للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ الْكَمَالُ، بِأَنْ يَغْسِلَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ أَوْ يُدْخِلَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ فِي جُبٍّ لِغَيْرِ اغْتِرَافٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا لِسُقُوطِ الْفَرْضِ اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ يَزُلْ حَدَثُ عُضْوِهِ أَوْ جَنَابَتِهِ مَا لَمْ يُتِمَّ لِعَدَمِ تَجَزِّيهِمَا زَوَالًا وَثُبُوتًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ

قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ أَوْ سُنَّةٌ لِيَعُمَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ، فَتَأَمَّلْ (إذَا انْفَصَلَ عَنْ عُضْوٍ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ) فِي شَيْءٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ إذَا اسْتَقَرَّ، وَرُجِّحَ لِلْحَرَجِ. وَرُدَّ بِأَنَّ مَا يُصِيبُ مِنْدِيلَ الْمُتَوَضِّئِ وَثِيَابَهُ عَفْوٌ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَثُرَ (وَهُوَ طَاهِرٌ)

ــ

[رد المحتار]

فَيُقَالُ: هُوَ مَا اُسْتُعْمِلَ فِي قُرْبَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا رَفْعُ حَدَثٍ أَوْ إسْقَاطُ فَرْضٍ، أَوْ لَا وَلَا، أَوْ فِي إسْقَاطِ فَرْضٍ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ قُرْبَةٌ أَوْ رَفْعُ حَدَثٍ، أَوْ لَا وَلَا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ فَيْضِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ فَاغْتَنِمْهُ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَغْسِلَ) أَيْ الْمُحْدِثُ أَوْ الْجُنُبُ بَعْضَ أَعْضَائِهِ: أَيْ الَّتِي يَجِبُ غَسْلُهَا احْتِرَازًا عَنْ غَسْلِ الْمُحْدِثِ نَحْوَ الْفَخِذِ كَمَا مَرَّ. ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْغُسْلَ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ لِيُغَايِرَ قَوْلَهُ أَوْ يُدْخِلَ يَدَهُ إلَخْ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ أَدْخَلَ الْكَفَّ لِلْغُسْلِ فَسَدَ تَأَمَّلْ، ثُمَّ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا إنْ كَانَ إصْبَعًا أَوْ أَكْثَرَ دُونَ الْكَفِّ لَا يَضُرُّ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا يَخْلُو مِنْ حَاجَتِهِ إلَى تَأَمُّلِ وَجْهِهِ.

(قَوْلُهُ: فِي حُبٍّ) بِالْمُهْمَلَةِ: الْجَرَّةُ، أَوْ الضَّخْمَةُ مِنْهَا قَامُوسٌ.

(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ اغْتِرَافٍ) بَلْ لِلتَّبَرُّدِ أَوْ غَسْلِ يَدِهِ مِنْ طِينٍ أَوْ عَجِينٍ، فَلَوْ قَصَدَ الِاغْتِرَافَ وَنَحْوَهُ كَاسْتِخْرَاجِ كُوزٍ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا لِلضَّرُورَةِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا) الْمُرَادُ أَنَّ مَا اتَّصَلَ بِالْعُضْوِ وَانْفَصَلَ عَنْهُ مُسْتَعْمَلٌ عَلَى مَا مَرَّ وَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: لِسُقُوطِ الْفَرْضِ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ غَسْلِ ذَلِكَ الْعُضْوِ عِنْدَ غَسْلِ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ مَنْقُولٌ عَنْ الْإِمَامِ كَمَا مَرَّ، فَلَا يُقَالُ إنَّ الْعِلَّةَ زَوَالُ الْحَدَثِ زَوَالًا مَوْقُوفًا كَذَا فِي الْبَحْرِ، عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ التَّعْلِيلُ بِمَا هُوَ الْأَصْلُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ زَوَالَ الْحَدَثِ فَرْعٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَزَلْ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ إنْ وَزِيَادَةَ أَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ نِيَّةُ الْقُرْبَةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْبَحْرِ، لِيَكُونَ بَيَانًا لِوَجْهِ زِيَادَةِ هَذَا السَّبَبِ الثَّالِثِ، وَأَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ مِنْ السَّبَبَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَمَا فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا تَتِمُّ زِيَادَتُهُ بِتَقْدِيرِ أَنَّ إسْقَاطَ الْفَرْضِ لَا ثَوَابَ فِيهِ وَإِلَّا كَانَ قُرْبَةً اعْتَرَضَهُ ط بِأَنَّ إسْقَاطَ الْفَرْضِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ وَلَا ثَوَابَ بِدُونِهَا، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً.

