للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ كِنَايَةً (أَوْ) أَخْبَرَ نَحْوَ (حَرَّرْتُك أَوْ أَعْتَقْتُك أَوْ أَعْتَقَك اللَّهُ) فِي الْأَصَحِّ ظَهِيرِيَّةٌ (أَوْ هَذَا مَوْلَايَ أَوْ) نَادَى نَحْوَ (يَا مَوْلَايَ) أَوْ يَا مَوْلَاتٍ، بِخِلَافِ أَنَا عَبْدُك فِي الْأَصَحِّ (أَوْ يَا حُرُّ أَوْ يَا عَتِيقُ) . وَلَوْ قَالَ أَرَدْت الْكَذِبَ أَوْ حُرِّيَّتَهُ مِنْ الْعَمَلِ دُيِّنَ (إلَّا إذَا سَمَّاهُ بِهِ) وَأَشْهَدَ وَقْتَ تَسْمِيَتِهِ خَانِيَةً، فَلَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يُرِدْ الْإِنْشَاءَ، وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ (ثُمَّ) بَعْدَ تَسْمِيَتِهِ بِالْحُرِّ (إذَا نَادَاهُ)

ــ

[رد المحتار]

الْفِقْهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالنِّيَّةِ فِي أَنْتَ عَتْقٌ أَوْ إعْتَاقٌ، فَفِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ كَانَ كِنَايَةً) فَيُتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ حُرٌّ فَقِيلَ لَهُ لِمَنْ عَنَيْت، فَقَالَ عَبْدِي عَتَقَ عَبْدُهُ بَحْرٌ.

قُلْت: لَكِنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ لَيْسَتْ نِيَّةَ مَعْنَى الْعِتْقِ بَلْ نِيَّةُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَدَأَ الْمَحْذُوفَ لَمَّا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُهُ عَبْدِي وَأَنْ يَكُونَ عَبْدَ فُلَانٍ مَثَلًا تَوَقَّفَ إعْتَاقُ عَبْدِهِ عَلَى قَصْدِهِ إيَّاهُ لَا عَلَى قَصْدِهِ مَعْنَى التَّحْرِيرِ الشَّرْعِيِّ، وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ كِنَايَةٌ نَظَرٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ أَخْبَرَ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَصَفَهُ بِهِ: أَيْ أَتَى بِصِيغَةِ الْخَبَرِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْإِنْشَاءِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّرِيحِ وَهُوَ مَا وُضِعَ لَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَعْتَقَكَ اللَّهُ؛ لِأَنِّي أَعْتَقْتُك، وَعَنْ هَذَا أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ فِي أَبْرَأَكَ اللَّهُ أَنَّهُ يَبْرَأُ وَلَا سِيَّمَا وَالْعُرْفُ يُسَاعِدُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْخُلْعِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ مَا قِيلَ: إنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ بِالنِّيَّةِ كَمَا حَكَاهُ فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ أَوْ هَذَا مَوْلَايَ) فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَأْتِي لِمَعَانٍ أَوْصَلَهَا ابْنُ الْأَثِيرِ إلَى نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ كَالنَّاصِرِ وَابْنِ الْعَمِّ وَالْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ وَالْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ إلَّا أَنَّ إضَافَتَهُ لِلْعَبْدِ تُعَيِّنُ الْأَخِيرَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَأَيَّدَهُ الْأَتْقَانِيُّ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَرَدَّهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْبَحْرِ. وَفِيهِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا: لَوْ قَالَ أَنْتِ مَوْلَى فُلَانٍ عَتَقَ قَضَاءً كَأَنْتَ عَتِيقُ فُلَانٍ بِخِلَافِ أَعْتَقَك فُلَانٌ (قَوْلُهُ أَوْ نَادَى) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَصَفَهُ ط؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ لِاسْتِحْضَارِ الْمُنَادَى فَإِذَا نَادَاهُ بِوَصْفٍ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ كَانَ تَحْقِيقًا لِذَلِكَ الْوَصْفِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ نَحْوُ يَا مَوْلَايَ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِيَا سَيِّدِي أَوْ يَا سَيِّدَ أَوْ يَا مَالِكِي، إلَّا بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُذْكَرُ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ وَالْإِكْرَامِ بَحْرٌ أَيْ وَحَقِيقَتُهُ كَذِبٌ، بِخِلَافِ يَا مَوْلَايَ. وَفِي النَّهْرِ: وَقِيلَ يَعْتِقُ وَالْأَصَحُّ لَا، مَا لَمْ يَنْوِ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ.

حُكِيَ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ جَاءَتْ جَارِيَتُهُ بِسِرَاجٍ فَوَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهَا مَا أَصْنَعُ بِالسِّرَاجِ فَوَجْهُكِ أَضْوَأُ مِنْ السِّرَاجِ يَا مَنْ أَنَا عَبْدُكِ، قَالَ: هَذِهِ كَلِمَةُ لُطْفٍ لَا تَعْتِقُ بِهَا، هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْعِتْقَ، فَإِنْ نَوَى عَنْ مُحَمَّدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ دُيِّنَ) أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى، أَمَّا الْقَاضِي فَلَا يُصَدِّقُهُ، وَكَذَا لَوْ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ كَمَا يَذْكُرُهُ قَرِيبًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْهَزْلَ أَوْ اللَّعِبَ فَإِنَّهُ لَا يُدَيَّنُ أَيْضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَوَجْهُهُ: أَنَّهُ قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِمَا هُوَ مَوْضُوعٌ لِلْعِتْقِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ مَعْنًى آخَرَ فَتَعَيَّنَ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ، أَمَّا هُنَا فَقَدْ أَرَادَ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَصْلُحُ لَهُ اللَّفْظُ، فَصَحَّ قَصْدُهُ دِيَانَةً لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلِذَا لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُنْتَقَى: لَهُ عِنْدَ حِلِّ دَمِهِ بِالْقِصَاصِ، فَقَالَ لَهُ أَعْتَقْتُك ثُمَّ قَالَ نَوَيْت بِهِ الْعِتْقَ عَنْ الدَّمِ عَتَقَ قَضَاءً وَلَزِمَهُ الْعَفْوُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعَفْوُ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْقِصَاصِ كَانَ كَمَا قَالَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ قِصَاصٌ فَقَالَ أَعْتَقْتُك فَهُوَ عَفْوٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا (قَوْلُهُ إلَّا إذَا سَمَّاهُ) ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ الْإِعْلَامُ بِاسْمِ عَلِمَهُ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ وَأَشْهَدَ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ سَمَّاهُ بِذَلِكَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِهِ عِنْدَ النَّاسِ، فَلَوْ مَعْرُوفًا بِهِ لَا يَعْتِقُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ) رَدَّ عَلَى مَا فِي التَّنْقِيحِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ سَمَّى الْمَرْأَةَ بِطَالِقٍ حَيْثُ يَقَعُ إذَا نَادَاهَا؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ التَّسْمِيَةُ بِحُرٍّ كَالْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، بِخِلَافِ طَالِقٍ فَإِنَّهُ لَمْ تُعْهَدْ التَّسْمِيَةُ بِهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَلَمَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْهُودًا وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا أَشْهَدَ وَقْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>