للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ لِلتَّبَرُّدِ، فَلَوْ تَوَضَّأَ مُتَوَضِّئٌ لِتَبَرُّدٍ أَوْ تَعْلِيمٍ أَوْ لِطِينٍ بِيَدِهِ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا اتِّفَاقًا كَزِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثِ بِلَا نِيَّةِ قُرْبَةٍ، وَكَغَسْلِ نَحْوِ فَخِذٍ أَوْ ثَوْبٍ طَاهِرٍ أَوْ دَابَّةٍ تُؤْكَلُ (أَوْ) لِأَجْلِ (إسْقَاطِ فَرْضٍ) هُوَ الْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ كَمَا نَبَّهَ

ــ

[رد المحتار]

لِلتَّبَرُّدِ فَرَفْعُ الْحَدَثِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِلتَّبَرُّدِ) قِيلَ فِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ عِنْدَهُ إلَّا بِإِقَامَةِ الْقُرْبَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا لَوْ انْغَمَسَ فِي الْبِئْرِ لِطَلَبِ الدَّلْوِ بِأَنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ. قَالَ السَّرَخْسِيُّ: وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُ اسْتِعْمَالُهُ بِإِزَالَةِ الْحَدَثِ إلَّا لِلضَّرُورَةِ كَمَسْأَلَةِ الْبِئْرِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ تَوَضَّأَ مُتَوَضِّئٌ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِأَجْلِ قُرْبَةٍ أَوْ رَفْعِ حَدَثٍ، لَكِنْ أَوْرَدَ أَنَّ تَعْلِيمَ الْوُضُوءِ قُرْبَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ التَّوَضُّؤَ نَفْسَهُ لَيْسَ قُرْبَةً بَلْ تَعْلِيمٌ وَهُوَ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْهُ وَلِذَا يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِطِينٍ) أَيْ وَنَحْوُهُ كَوَسَخٍ لِعَدَمِ إزَالَةِ الْحَدَثِ وَإِقَامَةِ الْقُرْبَةِ، وَكَذَا لَوْ وَصَلَتْ شَعْرَ آدَمِيٍّ بِذُؤَابَتِهَا فَغَسَلْته لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمُ الْبَدَنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَسَلَ رَأْسَ مَقْتُولٍ قَدْ بَانَ مِنْهُ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. [فَائِدَةٌ]

قَالَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُحْدِثَ تَكْفِيهِ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ الطِّينِ وَنَحْوِهِ وَعَنْ الْحَدَثِ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

(قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةِ قُرْبَةٍ) بِأَنْ أَرَادَ الزِّيَادَةَ عَلَى الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ. أَمَّا لَوْ أَرَادَ بِهَا ابْتِدَاءَ الْوُضُوءِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا بَدَائِعُ: أَيْ إذَا كَانَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا كَانَ بِدْعَةً كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ، فَلَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا، وَهَذَا أَيْضًا إذَا اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ بَحْرٌ، لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمَكْرُوهَ تَكْرَارُهُ فِي مَجْلِسٍ مِرَارًا.

(قَوْلُهُ: نَحْوُ فَخِذٍ) أَيْ مِمَّا لَيْسَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَهُوَ مُحْدِثٌ لَا جُنُبٌ، وَقِيلَ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِحُلُولِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ بِكُلِّ الْبَدَنِ وَغَسْلُ الْأَعْضَاءِ رَافِعٌ عَنْ الْكُلِّ تَخْفِيفًا وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ، وَأَفَادَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَا يَشْمَلُ الْمَسْنُونَةَ مَعَ نِيَّةِ فِعْلِ السُّنَّةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبٍ طَاهِرٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ الْجَامِدَاتِ كَالْقُدُورِ وَالْقِصَاعِ وَالثِّمَارِ قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ دَابَّةٍ تُؤْكَلُ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُبْتَغَى. قَالَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ: وَتَقْيِيدُهُ بِالْمَأْكُولَةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا كَذَلِكَ لَا تُنَجِّسُ الْمَاءَ وَلَا تَسْلُبُ طُهُورِيَّتَهُ كَالْحِمَارِ وَالْفَأْرَةِ وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ إلَى فَمِهَا اهـ وَذَكَرَ الرَّحْمَتِيُّ نَحْوَهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَجْلِ إسْقَاطِ فَرْضٍ) فِيهِ مَا فِي قَوْلِهِ أَوْ لِأَجْلِ رَفْعِ حَدَثٍ، وَهَذَا سَبَبٌ ثَالِثٌ لِلِاسْتِعْمَالِ زَادَهُ فِي الْفَتْحِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْجُبِّ الْمَذْكُورَةِ، وَمِنْ تَعْلِيلِهَا الْمَنْقُولِ عَنْ الْإِمَامِ بِسُقُوطِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَلَا رَفْعِ حَدَثٍ لِعَدَمِ تَجَزِّيهِ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: هُوَ الْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِتَدَنُّسِ الْمَاءِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِأَنَّ الْمَعْلُومَ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ أَنَّ الْآلَةَ الَّتِي تُسْقِطُ الْفَرْضَ وَتُقَامُ بِهَا الْقُرْبَةُ تَتَدَنَّسُ كَمَالِ الزَّكَاةِ تَدَنَّسَ بِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ حَتَّى جُعِلَ مِنْ الْأَوْسَاخِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: وَاَلَّذِي نَعْقِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ التَّقَرُّبِ وَالْإِسْقَاطِ مُؤَثِّرٌ فِي التَّغَيُّرِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ انْفَرَدَ وَصْفُ التَّقَرُّبِ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَأَثَّرَ التَّغَيُّرُ حَتَّى حَرُمَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَرَفْنَا أَنَّ كُلًّا أَثَّرَ تَغَيُّرًا شَرْعِيًّا. اهـ. أَقُولُ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْقُرْبَةَ أَصْلٌ أَيْضًا، بِخِلَافِ رَفْعِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي ضِمْنِ الْقُرْبَةِ أَوْ إسْقَاطِ الْفَرْضِ أَوْ فِي ضِمْنِهِمَا فَكَانَ فَرْعًا، وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِهِمَا عَنْهُ، فَيَكُونُ الْمُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْأَصْلَيْنِ فَقَطْ

<<  <  ج: ص:  >  >>