وَمَجُوسِيٍّ، ثُمَّ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدٍ ثَانٍ بِلَا دَعْوَةٍ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ كَمَا مَرَّ (وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِمَا) إنْ حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِمَا، لَا لَوْ اشْتَرَيَاهَا حُبْلَى لِأَنَّهَا دَعْوَةُ عِتْقٍ فَوَلَاؤُهُ لَهُمَا، وَبِادِّعَاءِ أَحَدِهِمَا يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لَا الْعُقْرَ (وَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ عُقْرِهَا وَتَقَاصَّا إلَّا إذَا كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ) لِأَنَّ الْمَهْرَ بِقَدْرِ الْمِلْكِ
ــ
[رد المحتار]
كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِينَ حِصَّةُ شُرَكَائِهِ مِنْ الْعُقْرِ لِإِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَثْبُتُ إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ مَا إذَا ادَّعَيَاهُ مَعًا وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الْأَوْصَافِ وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا لَا لِصُوَرِ الدَّعْوَى مَعَ الْمُرَجِّحِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ وَالنَّهْرِ خِلَافَهُ، لِمَا عَلِمْت مِنْ تَقْدِيمِ مَنْ مَعَهُ التَّرْجِيحُ وَأَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ، وَحَيْثُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ وَحْدَهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَرِيكٌ فِيهَا فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا عَلَيْهِ.
فَإِذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ ثَانٍ يَثْبُتُ مِنْهُ بِلَا دَعْوًى؛ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَقَطْ وَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ الْمَسْأَلَةُ عَنْ الْمُجْتَبَى. وَاَلَّذِي فِي الْمُجْتَبَى دَلِيلٌ لِمَا قُلْنَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَعْلِيلِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَلِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَسْتَوِيَانِ فِيهِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ الْمُرَجِّحُ لَا يَثْبُتُ مِنْهُمَا، بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَبَا الْآخَرِ أَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا ثَبَتَ مِنْ الْأَبِ وَالْمُسْلِمِ لِوُجُودِ الْمُرَجِّحِ، وَلَمَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا صَارَتْ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا وَيَقَعُ عُقْرُهَا قِصَاصًا، وَلَوْ جَاءَتْ بِآخَرَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ وَاحِدٍ إلَّا بِالدَّعْوَى لِأَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فَتُعْتَبَرُ الدَّعْوَى. اهـ. فَقَوْلُهُ وَلَمَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَا لِمَسْأَلَةِ الْمُرَجِّحِ، لِقَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرَجِّحِ لَا يَثْبُتُ مِنْهُمَا، فَقَوْلُهُ وَلَوْ جَاءَتْ بِآخَرَ مِنْ فُرُوعِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَافْهَمْ، وَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ ح (قَوْلُهُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِمَا) فَتَخْدُمُ كُلًّا مِنْهُمَا يَوْمًا وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَتَقَتْ وَلَا ضَمَانَ لِلْحَيِّ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِرِضَا كُلٍّ مِنْهُمَا بِعِتْقِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا تَسْعَى لِلْحَيِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهَا، وَعَلَى قَوْلِهِمَا تَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا بِحُرٍّ (قَوْلُهُ إنْ حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِمَا) بِأَنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لَا) أَيْ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا لَوْ اشْتَرَيَاهَا حُبْلَى، بِأَنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ فَادَّعَيَاهُ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَيَاهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ ثُمَّ ادَّعَيَاهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا دَعْوَةُ عِتْقٍ) أَيْ لَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ فَيَعْتِقُ الْوَلَدُ مُقْتَصِرًا عَلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ، بِخِلَافِ دَعْوَى الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّ شَرْطَهَا كَوْنُ الْعُلُوقِ فِي الْمِلْكِ وَتَسْتَنِدُ الْحُرِّيَّةُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَيَعْلَقُ حُرًّا. اهـ. فَتْحٌ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا هَذَا الْوَلَدُ ابْنِي تَحْرِيرٌ مِنْهُمَا، وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا، وَلَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْعُقْرُ لِصَاحِبِهِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ فِي مِلْكِهِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُمَا) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِهَا دَعْوَةُ عِتْقٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ، لَكِنْ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَكَذَا فِي الدُّرَرِ بِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُمَا، فَحَيْثُ ثَبَتَ النَّسَبُ فَمَا فَائِدَةُ الْوَلَاءِ تَأَمَّلْ، نَعَمْ تَقَدَّمَ أَوَّلُ الْعِتْقِ أَنَّهُ إذَا قَالَ هَذَا ابْنِي عَتَقَ مُطْلَقًا؛ وَكَذَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إذَا صَلُحَ ابْنًا لَهُ وَكَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ) أَيْ لِأَنَّهَا دَعْوَةُ إعْتَاقٍ فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْوَلَدِ، بِخِلَافِ مَا إذَا حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ لَا قِيمَةَ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ لَا الْعُقْرَ) لِعَدَمِ الْوَطْءِ فِي مِلْكِ صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ عُقْرِهَا) لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي الْمَحَلِّ الْمُحْتَرَمِ لَا يَخْلُو عَنْ عُقْرٍ أَوْ عَقْرٍ، وَقَدْ تَعَذَّرَ الْأَوَّلُ لِلشُّبْهَةِ فَتَعَيَّنَ الثَّانِي نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَتَقَاصَّا) أَيْ سَقَطَ مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بِمَا لَهُ عَلَى الْآخَرِ إنْ تَسَاوَيَا.
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفَائِدَةُ إيجَابِ الْعُقْرِ مَعَ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بَقِيَ حَقُّ الْآخَرِ، وَلَوْ قُوِّمَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا بِالدَّرَاهِمِ وَالْآخَرِ بِالذَّهَبِ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّرَاهِمَ وَيَأْخُذَ الذَّهَبَ (قَوْلُهُ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ) وَكَذَا الْغَلَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute