للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك وَلَا بِأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ) صَرِيحِهِ وَكِنَايَتِهِ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ نَوَى) قُيِّدَ لِلْأَخِيرَةِ لِتَوَقُّفِهِ فِي النِّدَاءِ عَلَى النِّيَّةِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، وَكَذَا نَفَى السُّلْطَانُ كَمَا رَجَّحَهُ الْكَمَالُ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ.

(وَ) كَذَا (أَنْتِ مِثْلُ الْحُرِّ) يَعْتِقُ بِالنِّيَّةِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَغَيْرُهُ (إلَّا فِي قَوْلِهِ) أَطْلَقْتُك وَلَوْ لِعَبْدِهِ فَتْحٌ (أَمْرُك بِيَدِك أَوْ اخْتَارِي فَإِنَّهُ عِتْقٌ مَعَ النِّيَّةِ) فَإِنَّهُ مِنْ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ أَيْضًا، وَلَا بِدْعَ بَدَائِعَ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ، وَكَذَا اخْتَرْ الْعِتْقَ أَوْ أَمْرُ عِتْقِكَ بِيَدِك وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِلنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ كَالطَّلَاقِ، وَلَا عِتْقَ بِنَحْوِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ

ــ

[رد المحتار]

وَعَنْهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالنِّدَاءِ اسْتِحْضَارُ الْمُنَادَى، فَإِنْ كَانَ بِوَصْفٍ يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ مِنْ جِهَتِهِ نَحْوُ يَا حُرٌّ كَانَ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ الْوَصْفِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَالْبُنُوَّةِ كَانَ لِمُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ، إذْ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ النَّسَبُ تَصْدِيقًا لَهُ فَيَعْتِقُ. اهـ. وَلَوْ قَالَ يَا أَخِي مِنْ أُمِّي أَوْ أَبِي أَوْ مِنْ النَّسَبِ عَتَقَ كَمَا مَرَّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْكَ) ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحُجَّةِ وَالْيَدِ وَنَفْيُ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَسْتَدْعِي نَفْيَ الْمِلْكِ كَالْمُكَاتَبِ يَثْبُتُ لِلْمَوْلَى فِيهِ الْمِلْكُ دُونَ الْيَدِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ) وَهُوَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِأَلْفَاظِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ إزَالَةَ مِلْكِ الرَّقَبَةِ تَسْتَلْزِمُ إزَالَةَ مِلْكِ الْمُتْعَةِ بِلَا عَكْسٍ دُرَرٌ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ قَيْدٌ لِلْأَخِيرَةِ) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ نَوَى رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ وَهِيَ أَلْفَاظُ الطَّلَاقِ، أَمَّا الْأُولَى وَهِيَ مَسْأَلَةُ النِّدَاءِ وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ نَفْيِ السُّلْطَانِ فَيَتَوَقَّفُ وُقُوعُ الْعِتْقِ فِيهِمَا عَلَى النِّيَّةِ فَهُمَا مِنْ كِنَايَاتِهِ. (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْكَمَالِ) أَيْ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ، وَكَذَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْهَا عَنْ التُّحْفَةِ وَقَالَ: فَحِينَئِذٍ لَا يَنْبَغِي الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ أَيْضًا. قُلْت: بَلْ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ بَحْثِ الْفَتْحِ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْعِتْقُ بِلَا نِيَّةٍ إذَا كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ (قَوْلُهُ كَمَا رَجَّحَهُ الْكَمَالُ) وَنَقَلَهُ أَيْضًا عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَا سَبِيلَ. وَعَنْ الْإِمَامِ الْكَرْخِيِّ: فَنِيَ عُمْرِي وَلَمْ يَتَّضِحْ لِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ تَقْرِيرِ عَدَمِ الْفَرْقِ. وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ كَوْنُهُ مِنْ الْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ) وَكَذَا فِي النَّهْرِ والشُّرُنبُلالِيَّة وَالْمَقْدِسِيِّ.

(قَوْلُهُ يَعْتِقُ بِالنِّيَّةِ) الْأَوْلَى لَا يَعْتِقُ إلَّا بِالنِّيَّةِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَغَيْرُهُ) أَيْ ذَكَرَ اشْتِرَاطَ النِّيَّةِ لِلْعِتْقِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَغَايَةِ الْبَيَانِ، وَعَزَاهُ فِي النَّهْرِ إلَى الْعِنَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي قَوْلِهِ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَبِأَلْفَاظِ الطَّلَاقِ، وَزَادَ قَوْلَهُ أَطْلَقْتُك مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ لِتَكْمِيلِ مَا اسْتَثْنَى، وَلَكِنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَمْرِ بِالْيَدِ، وَالِاخْتِيَارُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ كِنَايَاتِ التَّفْوِيضِ لَا كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ اخْتَارِي) عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ إلَى الْبَدَائِعِ. قُلْت: وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ فَفِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَمَتِهِ: أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي بِهِ الْعِتْقَ يَصِيرُ الْعِتْقُ بِيَدِهَا حَتَّى لَوْ أَعْتَقَتْ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ جَازَ، وَلَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي يَنْوِي الْعِتْقَ لَا يَصِيرُ الْعِتْقُ فِي يَدِهَا، فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ اخْتَارِي فِي الْعِتْقِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الطَّلَاقِ. اهـ كَلَامُ الذَّخِيرَةِ، وَكَذَا صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا لَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ، وَإِنْ نَوَاهُ. اهـ. وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي كَافِي الْحَاكِمِ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ وَالْكَافِي هُوَ نَصُّ الْمَذْهَبِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فَاغْتَنِمْهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا بِدَعُ) أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ أَمْرًا مُنْفَرِدًا خَارِجًا عَنْ نَظَائِرِهِ، وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ فَهُوَ مِنْ كِنَايَاتِ الْعِتْقِ أَيْضًا: أَيْ كَمَا أَنَّهُ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ الْعِتْقَ وَغَيْرَهُ كَانَ مِنْ كِنَايَاتِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَيَتَوَقَّفُ) أَيْ الْعِتْقُ فِي أَمْرُك بِيَدِك وَاخْتَارِي، بِخِلَافِ أَطْلَقْتُك فَإِنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ حَتَّى يَتَوَقَّفَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِلنِّيَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ حَيْثُ ذَكَرَ لَفْظَ الْعِتْقِ ح (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ) تَعْلِيلٌ لِلتَّشْبِيهِ: أَيْ وَكَذَا اخْتَرْ الْعِتْقَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>