للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَحْبُوسَةٌ) وَلَوْ ظُلْمًا إلَّا إذَا حَبَسَهَا هُوَ بِدَيْنٍ لَهُ فَلَهَا النَّفَقَةُ فِي الْأَصَحِّ جَوْهَرَةٌ، وَكَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الْوُصُولِ إلَيْهَا فِي الْحَبْسِ صَيْرَفِيَّةٌ كَحَبْسِهِ مُطْلَقًا، لَكِنْ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ: لَوْ حُبِسَ فِي سِجْنِ السُّلْطَانِ فَالصَّحِيحُ سُقُوطُهَا. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ مَآلِ الْفَتَاوَى: وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ تُحْبَسُ مَعَهُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَمَرِيضَةٌ لَمْ تُزَفَّ) أَيْ لَا يُمْكِنُهَا الِانْتِقَالُ مَعَهُ أَصْلًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْ -

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَتُفْرَضُ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ عَنْ الْبَحْرِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْغَزْلِ وَكُلِّ عَمَلٍ وَلَوْ قَابِلَةً وَمُغَسِّلَةً. اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ عَصَتْهُ وَخَرَجَتْ بِلَا إذْنِهِ كَانَتْ نَاشِزَةً مَا دَامَتْ خَارِجَةً، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهَا لَمْ تَكُنْ نَاشِزَةً، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَمَحْبُوسَةٌ وَلَوْ ظُلْمًا) شَمِلَ حَبْسَهَا بِدَيْنٍ تَقْدِرُ عَلَى إيفَائِهِ أَوْ لَا قَبْلَ النَّفَقَةِ إلَيْهِ أَوْ بَعْدَهَا، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ زَيْلَعِيٌّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَتْحٌ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا فَوَاتُ الِاحْتِبَاسِ لَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ صَيْرَفِيَّةٌ) كَذَا نَقَلَهُ عَنْهَا فِي الْمِنَحِ وَأَقَرَّهُ، وَنَقَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ كَحَبْسِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ كَكَوْنِهِ مَحْبُوسًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ ظُلْمًا أَوْ حَبَسَتْهُ هِيَ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ لَكِنْ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: قَيَّدَ بِحَبْسِهَا؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ مُطْلَقًا غَيْرُ مُسْقِطٍ لِنَفَقَتِهَا كَذَا فِي غَيْرِ كِتَابٍ، إلَّا أَنَّهُ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ نَقَلَ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَوْ حُبِسَ فِي سِجْنِ السُّلْطَانِ ظُلْمًا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ. اهـ. قُلْت: وَنَقَلَ الْمَقْدِسِيَّ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ كَذَلِكَ، وَقَالَ كَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُؤَيِّدِيَّةِ وَنُسَخٍ جَدِيدَةٍ لَعَلَّهَا كُتِبَتْ مِنْهَا. وَفِي نُسْخَتِي الْعَتِيقَةِ الَّتِي عَلَيْهَا خَطُّ بَعْضِ الْمَشَايِخِ حَذْفُ لَا، فَلْيُحَرَّرْ. اهـ

قُلْت: وَهَكَذَا رَأَيْتُهُ بِدُونِ لَا فِي نُسْخَةٍ عَتِيقَةٍ عِنْدِي مِنْ الْخَانِيَّةِ وَكَذَا نَقَلَهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، فَلَعَلَّ صَاحِبَ تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ نُسْخَةِ الْمَدْرَسَةِ الْمُؤَيِّدِيَّةِ أَيْضًا أَوْ مِمَّا نُقِلَ عَنْهَا فَتَكُونُ لَا زَائِدَةً، لِيُوَافِقَ مَا فِي بَقِيَّةِ النُّسَخِ الْقَدِيمَةِ وَمَا فِي غَيْرِ كِتَابٍ، وَالْمَعْنَى يُسَاعِدُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الِاحْتِبَاسَ جَاءَ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ لَا مِنْ جِهَتِهَا كَمَا لَوْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ صَغِيرًا جِدًّا أَوْ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا (قَوْلُهُ وَفِي الْبَحْرِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ: وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهَا إذَا حَبَسَتْهُ وَطَلَبَ أَنْ تُحْبَسَ مَعَهُ فَإِنَّهَا لَا تُحْبَسُ. وَذَكَرَ فِي مَآلِ الْفَتَاوَى إلَخْ.

قُلْت: وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الْحَبْسِ مَوْضِعٌ خَالٍ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة؛ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِمَا لَوْ خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّ قَصْدَهَا بِحَبْسِهِ أَنْ تَفْعَلَ مَا تُرِيدُ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ التُّهْمَةِ وَالْفَسَادِ لَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الزَّوْجِ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ، فَقَدْ وَقَعَ فِي زَمَانِنَا أَنَّ امْرَأَةً حَبَسَتْ زَوْجَهَا بِدَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ فَطَلَبَ حَبْسَهَا مَعَهُ لِأَجْلِ أَنْ تُخْرِجَهُ مِنْ الْحَبْسِ وَيَأْكُلَ مَالَهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَبْسَهَا لَهُ غَيْرُ قَيْدٍ، بَلْ لَوْ حَبَسَهُ غَيْرُهَا وَخَافَ عَلَيْهَا الْفَسَادَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ خَوْفُ الْفَسَادِ (قَوْلُهُ لَمْ تُزَفَّ) أَيْ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُمْكِنُهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُصَحَّحَ الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى وُجُوبُ النَّفَقَةِ لِلْمَرِيضَةِ قَبْلَ النَّقْلَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَمْكَنَهُ جِمَاعُهَا أَوْ لَا، مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ لَا حَيْثُ لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا إذَا طَلَبَ نَقْلَتَهَا، فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّحِيحَةِ لِوُجُودِ التَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ كَمَا فِي الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْبَغِي إدْخَالُهَا فِيمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهُنَّ.

لَكِنَّ ظَاهِرَ التَّجْنِيسِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَرَضًا مَانِعًا مِنْ النَّقْلَةِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ بِالْكُلِّيَّةِ فَهَذَا مُرَادُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَرِيضَةِ وَالصَّحِيحَةِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، هَذَا حَاصِلُ مَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ حَيْثُ ذَكَرَ فِيمَا مَرَّ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ إذَا مَرِضَتْ بَعْدَ النَّقْلَةِ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ أَوْ قَبْلَ النَّقْلَةِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ إلَى بَيْتِهِ أَوْ لَمْ تَنْتَقِلْ وَلَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا، ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا أَنَّ الَّتِي لَا نَفَقَةَ لَهَا هِيَ الَّتِي مَرِضَتْ قَبْلَ النَّقْلَةِ مَرَضًا لَا يُمْكِنُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>