زَادَ الْكَمَالُ: أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي وَنَحْوُهُ (فَهُوَ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَ) لَكِنَّ (الْفَتْوَى) فِي زَمَانِنَا (عَلَى أَنَّهُ تَبِينُ امْرَأَتُهُ) بِطَلْقَةٍ، وَلَوْ لَهُ أَكْثَرُ بِنَّ جَمِيعًا بِلَا نِيَّةٍ، وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِ طَلَاقًا لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَلِذَا لَا يَحْلِفُ بِهِ إلَّا الرِّجَالُ ظَهِيرِيَّةٌ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ) وَقْتَ الْيَمِينِ
ــ
[رد المحتار]
وَالْمَشْرُوبِ، وَهَذَا كُلُّهُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَمَشَايِخُنَا قَالُوا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.
قُلْت: وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يُتَنَاوَلُ عَادَةً أَنَّ الْعُرْفَ كَانَ أَوَّلًا فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّعَامِ أَوْ الشُّرْبِ ثُمَّ تَغَيَّرَ ذَلِكَ إلَى عُرْفٍ آخَرَ وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّلَاقِ. ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا لَا يُنَافِي مَا ذَكَرُوهُ فِي الْإِيلَاءِ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ نِيَّةِ تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ أَوْ الظِّهَارِ أَوْ الْكَذِبِ أَوْ الطَّلَاقِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَمَا هُنَا فِي التَّحْرِيمِ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ. وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِانْصِرَافِهِ إلَى الطَّلَاقِ الْبَائِنِ عَامًّا أَوْ خَاصًّا كَمَا ذَكَرْنَاهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ زَادَ الْكَمَالُ إلَخْ) لَا مَحَلَّ لِذِكْرِ هَذَا هُنَا لِأَنَّ مُرَادَ الْكَمَالِ أَنَّ هَذَا يُرَادُ بِهِ الطَّلَاقُ فَقَطْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا) أَيْ الزَّمَانِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ زَمَانِ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَتَوَقَّفَ الْبَزْدَوِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ فِي كَوْنِ عُرْفِ النَّاسِ إرَادَةَ الطَّلَاقِ بِهِ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ لَا يُخَالِفَ الْمُتَقَدِّمِينَ. مَطْلَبٌ: تَعَارَفُوا: الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ لَمْ يُتَعَارَفْ فِي دِيَارِنَا بَلْ الْمُتَعَارَفُ فِيهِ حَرَامٌ عَلَيَّ كَلَامُك وَنَحْوُهُ كَأَكْلِ كَذَا وَلُبْسِهِ دُونَ الصِّيغَةِ الْعَامَّةِ. وَتَعَارَفُوا أَيْضًا الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي. وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الطَّلَاقَ مُطْلَقًا، فَإِنَّهُمْ يَذْكُرُونَ بَعْدَهُ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَلَأَفْعَلَنَّ، وَهُوَ مِثْلُ تَعَارُفِهِمْ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا فَإِنَّهُ يُرَادُ بِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ وَيَجِبُ إمْضَاؤُهُ عَلَيْهِمْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ انْصِرَافُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَرَبِيَّةً أَوْ فَارِسِيَّةً إلَى مَعْنًى بِلَا نِيَّةِ التَّعَارُفِ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفْ سُئِلَ عَنْ نِيَّتِهِ وَفِيمَا يَنْصَرِفُ بِلَا نِيَّةٍ لَوْ قَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ لَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْمُصَدَّقُ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمَقْدِسِيِّ وَالشُّرُنْبُلاليّ وَغَيْرُهُمْ وَتَقَدَّمَ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَهُ أَكْثَرُ بِنَّ جَمِيعًا) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ طَوِيلٌ قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَفِي بَابِ الْإِيلَاءِ: وَاَلَّذِي حَرَّرْنَاهُ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يَخُصُّ الْمُخَاطَبَةَ، وَفِي كُلِّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ يَعُمُّ الزَّوْجَاتِ الْأَرْبَعَ لِصَرِيحِ أَدَاةِ الْعُمُومِ الِاسْتِغْرَاقِيِّ، وَفِي امْرَأَتِي حَرَامٌ أَوْ طَالِقٌ يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي نَحْوِ حَلَالُ اللَّهِ أَوْ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ، فَقِيلَ يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ نَظَرًا إلَى صُورَةِ أَفْرَادِهِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَعُمُّ الْكُلَّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَإِنْ قَالَ لَمْ أَنْوِ الطَّلَاقَ لَا يُصَدَّقَ قَضَاءً لِأَنَّهُ صَارَ طَلَاقًا عُرْفًا. ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ حَلَفَ بِهِ، إنْ كَانَ فَعَلَ كَذَا وَقَدْ كَانَ فَعَلَ وَلَهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ أَكْثَرُ بِنَّ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ يَمِينًا بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ جَعَلْنَاهُ يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ غَمُوسٌ، وَإِنْ حَلَفَ بِهَذَا عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ امْرَأَةٌ كَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَحَلَفَ عَلَى مَاضٍ كَذِبًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ جُعِلَ طَلَاقًا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فَيَلْغُو لِعَدَمِ الزَّوْجَةِ؛ وَلَوْ جُعِلَ يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى فَغَمُوسٌ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَمَا مَرَّ فِي هُوَ يَهُودِيٌّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute