للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهِ يُفْتَى بَحْرٌ. وَفِيهِ عَلَيْهَا دَيْنٌ لِزَوْجِهَا لَمْ يَلْتَقِيَا قِصَاصًا إلَّا بِرِضَاهُ لِسُقُوطِهِ بِالْمَوْتِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ. وَفِيهِ آجَرَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهُمَا يَسْكُنَانِ فِيهِ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ. وَلَوْ دَخَلَ بِهَا فِي مَنْزِلٍ كَانَتْ فِيهِ بِأَجْرٍ فَطُولِبَتْ بِهِ بَعْدَ سَنَةٍ فَقَالَتْ لَهُ: أَخْبَرْتُك بِأَنَّ الْمَنْزِلَ بِالْكِرَاءِ عَلَيْك الْأَجْرُ فَهُوَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الْعَاقِدَةُ بَزَّازِيَّةٌ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ سَكَنَتْ بِغَيْرِ إجَارَةٍ فِي وَقْفٍ أَوْ مَالِ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ، فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ فَلْيُحْفَظْ (وَيُقَدِّرُهَا بِقَدْرِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ وَلَا تُقَدَّرُ بِدَرَاهِمَ) وَدَنَانِيرَ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَعَزَاهُ الْمُصَنِّفُ لِشَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ ثُمَّ الْمُجْتَبَى: إنْ شَاءَ الْقَاضِي فَرَضَهَا أَصْنَافًا أَوْ قَوَّمَهَا بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يُقَدِّرُ بِالدَّرَاهِمِ. -

ــ

[رد المحتار]

الْجَوَازُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ لِلْحَالِ وَأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ كَفَلَ لَهَا بِمَا ذَابَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ، أَيْ بِمَا ثَبَتَ لَهَا عَلَيْهِ بَعْدُ، وَالْكَفَالَةُ بِذَلِكَ جَائِزَةٌ فِي غَيْرِ النَّفَقَةِ فَكَذَا فِي النَّفَقَةِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ عِلَّةَ الِاسْتِحْسَانِ جَارِيَةٌ فِي مَسْأَلَتَيْ الْحَضْرَةِ وَالْغَيْبَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُمْ مَسْأَلَةَ ضَمَانِ الْأَبِ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الِابْنِ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ ضَمِنَ لَهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ التَّوْفِيقِ، وَهُوَ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ فَاغْتَنِمْهُ.

[تَنْبِيهٌ] هَذِهِ الْكَفَالَةُ تَتَضَمَّنُ زَمَانَ الْعِدَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَفِيلٌ مَا دَامَ النِّكَاحُ، وَهُوَ فِي الْعِدَّةِ بَاقٍ مِنْ وَجْهٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَنَحْوُهُ فِي الْفَتْحِ. وَلَوْ كَفَلَ لَهَا بِنَفَقَةِ وَلَدِهَا أَبَدًا أَوْ بِنَفَقَةِ خَادِمِهَا مَا عَاشَ لَمْ يَصِحَّ لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ عَنْهُ إذَا أَيْسَرَ الْوَلَدُ أَوْ بَلَغَ أَوْ اسْتَغْنَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ الْخَادِمِ فَكَانَ الْوَقْتُ مَجْهُولًا، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ لِوُجُوبِهَا مَا بَقِيَ النِّكَاحُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ دَيْنًا صَحِيحًا وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ، وَدَيْنُ النَّفَقَةِ يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ، فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ فِيهِ الْكَفَالَةُ، وَكَأَنَّهُمْ أَخَذُوا بِالِاسْتِحْسَانِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِسُقُوطِهِ) أَيْ لِسُقُوطِ دَيْنِ النَّفَقَةِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَكَذَا بِالطَّلَاقِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، فَكَانَ أَضْعَفَ مِنْ دَيْنِ الزَّوْجِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ. اهـ ح.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقَعُ التَّقَاصُّ فِيهَا تَقَاصًّا أَوْ لَا بِشَرْطِ التَّسَاوِي، فَلَوْ اخْتَلَفَا كَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا جَيِّدًا وَالْآخَرُ رَدِيئًا فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا صَاحِبِ الْجَيِّدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالسُّكْنَى فِي بَيْتٍ خَالٍ إلَخْ، لَكِنَّ هَذَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ سُكْنَى الدَّارِ تَعُودُ إلَيْهَا، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَاتِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الصِّحَّةِ لِتَبَعِيَّتِهَا لَهُ فِي السُّكْنَى أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، وَهِيَ تَابِعَةٌ لِلزَّوْجِ فِي السُّكْنَى وَلَمْ يُوجَدْ الْعَقْدُ مِنْهَا. وَاعْتَرَضَهُ ط بِأَنَّ سُكْنَاهُ عَارِضَةٌ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ مِنْهَا وَلَا اعْتِبَارَ لِنِسْبَةِ السُّكْنَى الْعَارِضَةِ إلَيْهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْفِعْلِ مِنْهَا. اهـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَابِعَةً لَهُ فِي السُّكْنَى صَارَتْ الْيَدُ لَهُ فَصَارَ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى هَذَا جَوَازُ تَضْمِينِهَا وَتَضْمِينِهِ الْأُجْرَةَ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ) أَيْ يُرَاعَى كُلُّ وَقْتٍ أَوْ مَكَان بِمَا يُنَاسِبُهُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا فَرَضَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ ثُمَّ رَخُصَ تَسْقُطُ الزِّيَادَةُ وَلَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ وَبِالْعَكْسِ لَهَا طَلَبُ الزِّيَادَةِ اهـ وَكَذَا لَوْ صَالَحَتْهُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ غَلَا السِّعْرُ أَوْ رَخُصَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَا تُقَدَّرُ بِدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ) أَيْ لَا تُقَدَّرُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِحَيْثُ لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ فِي كُلِّ مَكَان وَزَمَانٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ تَقْدِيرِهَا عَلَى الْمُعْسِرِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا شَاهَدَ فِي زَمَانِهِ، وَإِنَّمَا عَلَى الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ بِالْمَعْرُوفِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ: فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>