للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ: لَوْ قَتَّرَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهَا لِلْقَاضِي لِتَأْكُلَ مِمَّا فَرَضَ لَهَا خَوْفًا عَلَيْهَا مِنْ الْهُزَالِ فَإِنَّهُ يَضُرُّهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَرْفَعَهَا لِلْقَاضِي لِلُبْسِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الزِّينَةَ حَقُّهُ.

(وَتُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً) وَسِرْوَالًا وَمَا يُدْفَعُ بِهِ أَذَى حَرٍّ وَبَرْدٍ (وَلِحَافًا وَفِرَاشًا) وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَعْتَزِلُ عَنْهُ أَيَّامَ حَيْضِهَا وَمَرَضِهَا (إنْ طَلَبَتْهُ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ يَسَارًا وَإِعْسَارًا وَحَالًا وَبَلَدًا) اخْتِيَارٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ خُفُّهَا بَلْ خُفُّ أَمَتِهَا مُجْتَبًى. وَفِي الْبَحْرِ: قَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا أَمْتِعَةٌ مِنْ فُرُشٍ وَنَحْوِهَا لَا يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ يَأْمُرُهَا بِفَرْشِ أَمْتِعَتِهَا لَهُ وَلِأَضْيَافِهِ جَبْرًا عَلَيْهَا وَذَلِكَ حَرَامٌ كَمَنْعِ كُسْوَتِهَا. اهـ لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي الْمَهْرِ عَنْهُ

ــ

[رد المحتار]

إذَا أَرَادَ فَرْضَ النَّفَقَةِ أَنْ يَنْظُرَ فِي سِعْرِ الْبَلَدِ وَيَنْظُرَ مَا يَكْفِيهَا بِحَسَبِ عُرْفِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَيُقَوِّمَ الْأَصْنَافَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يُقَدِّرَ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، إمَّا بِاعْتِبَارِ حَالِهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ حَالِهِمَا كَمَا مَرَّ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْمُجْتَبَى إنْ شَاءَ فَرَضَ لَهَا أَصْنَافًا وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَفَرَضَ لَهَا بِالْقِيمَةِ. اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي مَا عَزَاهُ إلَى الِاخْتِيَارِ وَالْمَجْمَعِ مِنْ عَدَمِ تَقْدِيرِهَا بِدَرَاهِمَ: أَيْ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ بَلْ هُوَ مُؤَكِّدٌ لَهُ وَمُفَسِّرٌ، فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِدْرَاكِ عَلَيْهِ؛ فَالْأَوْلَى جَعْلُ قَوْلِهِ لَكِنْ إلَخْ اسْتِدْرَاكًا عَلَى قَوْلِهِ وَيُقَدِّرُهَا بِقَدْرِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ يُفِيدُ أَنَّ الْقَاضِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ فَرْضِهَا أَصْنَافًا: أَيْ مِنْ خُبْزٍ وَإِدَامٍ وَدُهْنٍ وَصَابُونٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي عَدَمُ إنْفَاقِهِ بِنَفْسِهِ يَأْمُرُهُ بِدَفْعِ ذَلِكَ أَوْ بِقِيمَتِهِ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا، وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِدْرَاكُ صَحِيحٌ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا (قَوْلُهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَرْفَعَهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْفَعَهَا إلَخْ لِيُفِيدَ أَنَّهُ بَحْثٌ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَنْ الْخُلَاصَةِ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَتُزَادُ فِي الشِّتَاءِ إلَخْ) أَيْ تُزَادُ عَلَى مَا قَدَّرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْكُسْوَةِ بِدِرْعَيْنِ وَخِمَارَيْنِ وَمِلْحَفَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ. قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: إنَّ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ، أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَيَجِبُ السَّرَاوِيلُ وَالْجُبَّةُ وَالْفِرَاشُ وَاللِّحَافُ وَمَا تَدْفَعُ بِهِ أَذَى الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَفِي الشِّتَاءِ دِرْعُ خَزْرَجِيَّةِ قَزٍّ وَخِمَارُ إبْرَيْسَمَ. اهـ. وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ عَلَى عَادَتِهِمْ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ حَرًّا وَبَرْدًا وَالْعَادَاتِ، فَعَلَى الْقَاضِي اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ بِالْمَعْرُوفِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ، وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي النَّفَقَةِ مِنْ اعْتِبَارِ حَالِهِ أَوْ حَالِهِمَا فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْكُسْوَةِ.

(قَوْلُهُ وَمَا يَدْفَعُ إلَخْ) مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَذْكُورُ، إذْ عَطْفُهُ عَلَى جُبَّةٍ لَا يُنَاسِبُهُ تَقْيِيدُ الْفِعْلِ بِالشِّتَاءِ، وَمَا يَدْفَعُ أَذَى الْحَرِّ يُنَاسِبُ الصَّيْفَ (قَوْلُهُ إنْ طَلَبَتْهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَيُقَدِّرُهَا وَقَوْلِهِ وَتُزَادُ (قَوْلُهُ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ إلَخْ) هُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَعَنْ الذَّخِيرَةِ، وَقَوْلُهُ وَحَالًا: أَيْ حَالَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، فَهُوَ عَطْفٌ مُرَادِفٌ تَأَمَّلْ، وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَوَقْتًا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ خُفُّهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْخُفَّ وَالْإِزَارَ فِي كُسْوَةِ الْمَرْأَةِ وَذَكَرَهُمَا فِي كُسْوَةِ الْخَادِمِ وَذَلِكَ فِي دِيَارِهِمْ بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَفِي دِيَارِنَا يُفْرَضُ الْإِزَارُ وَالْمُكَعَّبُ وَمَا تَنَامُ عَلَيْهِ. اهـ وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: وَلَمْ يُوجِبْ مُحَمَّدٌ الْإِزَارَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْتَاجُ لِلْخُرُوجِ وَالْمَرْأَةُ مَنْهِيَّةٌ عَنْهُ، قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: هَذَا التَّعْلِيلُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُفْرَضُ لِلْمَرْأَةِ الْإِزَارُ فِي دِيَارِنَا أَيْضًا. اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اخْتَلَفَ التَّعْلِيلُ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْإِزَارِ، فَقِيلَ لِلْعُرْفِ وَلِذَا أَوْجَبَهُ الْخَصَّافُ لِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ فِي زَمَانِهِ وَقِيلَ لِحُرْمَةِ الْخُرُوجِ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّهَا يَحِلُّ لَهَا الْخُرُوجُ فِي مَوَاضِعَ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ سَاتِرٍ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا مَدَاسُ رِجْلِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا تَلْبَسُهُ فِي الْبَيْتِ، وَكَذَا الْخُفُّ أَوْ الْجَوْرَبُ فِي الشِّتَاءِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ الشَّدِيدِ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَحْرِ إلَخْ) وَعِبَارَتُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا تَسْلِيمُ نَفْسِهَا فِي بَيْتِهِ، وَعَلَيْهِ لَهَا جَمِيعُ مَا يَكْفِيهَا بِحَسَبِ حَالِهَا مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلُبْسٍ وَفُرُشٍ، وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَمَتَّعَ بِمَا هُوَ مِلْكُهَا وَلَا أَنْ تَفْرِشَ لَهُ شَيْئًا مِنْ فُرُشِهَا إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>