وَهُوَ الْأَصْلُ (وَ) ضَمِنَ (الْمُدَبَّرَ مُعْتِقُهُ ثُلُثَهُ مُدَبَّرَا لَا مَا ضَمِنَهُ) الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِهِ قُلْنَا لِنَقْصِهِ بِتَدْبِيرِهِ وَسَيَجِيءُ أَنَّ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ قِنًّا (وَالْوَلَاءُ بَيْنَ الْمُعْتِقِ وَالْمُدَبِّرِ أَثْلَاثًا: ثُلُثَاهُ لِلْمُدَبِّرِ، وَمَا بَقِيَ لِلْمُعْتِقِ) لِعِتْقِهِ هَكَذَا عَلَى مِلْكِهِمَا.
(وَلَوْ قَالَ: هِيَ أُمُّ وَلَدِ شَرِيكِي وَأَنْكَرَ) شَرِيكُهُ، وَلَا بَيِّنَةَ (تَخْدِمُهُ يَوْمًا وَتَتَوَقَّفُ) بِلَا خِدْمَةٍ (يَوْمًا) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ، وَنَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهَا وَإِلَّا فَعَلَى الْمُنْكِرِ وَجِنَايَتُهَا مَوْقُوفَةٌ
ــ
[رد المحتار]
ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ، مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ لِنَقْصِهِ بِتَدْبِيرِهِ) عِلَّةٌ لِتَضْمِينِهِ الْمُعْتِقَ ثُلُثَهُ مُدَبَّرًا فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَهُ فَإِنَّ الْمُعْتِقَ أَفْسَدَ عَلَى الْمُدَبِّرِ نَصِيبَهُ مُدَبَّرًا وَالضَّمَانُ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْمُتْلَفِ زَيْلَعِيٌّ وَأَمَّا عِلَّةُ تَضْمِينِهِ الْمُعْتِقَ ثُلُثَهُ قِنًّا وَهُوَ مَا مَلَكَهُ الْمُدَبَّرُ مِنْ جِهَةِ السَّاكِتِ فَهِيَ أَنَّ مِلْكَهُ ثَبَتَ مُسْتَنِدًا: أَيْ إلَى مَا قَبْلَ الْإِعْتَاقِ فَكَانَ ثَابِتًا مِنْ وَجْهٍ غَيْرَ ثَابِتٍ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ التَّضْمِينِ وَلِهَذَا قُلْنَا: لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ تَضْمِينِ السَّاكِتِ الْمُدَبِّرِ كَانَ لِلْمُدَبَّرِ تَضْمِينُ الْمُعْتِقِ ثُلُثَ قِيمَتِهِ قِنًّا مَعَ ثُلُثِهِ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ وُجِدَ بَعْدَ تَمَلُّكِ الْمُدَبَّرِ نَصِيبَ السَّاكِتِ فَلَهُ تَضْمِينُ كُلِّ ثُلُثٍ بِصِفَتِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِمَا كَانَ لَهُ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ، فَإِنْ كَانَ السَّاكِتُ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ ثُلُثِهِ صَارَ لِلْمُدَبَّرِ الثُّلُثَانِ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ ثُلُثٌ مُدَبَّرٌ وَثُلُثٌ قِنٌّ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهَا عَلَى الْمُعْتِقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَمِنَ لِلسَّاكِتِ شَيْئًا حَتَّى أَعْتَقَ الْآخَرُ يَرْجِعُ الْمُدَبِّرُ بِمَا ضَمِنَهُ لِلسَّاكِتِ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا مَرَّ، وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ ثُلُثِهِ الْمُدَبَّرِ عَلَى الْمُعْتِقِ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ فِي الْمَتْنِ آخِرَ بَابِ التَّدْبِيرِ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قِنًّا سَبْعًا وَعِشْرِينَ دِينَارًا ضَمِنَ: أَيْ الْمُعْتِقُ لِلْمُدَبِّرِ سِتَّةَ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ ثُلُثَيْهَا وَهُوَ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثُلُثَهَا وَهُوَ الْمَضْمُونُ سِتَّةٌ، وَالْمُدَبِّرُ يَضْمَنُ لِلسَّاكِتِ تِسْعَةً (قَوْلُهُ أَثْلَاثًا) هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ. وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُدَبِّرِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَقَدْ أَهْمَلَ الشُّرَّاحُ التَّنْبِيهَ عَلَى ذَلِكَ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ لِعِتْقِهِ هَكَذَا عَلَى مِلْكِهِمَا) فَإِنَّ أَحَدَ الثُّلُثَيْنِ كَانَ لِلْمُدَبِّرِ أَصَالَةً وَالْآخَرُ تَمَلَّكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ لِلسَّاكِتِ فَصَارَ كَأَنَّهُ دَبَّرَ ثُلُثَيْهِ مِنْ الِابْتِدَاءِ، بِخِلَافِ الْمُعْتِقِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ ثُلُثٌ أَعْتَقَهُ وَثُلُثٌ أَدَّى ضَمَانَهُ لِلْمُدَبِّرِ لَيْسَ لَهُ إلَّا ثُلُثُ الْوَلَاءِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ ضَمَانُ إفْسَادٍ لَا ضَمَانُ تَمَلُّكٍ وَمُعَاوَضَةٍ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمُدَبَّرَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلنَّقْلِ وَحِينَ أَعْتَقَهُ كَانَ مُدَبَّرًا، وَلَوْ كَانَ السَّاكِتُ اخْتَارَ سِعَايَةَ الْعَبْدِ فَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِكُلٍّ ثُلُثُهُ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ) فَلَوْ صَدَّقَهُ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَزِمَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَنِصْفُ عُقْرِهَا كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ) أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ صَدَّقَهُ (قَوْلُهُ تَخْدُمُهُ) أَيْ الْمُنْكِرَ (قَوْلُهُ بِلَا خِدْمَةٍ) أَيْ لَا تَخْدُمُ أَحَدًا، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا لِلْمُنْكِرِ وَلَا لِلْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَبَرَّأُ مِنْهَا وَيَدَّعِي الضَّمَانَ عَلَى شَرِيكِهِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُهُ الثَّانِي آخِرًا كَمَا فِي الْأَصْلِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَيْسَ لِلْمُنْكِرِ إلَّا الِاسْتِسْعَاءُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَنَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهَا) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي الْمُخْتَلِفِ فِي بَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّ نَفَقَتَهَا فِي كَسْبِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ فَعَلَى الْمُنْكِرِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا فِي النَّفَقَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: نِصْفُ كَسْبِهَا لِلْمُنْكِرِ وَنِصْفُهُ مَوْقُوفٌ وَنَفَقَتُهَا مِنْ كَسْبِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ فَنِصْفُ نَفَقَتِهَا عَلَى الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْجَارِيَةِ لِلْمُنْكِرِ: وَهَذَا اللَّائِقُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ وَنَسَبَهُ الْعَيْنِيُّ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَجِنَايَتُهَا مَوْقُوفَةٌ) أَيْ إلَى تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ فَتْحٌ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ جِنَايَتِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ. وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهَا مَوْقُوفَةٌ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ دُونَ الْمُنْكِرِ فَيَأْخُذُ نِصْفَ الْأَرْشِ، وَأَمَّا جِنَايَتُهَا فَقِيلَ هِيَ كَذَلِكَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ فِي حَقِّهَا؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إيجَابُهَا فِي نَصِيبِ الْمُنْكِرِ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهَا لَهَا مِنْ غَيْرِ صُنْعٍ مِنْهُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ، فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ فِي نَصِيبِهِ ضَرُورَةً كَالْمُقِرِّ، بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ إلَى الْمُنْكِرِ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute