للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيُنْفِقُ مِنْهَا) عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ لِلْمَبْسُوطِ، لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِإِنْفَاقِهِ بِمَا اسْتَدَانَهُ حَتَّى لَوْ اسْتَدَانَ وَأَنْفَقَ مِنْ غَيْرِهِ وَوَفَّى مِمَّا اسْتَدَانَهُ لَمْ تَسْقُطْ أَيْضًا. اهـ. (فَلَوْ مَاتَ الْأَبُ) أَوْ مَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ (بَعْدَهَا) أَيْ الِاسْتِدَانَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَهِيَ) أَيْ النَّفَقَةُ (دَيْنٌ) ثَابِتٌ (فِي تَرِكَتِهِ فِي الصَّحِيحِ) بَحْرٌ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ تَصْحِيحَ مَا يُخَالِفُهُ، وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْخُلَاصَةِ قَائِلًا: وَلَوْ لَمْ تَرْجِعْ حَتَّى مَاتَ لَمْ تَأْخُذْهَا مِنْ تَرِكَتِهِ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ مُلَخَّصًا، فَتَأَمَّلْ.

وَفِي الْبَدَائِعِ: الْمُمْتَنِعُ مِنْ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ الْمَحْرَمِ يُضْرَبُ وَلَا يُحْبَسُ لِفَوَاتِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ فَيَسْتَدْرِكُ بِالضَّرْبِ، -

ــ

[رد المحتار]

الْأَبِ إلَّا بِالْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ لِعُمُومِ وِلَايَةِ الْقَاضِي، فَإِذَا كَانَ دَيْنًا عَلَيْهَا صَارَ مِنْ مَالِهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِنْفَاقِ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَالٍ آخَرَ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُمِرَتْ بِالِاسْتِدَانَةِ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا فَإِنَّهَا تَكُونُ مُتَبَرِّعَةً، فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَقَامِ (قَوْلُهُ وَيُنْفِقَ مِنْهَا) الْأَوْلَى مِنْهُ: أَيْ مِمَّا اسْتَدَانَهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ فِي النَّهْرِ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ عَنْ الْبَحْرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ وَيُنْفِقَ مِمَّا اسْتَدَانَهُ تَحْقِيقُ الِاسْتِدَانَةِ، فَهُوَ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَدِنْ وَأَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الشَّرْطِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: فَلَوْ أَنْفَقَ بَعْدَ الْإِذْنِ بِالِاسْتِدَانَةِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ صَدَقَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ.

وَحِينَئِذٍ فَلَا خِلَافَ وَسَقَطَ التَّنْظِيرُ، أَفَادَهُ ط. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْفَاقَ مِمَّا اسْتَدَانَهُ غَيْرُ شَرْطٍ، لَكِنْ قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: لَوْ أَنْفَقَ مِنْ غَيْرِهِ. فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ نَفَقَةً لِغِنَاهُ بِهِ أَوْ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَهُوَ اسْتِدَانَةٌ وَيَصْدُقُ أَنَّهُ أَنْفَقَ مِمَّا اسْتَدَانَهُ. لَكِنَّ صَاحِبَ النَّهْرِ مُولَعٌ بِالِاعْتِرَاضِ عَلَى أَخِيهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. اهـ. قُلْت: لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ قَبْلَ الِاسْتِدَانَةِ، أَمَّا بَعْدَ أَنْ اسْتَدَانَ وَصَارَ مَا اسْتَدَانَهُ دَيْنًا عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَهَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ عَنْ قَرِيبِهِ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ كِفَايَةً لِلْحَاجَةِ، وَقَدْ حَصَلَتْ بِمَا صَارَ مَعَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِمَّا اسْتَدَانَهُ حَتَّى يُنْفِقَ مَا مَعَهُ، وَلِذَا لَوْ دَفَعَ لَهُ الْقَرِيبُ نَفَقَةَ شَهْرٍ قَضَى الشَّهْرَ وَبَقِيَ مَعَهُ شَيْءٌ لَمْ يَقْضِ لَهُ بِأُخْرَى مَا لَمْ يُنْفِقْ مَا بَقِيَ، أَمْ لَا تَسْقُطُ لِكَوْنِ مَا اسْتَدَانَهُ صَارَ مِلْكَهُ، وَلِذَا لَوْ عَجَّلَ لَهُ نَفَقَةَ مُدَّةٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ لَا يُسْتَرَدُّ شَيْءٌ مِنْهَا اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِي مَوْتِ الزَّوْجَةِ أَوْ طَلَاقِهَا، فَمَا اسْتَدَانَهُ فِي حُكْمِ الْمُعَجَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَحَيْثُ مَلَكَهُ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْهُ أَوْ مِنْ الصَّدَقَةِ، لَكِنْ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِدَانَةُ ثَانِيًا مَا لَمْ يَفْرُغْ جَمِيعُ مَا مَعَهُ لِتَتَحَقَّقَ الْحَاجَةُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اسْتَدَانَ بِأَمْرِ قَاضٍ صَارَ مِلْكَهُ؛ وَلِذَا لَوْ مَاتَ الْقَرِيبُ بَعْدَهَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ، فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يُنْفِقَ مِنْهُ أَوْ مِمَّا مَلَكَهُ بَعْدَ الِاسْتِدَانَةِ بِصَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ أَوْ مَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ فَالْأَبُ غَيْرُ قَيْدٍ (قَوْلُهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ فِي تَرِكَتِهِ) فَلِلْأُمِّ أَنْ تَأْخُذَهَا مِنْ تَرِكَتِهِ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) أَيْ عِنْدَ الْفَتْوَى مَا هُوَ الْأَوْلَى مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْمُصَحَّحَيْنِ. قُلْت: لَكِنْ نُقِلَ الثَّانِي فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْخَصَّافِ الْأَوَّلَ عَنْ الْأَصْلِ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ تَصْحِيحَ الْخَصَّافِ لَا يُصَادِمُ تَصْحِيحَ الْأَصْلِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالنِّسَاءِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ. اهـ أَيْ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ.

وَفِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ: وَلَوْ مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ الْمُسْتَدَانَةُ بِإِذْنٍ لَمْ تَسْقُطْ فِي الصَّحِيحِ فَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ خِلَافَهُ. اهـ. وَوَفَّقَ ط بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِمَا لَا يَظْهَرُ، وَعَزَا مَا فِي الْمَتْنِ إلَى الْكَنْزِ وَالْوِقَايَةِ وَالْإِيضَاحِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ الْوَاقِعِ، فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الْمَوْتِ مِمَّا زَادَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُتُونِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ صَاحِبِ الْبَحْرِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْبَدَائِعِ إلَخْ) تَبِعَ فِي النَّقْلِ عَنْهَا صَاحِبَ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. وَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الْبَدَائِعِ عَكْسُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ وَيُحْبَسُ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ كَالزَّوْجَاتِ، أَمَّا غَيْرُ الْأَبِ فَلَا شَكَّ فِيهِ، وَأَمَّا الْأَبُ فَلِأَنَّ فِي النَّفَقَةِ ضَرُورَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>