أَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا وَفُلَانًا وَنَوَى أَحَدَهُمَا أَوْ لَا يُكَلِّمُ إخْوَةَ فُلَانٍ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مُعَيَّنًا فَأَكَلَ بَعْضَهُ
وَالْأَصْلُ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مُعَيَّنًا فَأَكَلَ بَعْضَهُ إنْ كَانَ يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ فِي مَجْلِسٍ أَوْ يَشْرَبُهُ فِي شَرْبَةٍ فَالْحَلِفُ عَلَى جَمِيعِهِ، وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَعْضِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَكْلِهِ، وَكُلُّ مَا لَا يُطَاقُ أَكْلُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا شُرْبُهُ فِي شَرْبَةٍ يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَعْضِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْيَمِينِ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَصْلِهِ لَا عَنْ جَمِيعِهِ، وَلَوْ قَالَ لَا أَشْرَبُ لَبَنَ هَاتَيْنِ الشَّاتَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِ كُلِّ شَاةٍ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ شُرْبُ الْكُلِّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ، أَوْ لَا يَأْكُلُ سَمْنَ هَذِهِ الْخَابِيَةِ فَأَكَلَ بَعْضَهُ حَنِثَ؛ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْأَكْلِ بَيْعٌ فَبَاعَ بَعْضَهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْأَكْلَ لَا يَتَأَتَّى عَلَى جَمِيعِهِ فِي مَجْلِسٍ وَيَتَأَتَّى الْبَيْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. زَادَ فِي الْبَدَائِعِ عَنْ الْأَصْلِ: لَوْ قَالَ لَا آكُلُ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا إلَّا حَبَّةً أَوْ حَبَّتَيْنِ حَنِثَ فِي الِاسْتِحْسَانِ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ يُقَالُ إنَّهُ أَكَلَهَا، وَإِنْ تَرَكَ نِصْفَهَا أَوْ ثُلُثَهَا أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا لَا يَجْرِي فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الرُّمَّانَةِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى أَكْلًا لِجَمِيعِهَا. اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ الرَّغِيفِ وَغَيْرِهِ كَاللُّقْمَةِ كَالْعَدَمِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْبَحْرِ فِي بَابِ الْيَمِينِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَسَيَأْتِي هَذَا الْأَصْلُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ أَكْلُهُ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: وَكَذَا كَلَامُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ عَلَيَّ حَرَامٌ يَحْنَثُ بِكَلَامِ أَحَدِهِمَا، وَكَذَا كَلَامُ أَهْلِ بَغْدَادَ. وَفِي الْمُحِيطِ فِي: كَلَامُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَفُلَانًا الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا لَمْ يُكَلِّمْهُمَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَلَامَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَحْنَثُ بِكَلَامِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ. اهـ.
قُلْت: وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ لَا بَعْدَ الْعَاطِفِ.
مَطْلَبٌ لَا أَذُوقُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا، بِخِلَافِ لَا أَذُوقُ طَعَامًا وَشَرَابًا فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَذُوقُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا فَذَاقَ أَحَدَهُمَا طَلُقَتْ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا وَلَا فُلَانًا. وَلَوْ قَالَ لَا أَذُوقُ طَعَامًا وَشَرَابًا فَذَاقَ أَحَدَهُمَا لَا يَحْنَثُ. اهـ. وَإِذَا كَرَّرَ لَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ يَمِينَيْنِ كَمَا سَنَذْكُرُ فِي بَحْثِ الْكَلَامِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ (قَوْلُهُ وَنَوَى أَحَدَهُمَا) أَيْ نَوَى أَنْ لَا يُكَلِّمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
[تَنْبِيهٌ] فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ عَنْ الْجَامِعِ: إنْ لَمْ أَكُنْ ضَرَبْت هَذَيْنِ السَّوْطَيْنِ فِي دَارِ فُلَانٍ فَعَبْدِي حُرٌّ فَضَرَبَ أَحَدَهُمَا فِي دَارِ غَيْرِهِ، أَوْ قَالَ إنْ لَمْ أُكَلِّمْ فُلَانًا وَفُلَانًا الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا الْيَوْمَ فَقَطْ يَحْنَثُ. قَالَ: وَأَلْحَقَ بَعْضَهُمْ بِذَلِكَ: إنْ لَمْ تَحْضُرِي فِرَاشِي وَلَمْ تُرَاعِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَمْ تَحْضُرْ فِرَاشَهُ وَلَكِنْ رَاعَتْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ. قَالَ: وَفِيهِ إشْكَالٌ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ جَلِيٌّ لِأَنَّ الْحِنْثَ فِي الْيَمِينِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا صَدَقَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ حَرْفُ الشَّرْطِ، فَفِي إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنَّمَا يَحْنَثُ إذَا صَدَقَ دَخَلْت، وَفِي إنْ لَمْ أَدْخُلْ إنَّمَا يَحْنَثُ إذَا صَدَقَ لَمْ أَدْخُلْ، فَإِذَا قَالَ إنْ لَمْ أَدْخُلْ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ الْيَوْمَ أَوْ إنْ لَمْ أَكُنْ ضَرَبْت هَذَيْنِ السَّوْطَيْنِ فِي دَارِ فُلَانٍ فَحَرْفُ الشَّرْطِ دَخَلَ عَلَى النَّفْيِ وَهُوَ لَمْ أَكُنْ دَخَلْت أَوْ ضَرَبْت هَاتَيْنِ وَهُوَ نَفْيٌ لِمَجْمُوعِ دُخُولِ الدَّارَيْنِ وَضَرْبِ السَّوْطَيْنِ وَنَفْيُ الْمَجْمُوعِ يَتَحَقَّقُ بِنَفْيِ أَحَدِ أَجْزَائِهِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ تَحْضُرِي فِرَاشِي وَلَمْ تُرَاعِينِي فَإِنَّهُ لَمَّا كَرَّرَ حَرْفَ النَّفْيِ كَانَ نَفْيًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَنَفْيُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَصْدُقُ مَعَ ثُبُوتِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ قَوْلُنَا لَمْ يَقْدُمْ زَيْدٌ وَلَمْ يَقْدُمْ عَمْرٌو مَعَ قُدُومِ أَحَدِهِمَا، وَيَصْدُقُ إنْ لَمْ يَقْدُمْ زَيْدٌ وَعَمْرٌو مَعَ أَحَدِهِمَا، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْجَوَابِ، فَإِنَّهُ قَالَ إذَا قَالَ إنْ لَمْ تُكَلِّمِي فُلَانًا وَلَمْ تُكَلِّمِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute