للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَوْ فَعَلَهُ وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونٌ) فَيُكَفِّرُ بِالْحِنْثِ كَيْفَ كَانَ.

(وَالْقَسَمُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) وَلَوْ بِرَفْعِ الْهَاءِ أَوْ نَصْبِهَا أَوْ حَذْفِهَا كَمَا يَسْتَعْمِلُهُ الْأَتْرَاكُ، وَكَذَا وَاسْمُ اللَّهِ كَحَلِفِ النَّصَارَى وَكَذَا بِاسْمِ اللَّهِ لَأَفْعَلُ كَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ، بِخِلَافِ بِلِّهِ بِكَسْرِ اللَّامِ إلَّا إذَا كَسَرَ الْهَاءَ وَقَصَدَ الْيَمِينَ (وَبِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ) وَلَوْ مُشْتَرَكًا تُعُورِفَ الْحَلِفُ بِهِ أَوْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ (كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ) وَالْحَلِيمِ وَالْعَلِيمِ وَمَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ

ــ

[رد المحتار]

فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ لَوْ فَعَلَهُ وَهُوَ مُغْمًى إلَخْ) أَمَّا لَوْ حَلَفَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ شَرْطِ الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ وَالْقَسَمُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) أَيْ بِهَذَا الِاسْمِ الْكَرِيمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِرَفْعِ الْهَاءِ) مِثْلُهُ سُكُونُهَا كَمَا فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ. قَالَ وَهَذَا إذَا ذُكِرَ بِالْبَاءِ، وَأَمَّا بِالْوَاوِ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا بِالْجَرِّ. اهـ. ح.

قُلْت: أَمَّا الرَّفْعُ مَعَ الْوَاوِ فَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مُبْتَدَأً وَكَذَا النَّصْبُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَفْعُولًا لِنَحْوِ أَعْبُدُ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا، وَأَمَّا السُّكُونُ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَجْرُورًا وَسَكَنَ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ يَمِينًا، عَلَى أَنَّ الرَّفْعَ يَحْتَمِلُ تَقْدِيرَ خَبَرِهِ قَسَمِي كَمَا سَيَأْتِي فِي حَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَخْصِيصَ مَا ذُكِرَ بِالْبَاءِ مُشْكِلٌ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ غَيْرَ الْمَجْرُورِ مَعَ الْوَاوِ لَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي الْقَسَمِ فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، وَهَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ مَنْقُولًا وَلَمْ أَرَهُ، نَعَمْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي حَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ. فَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ اللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَسَكَّنَ الْهَاءَ أَوْ نَصَبَهَا لَا يَكُونُ يَمِينًا لِانْعِدَامِ حَرْفِ الْقَسَمِ إلَّا أَنْ يُعْرِبَهَا بِالْكَسْرِ، لِأَنَّ الْكَسْرَ يَقْتَضِي سَبْقَ الْخَافِضِ وَهُوَ حَرْفُ الْقَسَمِ. وَقِيلَ يَكُونُ يَمِينًا بِدُونِ الْكَسْرِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَإِنْ نَصَبَهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ يَكُونُ يَمِينًا. اهـ.

قُلْت: وَمِثْلُهُ تَسْكِينُ الْهَاءِ عَلَى مَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِعْرَابِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى حُرُوفِ الْقَسَمِ (قَوْلُهُ أَوْ حَذْفِهَا) قَالَ فِي الْمُجْتَبَى: وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ بِغَيْرِ هَاءٍ كَعَادَةِ الشُّطَّارِ فَيَمِينٌ.

قُلْت: فَعَلَى هَذَا مَا يَسْتَعْمِلُهُ الْأَتْرَاكُ بِاَللَّهِ بِغَيْرِ هَاءٍ يَمِينٌ أَيْضًا اهـ وَهَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ، وَلَعَلَّ أَحَدَ الْمَوْضِعَيْنِ بِغَيْرِ هَاءٍ وَبِالْوَاوِ لَا بِالْهَمْزِ أَيْ بِغَيْرِ الْأَلْفِ الَّتِي هِيَ الْحَرْفُ الْهَاوِي تَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهَا: الْمُرَادُ بِالْهَاوِي الْأَلِفُ بَيْنَ الْهَاءِ وَاللَّامِ، فَإِذَا حَذَفَهَا الْحَالِفُ أَوْ الذَّابِحُ أَوْ الدَّاخِلُ فِي الصَّلَاةِ قِيلَ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ سُمِعَ حَذْفُهَا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَقِيلَ يَضُرُّ (قَوْلُهُ وَكَذَا وَاسْمُ اللَّهِ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ: قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ الْمُخْتَارُ لَيْسَ يَمِينًا لِعَدَمِ التَّعَارُفِ وَعَلَى هَذَا بِالْوَاوِ، إلَّا أَنَّ نَصَارَى دِيَارِنَا تَعَارَفُوهُ فَيَقُولُونَ وَاسْمُ اللَّهِ اهـ أَيْ فَيَكُونُ يَمِينًا لِمَنْ تَعَارَفَهُ مِثْلُهُمْ لَا لَهُمْ، لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شَرْطَهُ الْإِسْلَامُ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ بِاسْمِ اللَّهِ يَمِينٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ الِاسْمَ وَالْمُسَمَّى وَاحِدٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَكَانَ الْحَلِفُ بِالِاسْمِ حَلِفًا بِالذَّاتِ كَأَنَّهُ قَالَ بِاَللَّهِ اهـ وَالْعُرْفُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فِي الْأَسْمَاءِ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ " وَاسْمِ اللَّهِ " كَذَلِكَ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ النَّصَارَى (قَوْلُهُ بِكَسْرِ اللَّامِ إلَخْ) أَيْ بِدُونِ مَدٍّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ بِالْأَوْلَى الْمَدُّ عَلَى صُورَةِ الْإِمَالَةِ، وَكَذَا فَتْحُ اللَّامِ بِدُونِ مَدٍّ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْبِلَادِ فَهُوَ لُغَتُهُمْ، لَكِنْ إذَا تَكَلَّمَ بِهِ مَنْ كَانَ ذَلِكَ لُغَتَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَصْدُ الْيَمِينِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُشْتَرَكًا إلَخْ) وَقِيلَ كُلُّ اسْمٍ لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ تَعَالَى كَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ فَهُوَ يَمِينٌ؛ وَمَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ كَالْحَلِيمِ وَالْعَلِيمِ، فَإِنْ أَرَادَ الْيَمِينَ كَانَ يَمِينًا وَإِلَّا لَا وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ مُسْتَعْمَلًا لِغَيْرِهِ تَعَالَى أَيْضًا لَمْ تَتَعَيَّنْ إرَادَةُ أَحَدِهِمَا إلَّا بِالنِّيَّةِ. وَرَدَّهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ دَلَالَةَ الْقَسَمِ مُعَيِّنَةٌ لِإِرَادَةِ الْيَمِينِ إذْ الْقَسَمُ بِغَيْرِهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ، نَعَمْ إذَا نَوَى غَيْرَهُ صُدِّقَ لِأَنَّهُ نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْعَامَّةَ يُجَوِّزُونَ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى نَهْرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>