للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقْلَ مَا تَقُومُ بِهِ السُّكْنَى، وَهُوَ أَرْفَقُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَهُ الْعَيْنِيُّ، وَلَوْ إلَى سِكَّةٍ أَوْ مَسْجِدٍ عَلَى الْأَوْجَهِ، قَالَهُ الْكَمَالُ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ، وَهَذَا لَوْ يَمِينُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ بَرَّ بِخُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ كَمَا لَوْ كَانَ سُكْنَاهُ تَبَعًا وَكَمَا لَوْ أَبَتْ الْمَرْأَةُ النُّقْلَةَ وَغَلَبَتْهُ أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ وَلَوْ بِدُخُولِ لَيْلٍ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَهَذَا التَّرْجِيحُ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَتْحِ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَصَحُّ مَا يُفْتَى بِهِ مِنْ التَّصْحِيحَيْنِ. اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْمَشَايِخِ فَإِنَّ عَلَيْهِ يَتَّحِدُ قَوْلُ الْإِمَامِ مَعَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا قَوْلُ النَّهْرِ إنَّهُ لَيْسَ قَوْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ يُوهِمُ مَا قَالَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَإِنْ انْتَقَلَ إلَى السِّكَّةِ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ قَالُوا لَا يَبَرُّ. دَلِيلُهُ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ مَنْ خَرَجَ بِعِيَالِهِ مِنْ مِصْرِهِ فَمَا لَمْ يَتَّخِذْ وَطَنًا آخَرَ يَبْقَى وَطَنُهُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ كَذَا هَذَا اهـ وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: هَذَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ إلَى أَهْلِهَا وَأَمَّا إذَا سَلَّمَ فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ هُوَ وَالْمَتَاعُ فِي السِّكَّةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ اهـ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِطْلَاقُ عَدَمِ الْحِنْثِ أَوْجَهُ وَبَقَاءُ وَطَنِهِ فِي حَقِّ إتْمَامِ الصَّلَاةِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَسْمِيَتَهُ سَاكِنًا عُرْفًا، بَلْ يَقْطَعُ الْعُرْفُ فِيمَنْ نَقَلَ أَهْلَهُ وَأَمْتِعَتَهُ وَخَرَجَ مُسَافِرًا أَنْ لَا يُقَالَ فِيهِ إنَّهُ سَاكِنٌ وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْنَثُ مَا لَمْ يَتَّخِذْ مَسْكَنًا آخَرَ هـ.

قُلْت: الْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ وَالْعُرْفُ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ) الْإِشَارَةُ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَجَوَابُ الْمَسْأَلَةِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَأَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ مُسْتَقِلًّا بِالسُّكْنَى وَأَنْ لَا يَكُونَ التَّرْكُ لِطَلَبِ مَنْزِلٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ بَرَّ بِخُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ) وَإِنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِسُكْنَاهُ فَتْحٌ وَهَذَا الْفَرْقُ مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَكَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى عُرْفِهِمْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ سُكْنَاهُ تَبَعًا) كَابْنٍ كَبِيرٍ سَاكِنٍ مَعَ أَبِيهِ أَوْ امْرَأَةٍ مَعَ زَوْجِهَا فَلَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ أَوْ هِيَ زَوْجَهَا وَمَالَهَا لَا يَحْنَثُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَبَتْ الْمَرْأَةُ وَغَلَبَتْهُ) أَيْ وَخَرَجَ هُوَ وَلَمْ يُرِدْ الْعَوْدَ إلَيْهِ بَحْرٌ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا خَاصَمَا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ إلَخْ) عَطَفَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يَبَرُّ فِيهَا بِخُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ إلَخْ وَيَكُونُ الْجَوَابُ قَوْلَهُ الْآتِي لَمْ يَحْنَثْ

قَالَ فِي الْفَتْحِ: ثُمَّ إنَّمَا يَحْنَثُ بِتَأْخِيرِ سَاعَةٍ إذَا أَمْكَنَهُ النَّقْلُ فِيهَا وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لِعُذْرِ لَيْلٍ أَوْ خَوْفِ اللِّصِّ، أَوْ مَنْعِ ذِي سُلْطَانٍ أَوْ عَدَمِ مَوْضِعٍ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ أَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَتْحَهُ أَوْ كَانَ شَرِيفًا أَوْ ضَعِيفًا لَا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِ الْمَتَاعِ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَنْقُلُهُ لَا يَحْنَثُ، وَيَلْحَقُ ذَلِكَ الْوَقْتُ بِالْعَدَمِ لِلْعُذْرِ.

مَطْلَبُ إنْ لَمْ أَخْرُجْ فَكَذَا فَقُيِّدَ أَوْ مُنِعَ حَنِثَ

وَأَوْرَدَ مَا ذَكَرَهُ الْفَضْلِيُّ فِيمَنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ الْيَوْم فَهِيَ طَالِقٌ فَقُيِّدَ أَوْ مُنِعَ مِنْ الْخُرُوجِ حَنِثَ وَكَذَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ فِي مَنْزِلِ أَبِيهَا إنْ لَمْ تَحْضُرِي اللَّيْلَةَ مَنْزِلِي فَمَنَعَهَا أَبُوهَا مِنْ الْخُرُوجِ حَنِثَ، وَأُجِيبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَدَمًا فَيَحْنَثُ بِتَحْقِيقِهِ كَيْفَمَا كَانَ لِأَنَّ الْعَدَمَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاخْتِيَارِ، وَكَوْنُهُ فِعْلًا فَيَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالسُّكْنَى لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الِاخْتِيَارِيُّ، وَيَنْعَدِمُ بِعَدَمِهِ فَيَصِيرُ مَسْكَنًا لَا سَاكِنًا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُ الْحِنْثِ اهـ ثُمَّ أَعَادَ الْمَسْأَلَةَ فِي آخِرِ الْأَيْمَانِ وَذَكَرَ عَنْ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ فِي الشَّرْطِ الْعَدَمِيِّ خِلَافًا، وَأَنَّ الْأَصَحَّ الْحِنْثُ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدْ يَجْعَلُ الْمَوْجُودَ مَعْدُومًا بِالْعُذْرِ كَالْإِكْرَاهِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَجْعَلُ الْمَعْدُومَ مَوْجُودًا وَإِنْ وُجِدَ الْعُذْرُ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي آخِرِ التَّعْلِيقِ مِنْ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِدُخُولِ لَيْلٍ) هَذَا بِمُجَرَّدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>