للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِهَا) فَالتَّدْبِيرُ كَوَصِيَّةٍ إلَّا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَشْبَاهٌ، وَيُزَادُ مُدَبِّرُ السَّفِيهِ وَمُدَبَّرٌ قُتِلَ سَيِّدُهُ.

(فَلَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ) الْمُطْلَقُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. وَلَوْ قَضَى بِصِحَّةِ بَيْعِهِ نَفَذَ، وَهَلْ يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ؟ قِيلَ نَعَمْ لَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ بَيْعِهِ صَارَ كَالْحُرِّ (وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُرْهَنُ) فَشَرْطُ وَاقِفِ الْكَتْبِ الرَّهْنَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ فِي يَدِ مُسْتَعِيرِهِ أَمَانَةٌ فَلَا يَتَأَتَّى الْإِيفَاءُ وَالِاسْتِيفَاءُ بِالرَّهْنِ بِهِ بَحْرٌ.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَيُزَادُ مُدَبَّرُ السَّفِيهِ) فِي الْخَانِيَّةِ: يَصِحُّ تَدْبِيرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ بِالثُّلُثِ وَبِمَوْتِهِ يَسْعَى فِي كُلِّ قِيمَتِهِ وَإِنَّ وَصِيَّةَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ بِالثُّلُثِ جَائِزَةٌ. اهـ فَيُطْلَبُ الْفَرْقَ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ هُوَ أَنَّ التَّدْبِيرَ إتْلَافٌ الْآنَ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ، فَلَا إتْلَافَ فِيهَا نَهْرٌ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ يَسْعَى بِكُلِّ قِيمَتِهِ كُلُّ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا كَمَا فِي الْبَحْرِ ح. قُلْت: وَحَيْثُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي كُلِّ قِيمَتِهِ لَمْ يَأْخُذْ حُكْمَ التَّدْبِيرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَكَأَنَّ تَدْبِيرَهُ لَمْ يَصِحَّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَمُدَبَّرٌ قَتَلَ سَيِّدَهُ) يَعْنِي إذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ عَتَقَ وَسَعَى فِي قِيمَتِهِ. وَإِذَا قَتَلَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصِي فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِقَاتِلٍ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ ح.

(قَوْلُهُ فَلَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ الْمُطْلَقُ) اُسْتُشْكِلَ بِمَا إذَا قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَهُ مَمَالِيكُ وَاشْتَرَى مَمَالِيكَ ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ. وَلَوْ بَاعَ الَّذِينَ اشْتَرَاهُمْ صَحَّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَعْدُومِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْمَوْتِ وَإِلَى الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْإِيجَابِ، وَتَمَامُ تَقْرِيرِهِ فِي الْفَتْحِ. قَالَ ط: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَهِبَتُهُ مِنْهُ فَإِعْتَاقٌ بِمَالٍ أَوْ بِلَا مَالٍ، فَلَا إشْكَالَ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ (قَوْلُهُ قِيلَ نَعَمْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: فَإِنْ بَاعَهُ وَقَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلتَّدْبِيرِ، حَتَّى لَوْ عَادَ إلَيْهِ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ مَاتَ لَا يَعْتِقُ، وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَمَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لُزُومُ التَّدْبِيرِ لَا صِحَّةُ التَّعْلِيقِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ وَصْفُ اللُّزُومِ لَا غَيْرُ. اهـ وَقَوْلُهُ وَهَذَا مُشْكِلٌ إلَخْ مِنْ كَلَامِ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قُضِيَ بِبُطْلَانِ بَيْعِهِ صَارَ كَالْحُرِّ) أَيْ فِي سَرَيَانِ الْفَسَادِ إلَى الْقِنِّ إنْ ضُمَّ إلَيْهِ فِي صَفْقَةٍ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَسَيَأْتِي فِي الْبُيُوعِ أَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ بَاطِلٌ لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، فَلَوْ بَاعَهُ الْمَوْلَى فَرَفَعَهُ الْعَبْدُ إلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَحَكَمَ الْحَنَفِيُّ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَلُزُومِ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَقْضِيَ بِجَوَازِ بَيْعِهِ بَعْدَهُ كَمَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ قَاسِمٍ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْقَوَاعِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْحُرِّ؛ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِنٍّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْرِيَ الْفَسَادُ إلَى الْقِنِّ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَحَلِّهِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَلَا يُرْهَنُ) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَالِارْتِهَانَ مِنْ بَابِ إيفَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِيفَائِهِ عِنْدَنَا فَكَانَ مِنْ بَابِ تَمْلِيكِ الْعَيْنِ وَتَمَلُّكِهَا بَحْرٌ عَنْ الْبَدَائِعِ.

مَطْلَبٌ فِي: شَرْطُ وَاقِفِ الْكَتْبِ الرَّهْنُ بِهَا (قَوْلُهُ فَشَرْطُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا كَمَا فَعَلَ فِي الْبَحْرِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. وَوَجْهُ التَّفْرِيعِ أَنَّ الْعِلَّةَ كَمَا أَفَادَتْ أَنَّ الرَّهْنَ لَا بُدَّ أَنْ يُمْكِنَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ، فَقَدْ أَفَادَتْ أَيْضًا أَنَّ الْمَرْهُونَ بِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا مَضْمُونًا يُطَالَبُ بِإِيفَائِهِ، فَبِالنَّظَرِ إلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ بِمَالٍ آخَرَ، وَبِالنَّظَرِ إلَى الثَّانِي لَا يَصِحُّ رَهْنُ مَالٍ بِكَتْبِ الْوَقْفِ، فَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا عَدَمُ صِحَّةِ الرَّهْنِ فِي كُلٍّ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَا تَضُرُّ الْمُغَايَرَةُ فِي كَوْنِ الْمُدَبَّرِ مَرْهُونًا وَالْكَتْبِ مَرْهُونًا بِهَا؟ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَأَتَّى إلَخْ) قِيلَ مُقْتَضَى كَوْنِهَا أَمَانَةٌ أَنَّهَا تُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي، فَمَا الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الرَّهْنِ لِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ؟ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ شَرْطُ الْوَاقِفَيْنِ تَصْحِيحًا لِأَغْرَاضِهِمْ. قُلْت: قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِدَيْنٍ مَضْمُونٍ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْأَمَانَاتِ وَالْوَدَائِعِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>