وَلَوْ غَيْرَ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ كَوَاللَّهِ إنَّهُ حَجَزَ الْآنَ فِي مَاضٍ (كَوَاللَّهِ مَا فَعَلْت) كَذَا (عَالِمًا بِفِعْلِهِ أَوْ) حَالٍّ (كَوَاللَّهِ مَا لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ عَالِمًا بِخِلَافِهِ وَاَللَّهِ إنَّهُ بَكْرٌ عَالِمًا بِأَنَّهُ غَيْرُهُ) وَتَقْيِيدُهُمْ بِالْفِعْلِ وَالْمَاضِي اتِّفَاقِيٌّ أَوْ أَكْثَرِيٌّ (وَيَأْثَمُ بِهَا) فَتَلْزَمُهُ التَّوْبَةُ.
(وَ) ثَانِيهَا (لَغْوٌ) لَا مُؤَاخَذَةَ فِيهَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ طَلَاقٌ وَعَتَاقٌ وَنَذْرٌ أَشْبَاهٌ، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ إذَا تَبَيَّنَ خِلَافُهُ، وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافُهُ (إنْ حَلَفَ كَاذِبًا يَظُنُّهُ صَادِقًا) فِي مَاضٍ أَوْ حَالٍّ فَالْفَارِقُ بَيْنَ الْغَمُوسِ وَاللَّغْوِ تَعَمُّدُ الْكَذِبِ، وَأَمَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَالْمُنْعَقِدَةُ.
ــ
[رد المحتار]
الْحَالِ مَصْدَرًا كَثِيرٌ لَكِنَّهُ سَمَاعِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ) كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَاَللَّهِ إنَّهُ بَكْرٌ فَإِنَّهُ مِثَالٌ لِهَذَا فَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَعَنْ تَأْخِيرِ قَوْلِهِ فِي مَاضٍ (قَوْلُهُ الْآنَ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا تَعْرِفُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ فِي مَاضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِمَوْصُوفِ كَاذِبٍ: أَيْ عَلَى كَلَامٍ كَاذِبٍ وَاقِعٍ مَدْلُولُهُ فِي مَاضٍ، وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ حَلَفَ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ حَلِفَهُ وَقَعَ فِي الْمَاضِي كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُهُمْ بِالْفِعْلِ وَالْمَاضِي إلَخْ) رَدٌّ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ جَعَلَ التَّقْيِيدَ لِلِاحْتِرَازِ، وَإِنْ وَاَللَّهِ إنَّهُ حَجَرٌ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى الْفِعْلِ بِتَقْدِيرِ كَانَ أَوْ يَكُونُ وَجَعَلَ الْحَالَ مِنْ الْمَاضِي لِأَنَّ الْكَلَامَ يَحْصُلُ أَوَّلًا فِي النَّفْسِ فَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِاللِّسَانِ، فَالْإِخْبَارُ الْمُعَلَّقُ بِزَمَانِ الْحَالِ إذَا حَصَلَ فِي النَّفْسِ فَعُبِّرَ عَنْهُ بِاللِّسَانِ انْعَقَدَ الْيَمِينُ وَصَارَ الْحَالُ مَاضِيًا بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَانِ انْعِقَادِ الْيَمِينِ، فَإِذَا قَالَ كَتَبْت لَا بُدَّ مِنْ الْكِتَابَةِ قَبْلَ ابْتِدَاءِ التَّكَلُّمِ فَيَكُونُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ حَلِفًا عَلَى الْمَاضِي، وَأَشَارَ إلَى وَجْهِ الرَّدِّ بِلَفْظِ الْآنَ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ مَعَهُ كَانَ لِيَصِيرَ فِعْلًا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَاضِي لِمُنَافَاتِهِ لِلَفْظِ الْآنَ، عَلَى أَنَّ الْحَالَ إنَّمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَلَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي أَصْلًا نَعَمْ قَدْ يُرَادُ تَقْرِيبُ الْمَاضِي مِنْ الْحَالِ فَيُؤْتَى بِصِيغَةِ الْمَاضِي مَقْرُونَةً بِقَدْ نَحْوَ قَدْ قَامَ زَيْدٌ إذَا أَرَدْت أَنَّ قِيَامَهُ قَرِيبٌ مِنْ زَمَنِ التَّكَلُّمِ فَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ قُمْت لَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْحَالُ أَصْلًا، بِخِلَافِ أَقُومُ فَإِنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْحَالُ أَوْ الِاسْتِقْبَالُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ، فَحَيْثُ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا وَلَا مَاضِيًا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ تَقْيِيدُهُمْ بِالْفِعْلِ وَبِالْمَاضِي فِي قَوْلِهِمْ هُوَ حَلِفُهُ عَلَى فِعْلٍ مَاضٍ إلَخْ اتِّفَاقًا أَيْ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ أَكْثَرِيًّا أَيْ لِكَوْنِهِ هُوَ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ وَيَأْثَمُ بِهَا) أَيْ إثْمًا عَظِيمًا كَمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ. مَطْلَبٌ فِي مَعْنَى الْإِثْمِ
وَالْإِثْمُ فِي اللُّغَةِ: الذَّنْبُ، وَقَدْ تُسَمَّى الْخَمْرُ إثْمًا. وَفِي الِاصْطِلَاحِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ اسْتِحْقَاقُ الْعُقُوبَةِ. وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ لُزُومُ الْعُقُوبَةِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَكْمَلُ فِي تَقْرِيرِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَتَلْزَمُهُ التَّوْبَةُ) إذْ لَا كَفَّارَةَ فِي الْغَمُوسِ يَرْتَفِعُ بِهَا الْإِثْمُ فَتَعَيَّنَتْ التَّوْبَةُ لِلتَّخَلُّصِ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا فِي غَيْرِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ: لَا يَكُونُ اللَّغْوُ إلَّا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ أَنَّ فِي حَلِفِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَمْرٍ يَظُنُّهُ كَمَا قَالَ لَيْسَ كَذَلِكَ لَغَا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَبَقِيَ قَوْلُهُ وَاَللَّهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَفِي الْيَمِينِ بِغَيْرِهِ تَعَالَى يَلْغُو الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَيَبْقَى قَوْلُهُ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَبْدُهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ حَجّ فَيَلْزَمُهُ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ) أَيْ وَالْعَتَاقُ وَيَلْزَمُهُ النَّذْرُ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ يَظُنُّهُ) أَيْ يَظُنُّ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ فَالْفَارِقُ إلَخْ) أَقُولُ: هُنَاكَ فَارِقٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْغَمُوسَ تَكُونُ فِي الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَاللَّغْوُ لَا تَكُونُ فِي الِاسْتِقْبَالِ ح (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَالْمُنْعَقِدَةُ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْحَلِفِ كَاذِبًا يَظُنُّهُ صَادِقًا وَهَذَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَكُونُ إلَّا يَمِينًا مُنْعَقِدَةً، فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْغَمُوسَ يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا لِأَنَّ الْغَمُوسَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute