للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَجَعَ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ ذَخِيرَةٌ. وَلَوْ خَاصَمَتْهُ الْأُمُّ فِي نَفَقَتِهِمْ فَرَضَهَا الْقَاضِي وَأَمَرَهُ بِدَفْعِهَا لِلْأُمِّ مَا لَمْ تَثْبُتْ خِيَانَتُهَا فَيَدْفَعُ لَهَا صَبَاحًا وَمَسَاءً أَوْ يَأْمُرُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَصَحَّ صُلْحُهَا عَنْ نَفَقَتِهِمْ وَلَوْ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ تَدْخُلُ تَحْتَ التَّقْدِيرِ، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ طُرِحَتْ، وَلَوْ عَلَى مَا لَا يَكْفِيهِمْ زِيدَتْ بَحْرٌ؛ وَلَوْ ضَاعَتْ رَجَعَتْ بِنَفَقَتِهِمْ دُونَ حِصَّتِهَا. وَفِي الْمُنْيَةِ: أَبٌ مُعْسِرٌ وَأُمٌّ مُوسِرَةٌ تُؤْمَرُ الْأُمُّ بِالْإِنْفَاقِ وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْأَبِ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْجَدِّ الْمُوسِرِ،

ــ

[رد المحتار]

يَكْتَسِبْ لِعَدَمِ تَيَسُّرِ الْكَسْبِ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ الْقَرِيبُ إلَخْ؛ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ إنْفَاقَ الْقَرِيبِ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ عَجْزِ الْأَبِ عَنْ الْكَسْبِ؛ وَيُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْهُ يَتَكَفَّفُ؛ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَتَكَفَّفُ إنْ لَمْ يُوجَدْ قَرِيبٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ، وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَنْقُولَتَيْنِ آنِفًا عَنْ الْخَصَّافِ؛ لَكِنْ فِي الثَّانِيَةِ أَمَرَ الزَّوْجَةَ بِالِاسْتِدَانَةِ؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مُعْسِرَةً؛ فَلَوْ مُوسِرَةً تُنْفِقُ مِنْ مَالِهَا لِتَرْجِعَ، وَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهَا أَوْلَى بِالتَّحَمُّلِ مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ.

مَطْلَبٌ. الْكَلَامُ عَلَى نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ) فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ: إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ وَالْجَدُّ أَوْ الْأُمُّ أَوْ الْخَالُ أَوْ الْعَمُّ مُوسِرٌ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ الصَّغِيرِ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ، وَكَذَا يُجْبَرُ الْأَبْعَدُ إذَا غَابَ الْأَقْرَبُ؛ فَإِنْ كَانَ لَهُ أُمٌّ مُوسِرَةٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهَا؛ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ إلَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ فِي الْأَوَّلِ. اهـ فَتْحٌ. قُلْت: وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ الْأَبَ فِي نَفَقَةِ أَوْلَادِهِ أَحَدٌ فَلَا يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ بِمُجَرَّدِ إعْسَارِهِ لِتَجِبَ النَّفَقَةُ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ بَلْ تُجْعَلُ دَيْنًا عَلَيْهِ؛ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ تَصْحِيحَ خِلَافِهِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إصْلَاحِ الْمُتُونِ؛ وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ زَمِنًا عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ وَإِلَّا قُضِيَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْجَدِّ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَبِ حِينَئِذٍ وَاجِبَةٌ عَلَى الْجَدِّ فَكَذَا نَفَقَةُ الصِّغَارِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَنَا الْآنَ فِي الْأَبِ الْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ خَاصَمَتْهُ الْأُمُّ) أَيْ بِأَنْ شَكَتْ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ أَوْ أَنَّهُ يُقَتِّرُ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَثْبُتْ خِيَانَتُهَا) أَيْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إنَّهَا لَا تُنْفِقُ أَوْ تُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ وَدَعْوَى الْخِيَانَةِ عَلَى الْأَمِينِ لَا تُسْمَعُ بِلَا حُجَّةٍ فَيَسْأَلُ الْقَاضِي جِيرَانَهَا مِمَّنْ يُدَاخِلُهَا؛ فَإِنْ أَخْبَرُوهُ بِمَا قَالَ الْأَبُ زَجَرَهَا، وَمَنَعَهَا عَنْ ذَلِكَ نَظَرًا لَهُمْ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ فَيَدْفَعُ لَهَا إلَخْ) هَذَا نَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ عَقِبَ مَا مَرَّ فَقَالَ: إنْ شَاءَ الْقَاضِي دَفَعَهَا إلَى ثِقَةٍ يَدْفَعُ لَهَا صَبَاحًا وَمَسَاءً وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهَا جُمْلَةً، وَإِنْ شَاءَ أَمَرَ غَيْرَهَا لِيُنْفِقَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ وَصَحَّ صُلْحُهَا) قِيلَ فِي وَجْهِهِ إنَّ الْأَبَ هُوَ الْعَاقِدُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَقِيلَ مِنْ جَانِبِ نَفْسِهِ وَالْأُمُّ مِنْ جَانِبِ الصِّغَارِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ مِنْ أَسْبَابِ الْحَضَانَةِ وَهِيَ لِلْأُمِّ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ تَدْخُلُ تَحْتَ التَّقْدِيرِ) تَفْسِيرٌ لِلْيَسِيرَةِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَشَرَةً، وَإِذَا نَظَرَ النَّاسَ فَبَعْضُهُمْ يُقَدِّرُ الْكِفَايَةَ بِعَشَرَةٍ وَبَعْضُهُمْ بِتِسْعَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى خَمْسَةَ عَشْرَ أَوْ عَلَى عِشْرِينَ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ حِينَئِذٍ تُطْرَحُ عَنْ الْأَبِ. قُلْت: وَتَقَدَّمَ مَتْنًا أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ عَلَى نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ قَالَ لَا أُطِيقُ ذَلِكَ فَهُوَ لَازِمٌ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ سِعْرُ الطَّعَامِ إلَخْ. وَالْفَرْقُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ النَّفَقَةَ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ وَالْكِفَايَةِ، وَفِي حَقِّ الزَّوْجَةِ مُعَارَضَتُهُ عَنْ الِاحْتِبَاسِ، وَلِذَا لَوْ مَضَى الْوَقْتُ وَبَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ يَقْضِي بِأُخْرَى لَهَا لَا لَهُ وَكَذَا لَوْ ضَاعَتْ (قَوْلُهُ زِيدَتْ) أَيْ إلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ضَاعَتْ إلَخْ) الْفَرْقُ مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا (قَوْله وَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْجَدِّ الْمُوسِرِ) أَيْ لَوْ كَانَ مَعَ الْأُمِّ الْمُوسِرَةِ جَدٌّ مُوسِرٌ أَيْضًا تُؤْمَرُ الْأُمُّ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهَا لِتَرْجِعَ عَلَى الْأَبِ، وَلَا يُؤْمَرُ الْجَدُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الصَّغِيرِ فَالْأُمُّ أَوْلَى بِالتَّحَمُّلِ مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>