وَلَهُ أَخٌ وَاحِدٌ وَتَمَامُهُ فِيهَا. قُلْت: وَبِهِ عُلِمَ جَوَابُ حَادِثَةٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَنَّ أَوْلَادَ زَوْجَتِهِ لَا يَطْلُعُونَ بَيْتَهُ فَطَلَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَحْنَثْ.
(كُلُّ حِلٍّ) أَوْ حَلَالِ اللَّهِ أَوْ حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ (عَلَيَّ حَرَامٌ)
ــ
[رد المحتار]
فُلَانًا الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ أَحَدَهُمَا وَمَضَى الْيَوْمُ طَلُقَتْ، فَقَدْ صَحَّ هَذَا الْجَوَابُ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ، لَكِنْ مَا قُلْته مِنْ الْإِشْكَالِ قَوِيٌّ. اهـ.
قُلْت: وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا كَرَّرَ حَرْفَ النَّفْيِ يَكُونُ نَفْيُ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ مَقْصُودًا؛ فَفِي: إنْ لَمْ تَحْضُرِي فِرَاشِي وَلَمْ تُرَاعِينِي يَتَحَقَّقُ شَرْطُ الْحِنْثِ بِنَفْيِ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، لِأَنَّهُ إذَا كَرَّرَ النَّفْيَ تَتَكَرَّرُ الْيَمِينُ، حَتَّى لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُك الْيَوْمَ وَلَا غَدًا وَلَا بَعْدَ غَدٍّ فَهِيَ أَيْمَانٌ ثَلَاثَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ النَّفْيَ فَهِيَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ لَيْلًا يَحْنَثُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْوَاقِعَاتِ فِي بَحْثِ الْكَلَامِ. وَأَمَّا عَدَمُ الصِّدْقِ فِي لَمْ يَقْدُمْ زَيْدٌ وَلَمْ يَقْدُمْ عَمْرٌو مَعَ قُدُومِ زَيْدٍ مَثَلًا فَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ قُدُومِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ حَيْثُ جَعَلَهُ مَقْصُودًا بِالنَّفْيِ، فَإِذَا عَلَّقَ ذَلِكَ بِالشَّرْطِ يَتَحَقَّقُ شَرْطُ الْحِنْثِ وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدُمُ زَيْدٌ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَدَبَّرْهُ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَخٌ وَاحِدٌ) أَيْ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ كَمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ قُبَيْلَ بَابِ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَهُ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْجَمْعَ وَأَرَادَ الْوَاحِدَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْأَخَ وَاحِدٌ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْوَاحِدَ فَبَقِيَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْجَمْعِ، كَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ثَلَاثَةَ أَرْغِفَةٍ مِنْ هَذَا الْحَبِّ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا رَغِيفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لَا يَحْنَثُ بَحْرٌ عَنْ الْوَاقِعَاتِ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) الْبَحْثُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ فِي الْبَابِ الْآتِي، وَقَوْلُهُ وَبِهِ عُلِمَ: أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِخْوَةِ فَإِنَّهُ جَمْعٌ لَيْسَ فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ بَلْ هُوَ مُضَافٌ مِثْلُ أَوْلَادِ زَوْجَتِهِ، فَحَيْثُ كَانَ عَالِمًا بِتَعَدُّدِهِمْ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْجَمْعِ كَمَا فِي لَا أُكَلِّمُ رِجَالًا أَوْ نِسَاءً، بِخِلَافِ مَا فِيهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ مِثْلُ لَا أُكَلِّمُ الْفُقَرَاءَ أَوْ الْمَسَاكِينَ أَوْ الرِّجَالَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْوَاحِدِ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ.
مَطْلَبُ الْجَمْعِ الْمُضَافِ كَالْمُنَكَّرِ، بِخِلَافِ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ
وَمَا مَرَّ عَنْ الْوَاقِعَاتِ فِي إخْوَةِ فُلَانٍ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْجَمْعَ الْمُضَافَ كَالْمُنَكَّرِ، وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ الْيَمِينِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْكَلَامِ تَمَامُ تَحْقِيقِ الْمُعَرَّفِ وَالْمُنَكَّرِ وَالْمُضَافِ. وَتَحْرِيرُ جَوَابِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَكِنْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ إنْ أَحْسَنْت إلَى أَقْرِبَائِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَحْسَنَتْ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَحْنَثُ وَلَا يُرَادُ الْجَمْعُ فِي عُرْفِنَا اهـ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ فِي الْعُرْفِ فَرْقًا. اهـ.
قُلْت: لَا يَخْفَى أَنَّ الْعُرْفَ الْآنَ عَدَمُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ إخْوَةِ فُلَانٍ وَأَقْرِبَائِك وَأَوْلَادِ زَوْجَتِهِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْجَمْعِ الْمُضَافِ فِي أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْأَكْثَرِ، فَيَنْبَغِي الْحِنْثُ فِي الْحَادِثَةِ الْمَذْكُورَةِ.
مَطْلَبُ كُلِّ حِلٍّ عَلَيْهِ حَرَامٌ
(قَوْلُهُ كُلُّ حِلٍّ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ قَالَ كُلُّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهُوَ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَ ذَلِكَ. وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ كَمَا فَرَغَ لِأَنَّهُ بَاشَرَ فِعْلًا مُبَاحًا وَهُوَ التَّنَفُّسُ وَنَحْوُهُ، وَهَذَا قَوْلُ زُفَرَ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ الْبِرُّ لَا يَحْصُلُ مَعَ اعْتِبَارِ الْعُمُومِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يُتَنَاوَلُ عَادَةً، وَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَرْأَةَ إلَّا بِالنِّيَّةِ لِإِسْقَاطِ اعْتِبَارِ الْعُمُومِ، وَإِذَا نَوَاهَا كَانَ إيلَاءً، وَلَا يُصْرَفُ الْيَمِينُ عَنْ الْمَأْكُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute