(وَلَا قِيمَةَ لِأُمِّ وَلَدٍ) إلَّا لِضَرُورَةِ إسْلَامِ أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ وَقَوَّمَاهَا بِثُلُثِ قِيمَتِهَا قِنَّةً (فَلَا يَضْمَنُ غِنًى أَعْتَقَهَا مُشْتَرِكَةً) بِأَنْ وَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا ضَمَانَ وَلَا سِعَايَةَ، خِلَافًا لَهُمَا (وَ) إنَّمَا (تَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ) إجْمَاعًا (فَلَوْ قَرَّبَهَا إلَى سَبُعٍ فَافْتَرَسَهَا ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ غَصْبٍ، وَلِذَا يَضْمَنُ الصَّبِيَّ الْحَرَّ بِمِثْلِهِ زَيْلَعِيٌّ.
(وَلَوْ قَالَ لِعَبْدَيْنِ عِنْدَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ لَهُ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَخَرَجَ وَاحِدٌ وَدَخَلَ آخَرُ فَأَعَادَ) قَوْلَهُ أَحَدُكُمَا حُرٌّ، فَمَا دَامَ حَيًّا يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ. -
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ أُمُّ الْوَلَدِ لَا قِيمَةَ لَهَا خِلَافًا لَهُمَا (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةِ إسْلَامِ أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ) فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا وَهُوَ ثُلُثُ قِيمَتِهَا قِنَّةٌ كَمَا يَأْتِي فِي الِاسْتِيلَادِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ تَقَوُّمَهَا وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ، وَحَكَمْنَا بِكِتَابَتِهَا عَلَيْهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا، إذْ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهَا مَمْلُوكَةً لَهُ وَلَا إخْرَاجُهَا مَجَّانًا ط عَنْ الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ وَقَوَّمَاهَا) أَيْ قَالَا لَهَا قِيمَةٌ. وَهِيَ ثُلُثُ قِيمَتِهَا قِنَّةً (قَوْلُهُ فَلَا يَضْمَنُ غَنِيٌّ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا مَهَّدَهُ بِهِ يَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ، وَقَيَّدَ بِالْغَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، أَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا بَلْ تَسْعَى عِنْدَهُمَا لِلسَّاكِتِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا (قَوْلُهُ فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا إلَخْ) أَيْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ كُلُّهَا، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهَا، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعْتِقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خَانِيَّةٌ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ عِتْقَ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَتَجَزَّأُ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ كُلُّهَا بِعِتْقِ بَعْضِهَا اتِّفَاقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ) أَيْ وَلَدًا آخَرَ بَعْدَ الْوَلَدِ الْمُشْتَرَكِ ط (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ) أَيْ لَا يَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ الْوَلَدِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ كَأُمِّهِ فَلَا يَكُونُ مُتَقَوِّمًا عِنْدَهُ بَحْرٌ عَنْ الْكَافِي، وَقَوْلُهُ وَلَا سِعَايَةَ: أَيْ عَلَى الْوَلَدِ وَلَا عَلَى أُمِّهِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ الْمُوسِرُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَوْ مُعْسِرًا تَسْعَى الْأُمُّ فِي الْأُولَى وَالْوَلَدُ فِي الثَّانِيَةِ.
[تَنْبِيهٌ] زَعَمَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ مَا هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الِاسْتِيلَادِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى وَلَدَ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَضَمِنَ عِنْدَهُمَا قِيمَتَهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا لَا قِيمَةَ وَلَدِهَا، وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِيهِ، فَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ وَلَدَ الْقِنَّةِ فَكَيْفَ يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا وَلَدَ أُمِّ وَلَدِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُعَلَّقْ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَدَ الْقِنَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَّقَ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا يَغْرَمُهُ، بِخِلَافِ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ فَلَمْ يَكُنْ الِاسْتِيلَادُ فِي مِلْكِهِ التَّامِّ فَيَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ إجْمَاعًا) أَيْ بِثُلُثِ قِيمَتِهَا قِنَّةً ط. وَاحْتَرَزَ بِالْجِنَايَةِ عَنْ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ، فَلَا تُضْمَنُ بِهِ عِنْدَهُ لَوْ مَاتَتْ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ) كَمَا لَوْ قَتَلَهَا حَيْثُ يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَلِذَا يَضْمَنُ الصَّبِيُّ الْحَرُّ بِمِثْلِهِ) أَيْ بِمِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ فَإِنَّهُ لَوْ قَرَّبَهُ رَجُلٌ إلَى سَبُعٍ فَافْتَرَسَهُ يَضْمَنُ الرَّجُلُ دِيَتَهُ مَعَ أَنَّهُ حُرٌّ لَا قِيمَةَ لَهُ أَصْلًا فَأُمُّ الْوَلَدِ بِالْأَوْلَى، فَلَيْسَ التَّقْيِيدُ بِالْحُرِّ لِلِاحْتِزَازِ عَنْ الْمَمْلُوكِ بَلْ لِكَوْنِ الْحُرِّ أَشْبَهَ أُمَّ الْوَلَدِ فِي عَدَمِ التَّقَوُّمِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ عِنْدَهُ) أَيْ حَضَرَا عِنْدَهُ ط (قَوْلُهُ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ) فَإِنْ بَدَأَ بِبَيَانِ الْإِيجَابِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ عَنَى بِهِ الْخَارِجَ عَتَقَ الْخَارِجُ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِي بَيْنَ الثَّابِتِ وَالدَّاخِلِ وَقَعَ صَحِيحًا لِوُقُوعِهِ بَيْنَ عَبْدَيْنِ فَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ لِهَذَا الْإِيجَابِ، وَإِنْ عَنَى بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ الثَّابِتَ عَتَقَ الثَّابِتُ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِي وَقَعَ لَغْوًا لِوُقُوعِهِ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ بَدَأَ بِبَيَانِ الْإِيجَابِ الثَّانِي، فَإِنْ عَنَى بِهِ الدَّاخِلَ عَتَقَ الدَّاخِلُ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي وَبَقِيَ الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ بَيْنَ الْخَارِجِ وَالثَّابِتِ عَلَى حَالِهِ كَمَا كَانَ فَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ، وَإِنْ عَنَى بِهِ الثَّابِتَ عَتَقَ الثَّابِتُ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي وَعَتَقَ الْخَارِجُ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ لِتَعَيُّنِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute