للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا يَمْتَدُّ فَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا لَوْ الْيَمِينُ حَالَ الدَّوَامِ. أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا؛ فَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا رَكِبْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَعَلَيَّ دِرْهَمٌ ثُمَّ رَكِبَ وَدَامَ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ وَدِرْهَمٌ، وَلَوْ كَانَ رَاكِبًا لَزِمَهُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ يُمْكِنُهُ النُّزُولُ طَلْقَةٌ وَدِرْهَمٌ.

قُلْت: فِي عُرْفِنَا لَا يَحْنَثُ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَإِلَيْهِ مَالَ أُسْتَاذُنَا مُجْتَبًى.

(حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ الْبَيْتَ أَوْ الْمَحَلَّةَ) يَعْنِي الْحَارَةَ (فَخَرَجَ وَبَقِيَ مَتَاعُهُ وَأَهْلُهُ) حَتَّى لَوْ بَقِيَ وَتَدٌ (حَنِثَ) وَاعْتَبَرَ مُحَمَّدٌ

ــ

[رد المحتار]

النِّكَاحَ وَالطَّهَارَةَ لَا يَحْنَثُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا يَمْتَدُّ) أَيْ مَا يَصِحُّ امْتِدَادُهُ كَالْقُعُودِ وَالْقِيَامِ وَلِذَا يَصِحُّ قِرَانُ الْمُدَّةِ بِهِ كَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْحِنْثُ بِالْمُكْثِ سَاعَةً فِيمَا يَمْتَدُّ لَوْ الْيَمِينُ حَالَ الدَّوَامِ: أَيْ لَوْ حَلَفَ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِالْفِعْلِ بِأَنْ قَالَ إنْ رَكِبْت فَكَذَا وَهُوَ رَاكِبٌ فَيَحْنَثُ بِالْمُكْثِ، أَمَّا لَوْ حَلَفَ قَبْلَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِالْمُكْثِ بَلْ بِإِنْشَاءِ الرُّكُوبِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِأَنَّ لَفْظَ رَكِبْت إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ رَاكِبًا يُرَادُ بِهِ إنْشَاءُ الرُّكُوبِ، فَلَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِمْرَارِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ حَلِفِ الرَّاكِبِ لَا أَرْكَبُ فَإِنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْأَعَمُّ مِنْ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ وَمَا فِي حُكْمِهِ عُرْفًا. اهـ. (قَوْلُهُ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا) أَيْ يَمْتَدُّ وَمَا لَا يَمْتَدُّ سَوَاءٌ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِالْفِعْلِ ثُمَّ حَلَفَ أَوْ لَمْ يَكُنْ ط (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ مَالَ أُسْتَاذُنَا) عِبَارَةُ الْمُجْتَبَى وَفِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ أُسْتَاذُنَا اهـ وَنَقَلَ كَلَامَهُ فِي الْبَحْرِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عُرْفَ زَمَانِهِ كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ

(قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ إلَخْ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْعُدُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ قَالُوا إنْ كَانَ سَاكِنًا فِيهَا فَهُوَ عَلَى السُّكْنَى وَإِلَّا فَعَلَى الْقُعُودِ حَقِيقَةً بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِ كَذَا فَهُوَ الْخُرُوجُ بِبَدَنِهِ، وَفِي لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَهُوَ عَلَى النُّقْلَةِ مِنْهَا بِأَهْلِهِ إنْ كَانَ سَاكِنًا فِيهَا إلَّا إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْخُرُوجَ بِبَدَنِهِ اهـ (قَوْلُهُ يَعْنِي الْحَارَةَ) كَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ الْمَحَلَّةُ هِيَ الْمُسَمَّاةُ فِي عُرْفِنَا بِالْحَارَةِ اهـ.

قُلْت: الْمَحَلَّةُ فِي عُرْفِنَا الْآنَ تُطْلَقُ عَلَى الصُّقْعِ الْجَامِعِ لِأَزِقَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، كُلُّ زُقَاقٍ مِنْهَا يُسَمَّى حَارَةً وَقَدْ تُطْلَقُ الْحَارَةُ عَلَى الْمَحَلَّةِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ فَخَرَجَ) وَكَذَا لَوْ لَمْ يَخْرُجْ بِالْأَوْلَى بَحْرٌ لِأَنَّ السُّكْنَى مِمَّا يَمْتَدُّ فَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَظَاهِرُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُجْتَبَى عَدَمُ الْحِنْثِ فِي عُرْفِهِمْ (قَوْلُهُ وَأَهْلُهُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَحْصُلُ بِبَقَاءِ أَحَدِهِمَا، وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ الَّذِينَ مَعَهُ وَكُلُّ مَنْ كَانَ يَأْوِيهِ لِخِدْمَتِهِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ بَقِيَ وَتِدٌ حَنِثَ) جَعَلَ حَنِثَ جَوَابَ لَوْ فَصَارَ الْمَتْنُ بِلَا جَوَابٍ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ وَتِدًا وَهُوَ بِكَسْرِ التَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا قُهُسْتَانِيُّ، وَهَذَا تَعْمِيمٌ لِلْمَتَاعِ جَرْيًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِ الْمَتَاعِ كُلِّهِ كَالْأَهْلِ (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ قَوْلُهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ السُّكْنَى هِدَايَةٌ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُعْتَبَرُ نَقْلُ الْأَكْثَرِ لِتَعَذُّرِ نَقْلِ الْكُلِّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ رَجَّحَ قَوْلَ الْإِمَامِ وَأَخَذَ بِهِ وَالْمَشَايِخُ اسْتَثْنَوْا مِنْهُ مَا لَا يَتَأَتَّى بِهِ السُّكْنَى كَقِطْعَةِ حَصِيرٍ وَوَتِدٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ وَرَجَّحَ فِي الْهِدَايَةِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ بِأَنَّهُ أَحْسَنُ وَأَرْفَقُ وَمِنْهُمْ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ. وَصَرَّحَ كَثِيرٌ كَصَاحِبِ الْمُحِيطِ وَالْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَالْكَافِي بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَالْإِفْتَاءُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَرْفَقَ. اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَدَارُ إلَّا عَلَى الْعُرْفِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ خَرَجَ عَلَى نِيَّةِ تَرْكِ الْمَكَانِ وَعَدَمِ الْعَوْدِ إلَيْهِ وَنَقَلَ مِنْ أَمْتِعَتِهِ مَا يَقُومُ بِهِ أَمْرُ سُكْنَاهُ وَهُوَ عَلَى نِيَّةِ نَقْلِ الْبَاقِي يُقَالُ لَيْسَ سَاكِنًا فِيهِ بَلْ انْتَقَلَ مِنْهُ وَسَكَنَ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ. وَبِهَذَا يَتَرَجَّحُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>