(قَوْلُهُ: جَنَابَتُهُ) أَيْ جَنَابَةُ الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ فِي صُورَةِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتِمَّ) أَيْ مَا لَمْ يَغْسِلْ بَقِيَّةَ الْأَعْضَاءِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي حَوَاشِي الْمَجْمَعِ: الْحَدَثُ يُقَالُ بِمَعْنَيَيْنِ: بِمَعْنَى الْمَانِعِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ عَمَّا لَا يَحِلُّ بِدُونِ الطَّهَارَةِ، وَهَذَا لَا يَتَجَزَّأُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَبِمَعْنَى النَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ، وَهَذَا يَتَجَزَّأُ ثُبُوتًا وَارْتِفَاعًا بِلَا خِلَافٍ أَيْضًا وَصَيْرُورَةُ الْمَاءِ مُسْتَعْمَلًا بِإِزَالَةِ الثَّانِيَةِ. اهـ. أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ يَتَجَزَّأُ الثَّانِي ثُبُوتًا كَمَا فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَكْبَرِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْبَدَنِ، وَفِي عَدَمِ تَجَزُّؤِ الْأَوَّلِ بِلَا خِلَافٍ نَظَرٌ لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ الْقِرَاءَةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ بَعْدَ غَسْلِ الْفَمِ وَالْيَدِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ أَوْ سُنَّةٌ) فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تُقَامُ إلَّا بِنِيَّتِهَا فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ لِأَجْلِ قُرْبَةٍ، وَإِنْ قَصَدَ بِغَسْلِ نَحْوِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ مُجَرَّدَ التَّنْظِيفِ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا كَمَا مَرَّ عَنْ الرَّمْلِيِّ فَلَمْ تُوجَدْ السُّنَّةُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي حَاشِيَةِ ح، ثُمَّ قَالَ: وَكَأَنَّهُ إلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ إذَا اسْتَقَرَّ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي مَكَان مِنْ أَرْضٍ أَوْ كَفٍّ أَوْ ثَوْبٍ وَيَسْكُنُ عَنْ التَّحَرُّكِ، وَحَذَفَهُ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْتِقْرَارِ التَّامَّ مِنْهُ وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ مَشَايِخِ بَلْخٍ وَاخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ الْمُخْتَارُ إلَّا أَنَّ الْعَامَّةَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَأَثَرُ الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ انْفَصَلَ فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَأَجْرَاهُ عَلَيْهِ صَحَّ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ نَهْرٌ. قُلْت: وَقَدْ مَرَّ أَنَّ أَعْضَاءَ الْغُسْلِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ انْفَصَلَ مِنْهُ فَسَقَطَ عَلَى عُضْوٍ آخَرَ مِنْ أَعْضَاءِ الْمُغْتَسِلِ فَأَجْرَاهُ عَلَيْهِ صَحَّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَرُجِّحَ لِلْحَرَجِ) لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِاسْتِعْمَالِهِ بِالِانْفِصَالِ فَقَطْ لَتَنَجَّسَ ثَوْبُ الْمُتَوَضِّئِ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَفِيهِ حَرَجٌ عَظِيمٌ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

(قَوْلُهُ: عَفْوٌ اتِّفَاقًا) أَيْ لَا مُؤَاخَذَةَ فِيهِ حَتَّى عِنْدَ الْقَائِلِ بِالنَّجَاسَةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ طَاهِرٌ إلَخْ) رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ الْإِمَامِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>