وَلَيْسَ لِلْقَائِلِ أَبٌ مَعْرُوفٌ - ثَبَتَ النَّسَبُ أَيْضًا مَا لَمْ يَقُلْ ابْنِي مِنْ الزِّنَا فَيَعْتِقُ فَقَطْ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ فِيمَا سِوَى دَعْوَى الْبُنُوَّةِ؟ قَوْلَانِ، وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ. وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: هَذِهِ بِنْتِي أَوْ لِأَمَتِهِ هَذَا ابْنِي افْتَقَرَ لِلنِّيَّةِ وَفِي هَذَا خَالِي أَوْ عَمِّي عَتَقَ وَأَخِي لَا، مَا لَمْ يَنْوِ مِنْ النَّسَبِ (لَا) يَعْتِقُ (بِيَا ابْنِي وَيَا أَخُو) وَيَا أُخْتِي وَيَا أَبِي -
ــ
[رد المحتار]
الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ فِي مَوْلِدِهِ وَمَسْقَطِ رَأْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْقَائِلِ أَبٌ مَعْرُوفٌ) أَرَادَ بِالْأَبِ الْأَصْلَ فَيَشْمَلُ الْجَدَّ وَالْأُمَّ. قَالَ ط: وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَجُهِلَ نَسَبُهُمْ (قَوْلُهُ فَيَعْتِقُ فَقَطْ) أَيْ بِلَا ثُبُوتِ نَسَبٍ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ بِاعْتِبَارِ الْجُزْئِيَّةِ، وَالزِّنَا يَنْفِي النِّسْبَةَ الشَّرْعِيَّةَ لَا الْجُزْئِيَّةَ (قَوْلُهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ) أَيْ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ تَصْدِيقُ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ، فَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَ السَّيِّدِ عَلَى مَمْلُوكِهِ يَصِحُّ بِلَا تَصْدِيقٍ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ فِيمَا سِوَى دَعْوَى الْبُنُوَّةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَمْلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ زَيْلَعِيٌّ. قُلْت: وَمَشَى فِي كَافِي الْحَاكِمِ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ: وَصُدِّقَا فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الِابْنِ (قَوْلُهُ وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: ثُمَّ إذَا قَالَ هَذَا ابْنِي هَلْ تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إذَا كَانَتْ فِي مِلْكِهِ؟ فَقِيلَ لَا سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مَجْهُولَ النَّسَبِ أَوْ مَعْرُوفَهُ، وَقِيلَ تَصِيرُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ حَتَّى لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَهُ حَتَّى ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَهَذَا أَعْدَلُ. اهـ
وَبِهِ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي مَحَلِّ التَّفْصِيلِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ افْتَقَرَ لِلنِّيَّةِ) فِيهِ نَظَرٌ. فَفِي الْمُجْتَبَى: قَالَ لِغُلَامِهِ هَذِهِ بِنْتِي أَوْ لِجَارِيَتِهِ هَذَا ابْنِي يَعْتِقُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ لَا يَعْتِقُ عِنْدَ الْكُلِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ. وَقَالَ فِي النَّهْرِ: قَالَ فِي الْمُجْتَبَى: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ يَعْنِي إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ لِأَمَتِهِ أَنْتَ حُرٌّ ذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَفِي بَعْضِهَا كِنَايَةٌ. اهـ فَقَوْلُهُ: يَعْنِي إلَّا بِالنِّيَّةِ إلَخْ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْمُجْتَبَى كَمَا عَلِمْت، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ لَا يَدُلُّ لَهُ لِجَوَازِ كَوْنِ التَّأْنِيثِ فِي قَوْلِهِ لِلْعَبْدِ أَنْتِ حُرَّةٌ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ ذَاتًا أَوْ جُثَّةً أَوْ نَسَمَةً، وَالتَّذْكِيرُ فِي قَوْلِهِ لِلْأَمَةِ أَنْتَ حُرٌّ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا شَخْصًا أَوْ خَلْقًا بِخِلَافِ إطْلَاقِ الْبِنْتِ عَلَى الِابْنِ وَعَكْسِهِ، لِمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ حَيْثُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَجَازٌ عَنْ عِتْقٍ فِي الذَّكَرِ وَالثَّانِي عَنْهُ فِي الْأُنْثَى، فَانْتَفَى حَقِيقَتُهُ لِانْتِفَاءِ مَحَلٍّ يَنْزِلُ فِيهِ، وَلَا يُتَجَوَّزُ فِي لَفْظِ الِابْنِ فِي الْبِنْتِ وَعَكْسِهِ اتِّفَاقًا. ثُمَّ قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ الْهِدَايَةِ بَيَانٌ لِتَعَذُّرِ عِتْقِهِ بِطَرِيقٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ تَعَلَّقَ بِالْمُشَارِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى، وَالْمُشَارُ إلَيْهِ هُنَا مَعَ الْمُسَمَّى جِنْسَانِ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فِي الْإِنْسَانِ جِنْسَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْمُسَمَّى: أَعْنِي مُسَمَّى بِنْتٍ، وَهُوَ مَعْدُومٌ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ ذَكَرٌ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ كَوْنُ الْكَلَامِ لَغْوًا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ سَوَاءٌ نَوَى أَوْ لَا.
وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لِلْعَبْدِ هَذَا بِنْتِي أَوْ هَذِهِ بِنْتِي بِتَذْكِيرِ اسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ تَأْنِيثِهِ؛ لِأَنَّ اللَّغْوَ جَاءَ مِنْ إطْلَاقِ الْبِنْتِ عَلَى الِابْنِ حَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، وَمِنْ كَوْنِهِ خِلَافَ جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاعَ فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَيَدُلُّ لِمَا قُلْنَا: أَنَّهُ فِي مَتْنِ الْمُنْتَقَى عَبَّرَ بِقَوْلِهِ هَذَا ابْنَتِي (قَوْله عَتَقَ) أَيْ بِلَا خِلَافٍ فَتْحٌ، وَيَنْبَغِي تَوَقُّفُهُ عَلَى النِّيَّةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَأَخِي لَا) أَيْ وَفِي قَوْلِهِ هَذَا أَخِي لَا يَعْتِقُ بِدُونِ نِيَّةٍ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفَرَّقَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّ الْأُخُوَّةَ تَحْتَمِلُ الْإِكْرَامَ وَالنَّسَبَ، بِخِلَافِ الْعَمِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ لِلْإِكْرَامِ عَادَةً وَهَذَا كُلُّهُ إذَا اقْتَصَرَ؛ فَلَوْ قَالَ أَخُو مِنْ أَبِي أَوْ مِنْ أُمِّي أَوْ مِنْ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ يَكُونُ مِنْ الْكِنَايَاتِ فَيَعْتِقُ بِالنِّيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَا يَعْتِقُ بِيَا ابْنِي وَيَا أَخِي) أَيْ بِدُونِ نِيَّةٍ كَمَا يَأْتِي. قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute