وَسَيَتَّضِحُ (وَ) عَلَيَّ (يَمِينٌ أَوْ عَهْدٌ وَإِنْ لَمْ يُضِفْ) إلَى اللَّهِ تَعَالَى إذَا عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ مُجْتَبًى
(وَ) الْقَسَمُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ (إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ) يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ فَاشْهَدُوا عَلَيَّ بِالنَّصْرَانِيَّةِ أَوْ شَرِيكٌ لِلْكُفَّارِ أَوْ (كَافِرٌ)
ــ
[رد المحتار]
إلَخْ. قَالَ فِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَإِذَا حَلَفَ بِالنَّذْرِ، فَإِنْ نَوَى شَيْئًا مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ مَا نَوَى، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَسَيَتَّضِحُ) أَيْ قُبَيْلَ الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُضَفْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى) وَكَذَا إنْ أُضِيفَ بِالْأَوْلَى كَأَنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرُ اللَّهِ أَوْ يَمِينُ اللَّهِ أَوْ عَهْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ إذَا عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ) أَيْ بِمَحْلُوفٍ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ يَمِينًا مُنْعَقِدَةً مِثْلُ عَلَيَّ نَذَرَ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُ كَذَا، فَإِذَا لَمْ يَفِ بِمَا حَلَفَ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، لَكِنْ فِي لَفْظِ النَّذْرِ إذَا لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرُ اللَّهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ فَيَكُونُ هَذَا الْتِزَامُ الْكَفَّارَةِ ابْتِدَاءً بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ عَلَيَّ يَمِينٌ مِثْلُهُ إذَا قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِنْشَاءِ لَا الْإِخْبَارِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ لِأَنَّهُ مِنْ صِيَغِ النَّذْرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَغَا، بِخِلَافِ أَحْلِفُ وَأَشْهَدُ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ صِيَغِ النَّذْرِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الِالْتِزَامُ ابْتِدَاءً. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَلَيَّ نَذْرٌ يُرَادُ بِهِ نَذْرُ الْكَفَّارَةِ، وَكَذَا عَلَيَّ يَمِينٌ هُوَ نَذْرٌ لِلْكَفَّارَةِ ابْتِدَاءً بِمَعْنَى عَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لَا حَلِفٍ إلَّا بَعْدَ تَعْلِيقِهِ بِمَحْلُوفٍ عَلَيْهِ فَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ عِنْدَ الْحِنْثِ لَا قَبْلَهُ: وَرَدَّهُ فِي الْبَحْرِ بِمَا فِي الْمُجْتَبَى: لَوْ قَالَ عَلَيَّ يَمِينٌ يُرِيدُ بِهِ الْإِيجَابَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ. اهـ.
أَقُولُ: الَّذِي فِي الْمُجْتَبَى بَعْدَ مَا رَمَزَ بِلَفْظِ ط لِلْمُحِيطِ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ يَمِينٌ أَوْ يَمِينُ اللَّهِ فَيَمِينٌ. ثُمَّ قَالَ: أَيْ صَاحِبُ الرَّمْزِ الْمَذْكُورِ عَلَيَّ يَمِينٌ يُرِيدُ بِهِ الْإِيجَابَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ، وَكَذَا إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ يَمِينٌ هَكَذَا. رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيَّ يَمِينٌ لَا كَفَّارَةَ لَهَا يُرِيدُ بِهِ الْإِيجَابَ فَعَلَيْهِ يَمِينٌ لَهَا كَفَّارَةٌ اهـ مَا فِي الْمُجْتَبِي. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ، وَإِذَا كَانَ عَلَيَّ يَمِينٌ مِنْ صِيَغِ النَّذْرِ تَرَجَّحَتْ الرِّوَايَةُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَالرَّدُّ عَلَى الْفَتْحِ بِالرِّوَايَةِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ غَيْرُ صَحِيحٍ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْحَاوِي مَا نَصُّهُ: لَوْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ عَلَيَّ يَمِينٌ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ اهـ فَهَذَا صَرِيحُ مَا فِي الْفَتْحِ فَافْهَمْ.
[تَنْبِيهٌ] قَدَّمْنَا أَنَّ الْيَمِينَ تُطْلَقُ عَلَى التَّعْلِيقِ أَيْضًا، فَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا فَهُوَ يَمِينٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَصَارَ لَفْظُ الْيَمِينِ مُشْتَرَكًا، وَلَعَلَّهُمْ إنَّمَا صَرَفُوهُ هُنَا إلَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلِيُّ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ وَلِأَنَّهُ هُوَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ أَيْضًا فَيَنْصَرِفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ أَنْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ فَيَصِيرُ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا عَلَى مَا حَلَفَ وَتَقَعُ بِهِ عِنْدَ الْحِنْثِ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ لَا بَائِنَةٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ، خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مِنْهَا، وَلِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي بَابِ الْكِنَايَاتِ، لَكِنْ بَقِيَ لَوْ قَالَ أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ تَلْزَمُنِي إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ الطُّورِيُّ بِأَنَّهُ إنْ حَنِثَ وَكَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ تَطْلُقُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَرَدَّهُ السَّيِّدُ مُحَمَّدُ أَبُو السُّعُودِ وَأَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْيَمِينِ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً، وَأَقَرَّهُ الْمُحَشِّيُّ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، فَإِنَّ أَيْمَانَ جَمْعُ يَمِينٍ وَالْيَمِينُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى. وَعِنْدَ النِّيَّةِ يَصِحُّ إرَادَةُ الطَّلَاقِ بِهِ كَمَا عَلِمْت وَفِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ حَلَّفَ رَجُلًا عَلَى طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَهَدْيٍ وَصَدَقَةٍ وَمَشْيٍ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ الْحَالِفُ لِرَجُلٍ آخَرَ عَلَيْك هَذِهِ الْأَيْمَانُ فَقَالَ نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ وَالصَّدَقَةُ لَا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ، لِأَنَّهُ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدِي أَوْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتِقَ، وَإِنْ قَالَ الْحَالِفُ لِرَجُلٍ آخَرَ هَذِهِ الْأَيْمَانُ لَازِمَةٌ لَك فَقَالَ نَعَمْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ أَيْضًا اهـ أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ نَعَمْ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هَذِهِ الْأَيْمَانُ لَازِمَةٌ لِي فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ إنْشَائِهِ الْحَلِفَ بِهَا فَتَلْزَمُهُ كُلُّهَا حَتَّى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنْ يَلْزَمَهُ كُلُّ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ تَلْزَمُنِي خُصُوصًا الْهَدْيُ وَالْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ، فَالْقَوْلُ بَعْدَ لُزُومِ شَيْءٍ أَوْ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ فَقَطْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute