للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْمِلْكِ إلَّا بِالْإِعْتَاقِ وَالْكِتَابَةِ) تَعْجِيلًا لِلْحُرِّيَّةِ وَسَيَتَّضِحُ فِي بَابِهِ. وَالْحِيلَةُ لِمُرِيدِ التَّدْبِيرِ عَلَى وَجْهٍ يَمْلِكُ بَيْعَهُ أَنْ يُدَبِّرَهُ مُقَيَّدًا كَإِنْ مِتّ وَأَنْتَ فِي مِلْكِي أَوْ إنْ بَقِيت بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ

(وَيُسْتَخْدَمُ) الْمُدَبَّرُ (وَيُسْتَأْجَرُ) وَيُنْكَحُ (وَالْأَمَةُ تُوطَأُ وَتُنْكَحُ) جَبْرًا (وَالْمَوْلَى أَحَقُّ بِكَسْبِهِ وَأَرْشُهُ وَمَهْرِ الْمُدَبَّرَةِ) لِبَقَاءِ مِلْكِهِ فِي الْجُمْلَةِ (وَبِمَوْتِهِ) وَلَوْ حُكْمًا كَلَحَاقِهِ مُرْتَدًّا (عَتَقَ) فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ الْمَوْلَى (مِنْ

ــ

[رد المحتار]

مَتْنًا وَالْأَمَانَاتُ تُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي مُطْلَقًا بِرَهْنٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ الرَّهْنِ الْبَاطِلِ وَلَا حَبْسُهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ فَافْهَمْ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالرَّهْنِ مَدْلُولُهُ الشَّرْعِيُّ، أَمَّا إنْ أُرِيدَ مَدْلُولُهُ اللُّغَوِيِّ وَأَنْ يَكُونَ تَذْكِرَةً فَيَصِحُّ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ. قَالَ: وَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ مُرَادُ الْوَاقِفِ فَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى اللُّغَوِيُّ تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ، وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ تَجْوِيزَ الْوَاقِفِ الِانْتِفَاعَ لِمَنْ يُخْرِجُهُ مِنْ خِزَانَتِهِ مَشْرُوطًا بِأَنْ يَضَعَ فِي الْخِزَانَةِ مَا يَتَذَكَّرُ هُوَ بِهِ إعَادَةَ الْمَوْقُوفِ وَيَتَذَكَّرُ الْخَازِنُ بِهِ مُطَالَبَتَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُ الْوَقْفِ. قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي الْقَوْلِ فِي الدَّيْنِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عِبَارَةَ السُّبْكِيّ بِطُولِهَا: وَأَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ وَحَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَغَيْرُ بَعِيدٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْمِلْكِ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ. وَفِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا: كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَقَعُ فِي الْحُرِّ، نَحْوُ الْبَيْعِ وَالْإِمْهَارِ يُمْنَعُ فِي الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَوْلَى إلَّا أَنَّهُ انْعَقَدَ لَهُ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ، فَكُلُّ تَصَرُّفٍ يُبْطِلُ هَذَا السَّبَبَ يُمْنَعُ الْمَوْلَى مِنْهُ. اهـ فَلِذَا لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَا رَهْنُهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ إلَّا بِالْإِعْتَاقِ) أَيْ بِلَا بَدَلٍ أَوْ بِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَسَيَتَّضِحُ فِي بَابِهِ) إيضَاحُهُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ الَّذِي كُوتِبَ إمَّا أَنْ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إنْ شَاءَ، أَوْ يَسْعَى فِي كُلِّ الْبَدَلِ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ فَقِيرًا لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ. وَأَمَّا إذَا تَرَكَ مَالًا غَيْرَهُ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ مَجَّانًا ط وَهُوَ حَاصِلُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ إنْ بَقِيَتْ إلَخْ) حِيلَةٌ ثَانِيَةٌ اخْتَصَرَهَا مِمَّا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ قَالَ: هَذِهِ أَمَتِي إنْ احْتَجْت إلَى بَيْعِهَا أَبِيعُهَا، وَإِنْ بَقِيَتْ بَعْدَ مَوْتِي فَهِيَ حُرَّةٌ فَبَاعَهَا جَازَ، كَذَا فِي فَتَاوَى الصَّدْرِ الشَّهِيدِ. اهـ فَافْهَمْ.

قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهَا مُدَبَّرَةٌ تَدْبِيرًا مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا. اهـ. قُلْت: كَيْفَ يَصِحُّ كَوْنُ تَدْبِيرِهَا مُطْلَقًا مَعَ تَصْرِيحِهِ بِجَوَازِ بَيْعِهَا فَلِذَا جَزَمَ الشَّارِحُ بِكَوْنِهِ مُقَيَّدًا.

(قَوْلُهُ وَيَسْتَخْدِمُ الْمُدَبَّرُ إلَخْ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ؛ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَيُؤَجَّرُ بَدَلَ وَيُسْتَأْجَرُ كَمَا عَبَّرَ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ جَبْرًا قَيْدٌ لِلْجَمِيعِ: أَيْ لِلْمَوْلَى أَنْ يَجْبُرَهُ عَلَى الْخِدْمَةِ، وَعَلَى أَنْ يُؤْجِرَهُ، وَعَلَى أَنْ يُنْكِحَهُ: أَيْ يُزَوِّجَهُ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَنْ يَطَأَ الْمُدَبَّرَةَ، وَعَلَى أَنْ يُنْكِحَهَا: أَيْ يُزَوِّجَهَا لِغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنَّمَا جَازَتْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ فِيهِ، وَبِهِ تُسْتَفَادُ وِلَايَةُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ (قَوْلُهُ وَأَرْشُهُ) أَيْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا أَرْشُ الْجِنَايَةِ مِنْهُ فَعَلَى الْمَوْلَى، وَيُطَالَبُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَلَا يَضْمَنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَثُرَتْ الْجِنَايَاتُ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَارِثُهُ وَهُوَ تَحْرِيفٌ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ سَيِّدُهُ حَيًّا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا ط (قَوْلُهُ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ فِي الْجُمْلَةِ) تَبِعَ فِيهِ الدُّرَرَ. وَاعْتَرَضَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمُدَبَّرِ كَامِلٌ لِعِتْقِهِ بِقَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ. اهـ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَعْنَى كَمَالِ مِلْكِهِ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ رَقَبَةً وَيَدًا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي نَقْصَهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ لَهُ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْقِنِّ فَإِنَّ مِلْكَهُ كَامِلٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ وَبِمَوْتِهِ) أَيْ الْمَوْلَى (قَوْلُهُ كَلَحَاقِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ. أَيْ مَعَ الْحُكْمِ بِهِ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى، وَكَذَا الْمُسْتَأْمَنُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَدَبَّرَهُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَاسْتُرِقَّ عَتَقَ مُدَبَّرُهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ عَتَقَ فِي آخِرِ جُزْءٍ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ. ثُمَّ قَالَ وَهُوَ التَّحْقِيقُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ.

اهـ. وَمُفَادُهُ أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>