للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الصَّوَابِ بَدَائِعُ (بِقَدْرِ الْإِرْثِ) - {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣]- (وَ) لِذَا (يُجِيرُ عَلَيْهِ) . ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِرْثِ بِقَوْلِهِ (فَنَفَقَةٌ مَنْ) أَيْ فَقِيرٍ (لَهُ أَخَوَاتٌ مُتَفَرِّقَاتٌ) مُوسِرَاتٌ (عَلَيْهِنَّ أَخْمَاسًا) وَلَوْ إخْوَةً مُتَفَرِّقِينَ فَسُدُسُهَا عَلَى الْأَخِ لِأُمٍّ وَالْبَاقِي عَلَى الشَّقِيقِ (كَإِرْثِهِ) وَكَذَا لَوْ كَانَ مَعَهُنَّ أَوْ مَعَهُمْ ابْنٌ مُعْسِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ لِيَصِيرُوا وَرَثَةً، وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُ بِنْتٌ فَنَفَقَةُ الْأَبِ عَلَى الْأَشِقَّاءِ فَقَطْ لِإِرْثِهِمْ مَعَهَا، وَعِنْدَ التَّعَدُّدِ يُعْتَبَرُ

ــ

[رد المحتار]

عِلَّةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي خَادِمِ الْأَبِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبُيُوتَاتِ لَا يَتَعَاطَى خِدْمَةَ نَفْسِهِ بِيَدِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ بِقَدْرِ الْإِرْثِ) أَيْ تَجِبُ نَفَقَةُ الْمَحْرَمِ الْفَقِيرِ عَلَى مَنْ يَرِثُونَهُ إذَا مَاتَ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ مِنْهُ (قَوْلُهُ {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] أَيْ مِثْلُ الرِّزْقِ وَالْكُسْوَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ فَأَنَاطَ اللَّهُ تَعَالَى النَّفَقَةَ بِاسْمِ الْوَارِثِ فَوَجَبَ التَّقْدِيرُ بِالْإِرْثِ ط (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِلْآيَةِ الشَّرِيفَةِ حَيْثُ عَبَّرَ فِيهَا بِعَلَى الْمُفِيدَةِ لِلْإِلْزَامِ ط. وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَيْنَ قَوْلِهِ وَلِذَا، وَقَوْلِهِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: يُنْظَرُ مَا الْمُرَادُ بِالْجَبْرِ هُنَا، هَلْ هُوَ الْحَبْسُ أَوْ غَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْقَضَاءِ حَبْسَهُ لِنَفَقَةِ الْوِلَادَةِ، وَمُفَادُهُ عَدَمُ الْحَبْسِ لِغَيْرِهِمْ. قُلْت: وَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا حُبِسَ الْأَبُ فَغَيْرُهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يُحْبَسُ فِي دَيْنِ وَلَدِهِ سِوَى النَّفَقَةِ، عَلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْقَضَاءِ أَنَّهُ يُحْبَسُ لِنَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ، وَأَمَّا مَا سَيَذْكُرُهُ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ مِنْ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ يُضْرَبُ وَلَا يُحْبَسُ فَهُوَ خَطَأٌ فِي النَّقْلِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلِمَمْلُوكِهِ.

(قَوْلُهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِنْفَاقِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنَا أُطْعِمُك وَلَا أَدْفَعُ شَيْئًا لَا يُجَابُ بَلْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيِّ فَقِيرٍ) مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِالْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ إنْ كَانَ ذَكَرًا بَالِغًا وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ أُنْثَى، فَمُجَرَّدُ الْفَقْرِ كَافٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَهُ أَخَوَاتٌ مُتَفَرِّقَاتٌ) أَيْ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ أَخْمَاسًا) ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ عَلَى الشَّقِيقَةِ وَخُمُسٌ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ، وَخُمُسٌ عَلَى الْأُخْتِ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّهُنَّ لَوْ وَرِثْنَهُ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ: ثَلَاثَةٌ لِلْأُولَى وَسَهْمٌ لِلثَّانِيَةِ وَسَهْمٌ لِلثَّالِثَةِ وَسَهْمٌ يُرَدُّ عَلَيْهِنَّ، فَتَصِيرُ الْمَسْأَلَةُ رَدِّيَّةً مِنْ خَمْسَةٍ. اهـ ح وَكَذَلِكَ تَبْقَى النَّفَقَةُ أَخْمَاسًا عِنْدَ عَدَمِ الرَّدِّ بِأَنْ كَانَ مَعَهُنَّ ابْنُ عَمٍّ، إذْ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْرَمٍ، فَلَوْ كَانَ بَدَلُهُ عَمٌّ عَصَبِيٌّ تَصِيرُ أَسْدَاسًا (قَوْلُهُ وَلَوْ إخْوَةً مُتَفَرِّقِينَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ إخْوَةً مُتَفَرِّقِينَ (قَوْلُهُ فَسُدُسُهَا) أَيْ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَخِ لِأُمٍّ وَالْبَاقِي عَلَى الشَّقِيقِ لِسُقُوطِ الْأَخِ لِأَبٍ بِالشَّقِيقِ فِي الْإِرْثِ ح (قَوْلُهُ كَإِرْثِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ كَإِرْثِهِمْ إيَّاهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَعَهُنَّ أَيْ مَعَ الْأَخَوَاتِ أَوْ مَعَهُمْ أَيْ مَعَ الْإِخْوَةِ (قَوْلُهُ ابْنٌ مُعْسِرٌ) أَيْ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ عَاجِزٌ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، إذْ لَوْ كَانَ صَحِيحًا أُمِرَ بِالْكَسْبِ لِيُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَبِيهِ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ الَّتِي رَجَّحَهَا الزَّيْلَعِيُّ وَالْكَمَالُ. وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ نَفَقَةَ ذَلِكَ الِابْنِ عَلَى عَمَّتِهِ الشَّقِيقَةِ فِي الْأُولَى وَعَمِّهِ الشَّقِيقِ فِي الثَّانِيَةِ،؛ لِأَنَّ الْأَبَ الْمُعْسِرَ كَالْمَيِّتِ فَيَكُونُ إرْثُ الِابْنِ لِعَمِّهِ أَوْ عَمَّتِهِ الْمَذْكُورَيْنِ فَقَطْ فَكَذَا نَفَقَتُهُ (قَوْلُهُ لِيَصِيرُوا وَرَثَةً) أَيْ وَيُقْضَى عَلَيْهِمْ بِالنَّفَقَةِ، وَمَا لَمْ يُجْعَلْ الِابْنُ كَالْمَعْدُومِ لَا تَصِيرُ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ وَرَثَةً فَيَتَعَذَّرُ إيجَابُ النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ ط (قَوْلُهُ فَنَفَقَةُ الْأَبِ عَلَى الْأَشِقَّاءِ) أَيْ عَلَى الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَعَلَى الْأَخِ الشَّقِيقِ فِي الثَّانِيَةِ فَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ، وَقَوْلُهُ لِإِرْثِهِمْ أَيْ الْأَشِقَّاءِ مَعَهَا: أَيْ مَعَ الْبِنْتِ فَلَا تُجْعَلُ الْبِنْتُ كَالْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُحْرِزُ كُلَّ الْمِيرَاثِ، وَإِنَّمَا يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ مَنْ يُحْرِزُ كُلَّ الْمِيرَاثِ لِيَنْظُرَ إلَى مَنْ يَرِثُ بَعْدَهُ فَتَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ. فَفِي مَسْأَلَةِ الِابْنِ تَجِبُ عَلَى كُلِّ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ، وَهُنَا عَلَى الْأَشِقَّاءِ فَقَطْ لِسُقُوطِ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ.

(قَوْلُهُ وَعِنْدَ التَّعَدُّدِ) أَيْ تَعَدُّدِ الْمُعْسِرِينَ وَالْمُوسِرِينَ، وَالْأَوْلَى وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ فِي قَرَابَةِ مَنْ تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ يُنْظَرُ إلَى الْمُعْسِرِ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>