للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِفُلَانَةَ) مَثَلًا فَحَنِثَ (وَفَّى) بِنَذْرِهِ (أَوْ كَفَّرَ) لِيَمِينِهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ نَذْرٌ بِظَاهِرِهِ يَمِينٌ بِمَعْنَاهُ فَيُخَيَّرُ ضَرُورَةً.

(نَذَرَ) مُكَلَّفٌ (بِعِتْقِ رَقَبَةٍ فِي مِلْكِهِ وَفَّى بِهِ وَإِلَّا) يَفِ (أَثِمَ) بِالتَّرْكِ (وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ) فَلَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي.

(نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَ وَلَدَهُ فَعَلَيْهِ شَاةٌ) لِقِصَّةِ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَلْغَاهُ الثَّانِي وَالشَّافِعِيُّ كَنَذْرِهِ بِقَتْلِهِ (وَلَغَا لَوْ كَانَ يَذْبَحُ نَفْسَهُ أَوْ) عَبْدَهُ وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ الشَّاةَ، وَلَوْ (بِذَبْحِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ أُمِّهِ) لَغَا إجْمَاعًا لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا كَسْبَهُ.

(وَلَوْ قَالَ إنْ بَرِئْت مِنْ مَرَضِي هَذَا ذَبَحْت شَاةً أَوْ عَلَيَّ شَاةٌ أَذْبَحُهَا فَبَرِئَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ)

ــ

[رد المحتار]

عَلَيَّ إذَا مَا زُرْت لَيْلَى بِخُفْيَةٍ ... زِيَارَةُ بَيْتِ اللَّهِ رَجْلَانَ حَافِيًا

فَهَلْ يُقَالُ إذَا بَاشَرَ الشَّرْطَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُعَلَّقُ أَمْ لَا؟ وَيَظْهَرُ لِي الْوُجُوبُ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ طَاعَةٌ وَقَدْ عَلَّقَ وُجُوبَهَا عَلَى شَرْطٍ فَإِذَا حَصَلَ الشَّرْطُ لَزِمَتْهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مَعْصِيَةً يَحْرُمُ فِعْلُهَا لِأَنَّ هَذِهِ الطَّاعَةَ غَيْرُ حَامِلَةٍ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ بَلْ بِالْعَكْسِ، وَتَعْرِيفُ النَّذْرِ صَادِقٌ عَلَيْهِ وَلِذَا صَحَّ النَّذْرُ فِي قَوْلِهِ: إنْ زَنَيْت بِفُلَانَةَ لَكِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُرِيدُهُ يَصِيرُ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ فَيَتَخَيَّرُ كَمَا يَأْتِي تَقْرِيرُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يُرِيدُهُ لِفَوَاتِ مَعْنَى الْيَمِينِ فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِلُزُومِ الْمَنْذُورِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَذْرٌ بِظَاهِرِهِ إلَخْ) لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْمَنْعَ عَنْ إيجَادِ الشَّرْطِ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّ الْجِهَتَيْنِ شَاءَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ بِشَرْطٍ يُرِيدُ ثُبُوتَهُ لِأَنَّ مَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ قَصْدُ الْمَنْعِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيهِ لِأَنَّ قَصْدَهُ إظْهَارُ الرَّغْبَةِ فِيمَا جُعِلَ شَرْطًا دُرَرٌ (قَوْلُهُ فَيُخَيَّرُ ضَرُورَةً) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ.

أَقُولُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ حَرَامًا كَإِنْ زَنَيْت يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَخَيَّرَ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ تَخْفِيفٌ وَالْحَرَامُ لَا يُوجِبُ التَّخْفِيفَ قَالَ فِي الدُّرَرِ: أَقُولُ لَيْسَ الْمُوجِبُ لِلتَّخْفِيفِ هُوَ الْحَرَامُ بَلْ وُجُودُ دَلِيلِ التَّخْفِيفِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمَّا كَانَ نَذْرًا مِنْ وَجْهٍ وَيَمِينًا مِنْ وَجْهٍ لَزِمَ أَنْ يُعْمَلَ بِمُقْتَضَى الْوَجْهَيْنِ وَلَمْ يَجُزْ إهْدَارُ أَحَدِهِمَا فَلَزِمَ التَّخْيِيرُ الْمُوجِبُ لِلتَّخْفِيفِ بِالضَّرُورَةِ فَتَدَبَّرْ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي) لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حَقُّ الْعِتْقِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِيَعْتِقَهُ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُ عَلَى أَنْ يَبَرَّ يَمِينَهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ مُجَرَّدُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَ وَلَدَهُ إلَخْ) الْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصَةٌ فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَغَيْرِهِ، وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَشَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ أَنَّهُ يَجِبُ بِهِ ذَبْحُ كَبْشٍ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ، وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ النَّذْرِ بِهِ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ أَنْ يَقُولَ فِي النَّذْرِ عِنْدَ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ أَوْ بِمَكَّةَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: لَا يُشْتَرَطُ، وَفِي الِاخْتِيَارِ وَلَوْ نَذَرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ أَوْ نَحْرَهُ لَزِمَهُ ذَبْحُ شَاةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَكَذَا النَّذْرُ بِذَبْحِ نَفْسِهِ أَوْ عَبْدِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَفِي الْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ: لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَلَا يَصِحُّ وَلَهُمَا فِي الْوَلَدِ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا، وَمِثْلُهُ لَا يُعْرَفُ قِيَاسًا فَيَكُونُ سَمَاعًا وَلِأَنَّ إيجَابَ ذَبْحِ الْوَلَدِ عِبَارَةٌ عَنْ إيجَابِ ذَبْحِ الشَّاةِ، حَتَّى لَوْ نَذَرَ ذَبْحَهُ بِمَكَّةَ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُ الشَّاةِ بِالْحَرَمِ.

بَيَانُهُ قِصَّةُ الذَّبِيحِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى الْخَلِيلِ ذَبْحَ وَلَدِهِ وَأَمَرَهُ بِذَبْحِ الشَّاةِ حَيْثُ قَالَ - {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: ١٠٥]- فَيَكُونُ كَذَلِكَ فِي شَرِيعَتِنَا أَمَّا - {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣]- أَوْ لِأَنَّ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَنَا تَلْزَمُنَا حَتَّى يَثْبُتَ النَّسْخُ، وَلَهُ نَظَائِرُ مِنْهَا أَنَّ إيجَابَ الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى عِبَارَةٌ عَنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَإِيجَابُ الْهَدْيِ عِبَارَةٌ عَنْ إيجَابِ شَاةٍ، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ وَإِذَا كَانَ نَذْرُ ذَبْحِ الْوَلَدِ عِبَارَةً عَنْ ذَبْحِ الشَّاةِ لَا يَكُونُ مَعْصِيَةً بَلْ قُرْبَةً حَتَّى قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ إنْ أَرَادَ عَيْنَ الذَّبْحِ وَعَرَفَ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لَا يَصِحُّ، وَنَظِيرُهُ الصَّوْمُ فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْفَانِي مَعْصِيَةٌ لِإِفْضَائِهِ إلَى إهْلَاكِهِ، وَصَحَّ نَذْرُهُ بِالصَّوْمِ وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَجَعَلَ ذَلِكَ الْتِزَامًا لِلْفِدْيَةِ كَذَا هَذَا وَلِمُحَمَّدٍ فِي النَّفْسِ وَالْعَبْدِ أَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَيْهِمَا فَوْقَ وِلَايَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ وُجُوبَ الشَّاةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>