرُوجَ الْحُكْمِيَّ كَأَنْ كَانَ الْمَنْزِلُ لَهَا فَمَنَعَتْهُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا فَهِيَ كَالْخَارِجَةِ مَا لَمْ تَكُنْ سَأَلَتْهُ النَّقْلَةَ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ شُبْهَةٌ كَبَيْتِ السُّلْطَانِ فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ فَهِيَ نَاشِزَةٌ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الشُّبْهَةِ فِي زَمَانِنَا، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ الْغَصْبِ أَوْ أَبَتْ الذَّهَابَ إلَيْهِ أَوْ السَّفَرَ مَعَهُ أَوْ مَعَ أَجْنَبِيٍّ بَعَثَهُ لِيَنْقُلَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَكَذَا لَوْ أَجَّرَتْ نَفْسَهَا لِإِرْضَاعِ صَبِيٍّ وَزَوْجُهَا شَرِيفٌ وَلَمْ تَخْرُجْ، وَقِيلَ تَكُونُ نَاشِزَةً. وَلَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا نَفَقَةَ لِنَقْصِ التَّسْلِيمِ. قَالَ فِي الْمُجْتَبَى: وَبِهِ عُرِفَ جَوَابُ وَاقِعَةٍ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ مِنْ الْمُحْتَرِفَاتِ الَّتِي تَكُونُ بِالنَّهَارِ فِي مَصَالِحِهَا وَبِاللَّيْلِ عِنْدَهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا انْتَهَى، قَالَ فِي النَّهْرِ. وَفِيهِ نَظَرٌ.

ــ

[رد المحتار]

وَطْئِهَا كَرْهًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ. اهـ وَالثَّانِي وَجِيهٌ فِي حَقِّ مَنْ يَسْتَحِي، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ هَذَا الْمَنْعَ فِي مَنْزِلِهَا نُشُوزٌ بِالِاتِّفَاقِ سَائِحَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ لَهَا) أَيْ مِلْكًا أَوْ إجَارَةً (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَكُنْ سَأَلَتْهُ النَّقْلَةَ) بِأَنْ قَالَتْ لَهُ حَوِّلْنِي إلَى مَنْزِلِكَ أَوْ اكْتَرِ لِي مَنْزِلًا فَإِنِّي مُحْتَاجَةٌ إلَى مَنْزِلِي هَذَا آخُذُ كِرَاءَهُ فَلَهَا النَّفَقَةُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الشُّبْهَةِ فِي زَمَانِنَا) نَقَلَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي التَّجْنِيسِ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى فِي الْمَغْصُوبِ حَرَامٌ وَالِامْتِنَاعَ عَنْ الْحَرَامِ وَاجِبٌ، بِخِلَافِ الِامْتِنَاعِ عَنْ الشُّبْهَةِ، فَإِنَّهُ مَنْدُوبٌ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ حَقُّ الزَّوْجِ الْوَاجِبِ. وَسُئِلْت عَنْ امْرَأَةٍ أَسْكَنَهَا زَوْجُهَا فِي بِلَادِ الدُّرُوزِ الْمُلْحِدِينَ ثُمَّ امْتَنَعَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ السُّكْنَى فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ خَوْفًا عَلَى دِينِهَا، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِلَادَ الدُّرُوزِ فِي زَمَانِنَا شَبِيهَةٌ بِدَارِ الْحَرْبِ.

(قَوْلُهُ أَوْ السَّفَرَ مَعَهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهَا لِفَسَادِ الزَّمَانِ فَامْتِنَاعُهَا بِحَقٍّ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَ أَجْنَبِيٍّ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا إذَا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ عِنْدَ امْتِنَاعِهَا عَنْ السَّفَرِ مَعَهُ فَمَعَ الْأَجْنَبِيِّ بِالْأَوْلَى، أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ السَّفَرَ بِهَا لَكِنَّهُ لَمَّا بَعَثَ إلَيْهَا أَجْنَبِيًّا لِيَأْتِيَهُ بِهَا كَانَ امْتِنَاعُهَا مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ بِحَقٍّ وَلِذَا قَيَّدَ بِالْأَجْنَبِيِّ، إذْ لَوْ كَانَ مَحْرَمًا لَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ، وَمَسْأَلَةُ السَّفَرِ فِيهَا كَلَامٌ بَسَطْنَاهُ فِي بَابِ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَكُونُ نَاشِزَةً) أَشَارَ إلَى ضَعْفِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ قَوَّاهُ الرَّحْمَتِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ قَائِمٌ بِمَصَالِحِهَا وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْغَزْلِ وَنَحْوِهِ، وَعَنْ كُلِّ مَا يَتَأَذَّى بِرَائِحَتِهِ كَالْحِنَّاءِ وَالنَّقْشِ، وَالْإِرْضَاعُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُهْزِلُهَا وَيَلْحَقُهُ عَارٌ بِهِ إذَا كَانَ مِنْ الْأَشْرَافِ. أَقُولُ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَدُلُّ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَصِيرُ بِذَلِكَ نَاشِزَةً؛ لِأَنَّهَا الْخَارِجَةُ بِغَيْرِ حَقٍّ كَمَا مَرَّ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّهَا تَصِيرُ نَاشِزَةً إذَا خَالَفَتْهُ فِي الْغَزْلِ وَالنَّقْشِ وَالْحِنَّاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تُخَالِفُ بِهِ أَمْرَهُ وَهِيَ فِي بَيْتِهِ، وَفَسَادُهُ لَا يَخْفَى نَعَمْ يُفِيدُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ هَذَا الْإِيجَارِ، بَلْ ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ إرْضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ أَخْذًا مِمَّا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْكَافِي فِي إجَارَةِ الظِّئْرِ، وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ امْرَأَتَهُ عَمَّا يُوجِبُ خَلَلًا فِي حَقِّهِ وَمَا فِيهَا أَيْضًا عَنْ السِّغْنَاقِيِّ وَلِأَنَّهَا فِي الْإِرْضَاعِ وَالسَّهَرِ تَتْعَبُ وَذَلِكَ يُنْقِصُ جَمَالَهَا وَجَمَالُهَا حَقُّ الزَّوْجِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا. اهـ. فَافْهَمْ (قَوْلُهُ قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ) وَجْهُهُ أَنَّهَا مَعْذُورَةٌ لِاشْتِغَالِهَا بِمَصَالِحِهَا، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا عُذْرَ لَهَا فَنَقْصُ التَّسْلِيمِ مَنْسُوبٌ إلَيْهَا أَفَادَهُ ح، وَفِيهِ أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ ظُلْمًا وَالْمَغْصُوبَةَ وَحَاجَّةَ الْفَرْضِ مَعَ غَيْرِهِ مَعْذُورَةٌ وَقَدْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا. وَفِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْأَمَةِ إذَا سَلَّمَهَا السَّيِّدُ لِزَوْجِهَا لَيْلًا فَقَطْ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ النَّهَارِ، وَعَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةُ اللَّيْلِ وَقِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>