فَخَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ وَالْمَقَابِرُ خَارِجُ بَغْدَادَ حَنِثَ (وَفِي لَا يَأْتِيهَا لَا) يَحْنَثُ إلَّا بِالْوُصُولِ كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى (كَمَا) لَا يَحْنَثُ (لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا تَأْتِيَ امْرَأَتُهُ عُرْسَ فُلَانٍ فَذَهَبَتْ قَبْلَ الْعُرْسِ وَكَانَتْ ثَمَّةَ حَتَّى مَضَى) الْعُرْسُ لِأَنَّهَا مَا أَتَتْ الْعُرْسَ بَلْ الْعُرْسُ أَتَاهَا ذَخِيرَةٌ.
حَلَفَ (لَيَأْتِيَنَّهُ) فَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ أَوْ حَانُوتَهُ لَقِيَهُ أَمْ لَا (فَلَوْ لَمْ يَأْتِهِ حَتَّى مَاتَ) أَحَدُهُمَا (حَنِثَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ) وَكَذَا كُلُّ يَمِينٍ مُطْلَقَةٍ أَمَّا الْمُؤَقَّتَةُ فَيُعْتَبَرُ آخِرُهَا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّهِ فَلَا حِنْثَ وَقَوْلُهُ: حَنِثَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ لَا يَحْنَثُ لِبُطْلَانِ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ كَمَا مَرَّ
ــ
[رد المحتار]
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ فَإِذَا خَرَجَ مَعَهُ فَجَاوَزَ الْبُيُوتَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فَقَدْ بَرَّ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ وُجُوبَ الْقَصْرِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ السَّفَرِ وَكَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا.
[تَنْبِيهٌ]
يُعْلَمُ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ جَوَابُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِيمَنْ حَلَفَ لَيُسَافِرَنَّ فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِمُجَاوَزَتِهِ الْعُمْرَانَ عَلَى قَصْدِ السَّفَرِ إلَى مَكَان بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُدَّةُ السَّفَرِ، فَإِذَا بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ رَجَعَ بِلَا ضَرَرٍ وَبِهِ أَفْتَى الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ السَّفَرِ كَمَا قُلْنَا لَا مُجَرَّدِ الْخُرُوجِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ بِهِ السَّفَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فَخَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ) أَيْ خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ مَعَ الْجِنَازَةِ بِأَنْ جَاوَزَ الْعُمْرَانَ قَالَ ط: لَكِنَّ الْعُرْفَ بِخِلَافِهِ فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِصْرَ فَزَارَ الْإِمَامَ لَا يُعَدُّ خَارِجًا مِنْهَا فِي عُرْفِنَا. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْخُرُوجِ مُطْلَقًا لِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ يُعَدُّ خَارِجًا (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ إلَّا فِي الْإِتْيَانِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى) هُوَ أَنَّ الْخُرُوجَ الِانْفِصَالُ مِنْ الدَّاخِلِ إلَى الْخَارِجِ وَأَمَّا الْإِتْيَانُ فَعِبَارَةٌ عَنْ الْوُصُولِ قَالَ تَعَالَى - {فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا} [الشعراء: ١٦]- (قَوْلُهُ فَذَهَبَتْ قَبْلَ الْعُرْسِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا تُعَدُّ عُرْفًا أَنَّهَا أَتَتْ الْعُرْسَ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي مُبَادِيهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَذْهَبُ إلَى وَلِيمَةٍ فَذَهَبَ لِطَلَبِ غَرِيمِهِ لَا يَحْنَثُ اهـ أَيْ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ فِي الْوَلِيمَةِ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْإِسْبِيجَابِيُّ.
(قَوْلُهُ فَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ أَوْ حَانُوتَهُ) فَلَوْ أَتَى مَسْجِدَهُ لَا يَكْفِي فَالشَّرْطُ الْوُصُولُ إلَى مَحَلِّهِ لَا الِاجْتِمَاعُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا) قُدِّرَ لَفْظُ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَخْتَصُّ بِمَوْتِ الْحَالِفِ فَقَطْ، بَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ حَنِثَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ) أَيْ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا، فَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِالطَّلَاقِ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ تَبْقَى الْيَمِينُ لَامِكَانِ الْإِتْيَانِ بَعْدَ مَوْتِهَا، نَعَمْ لَوْ كَانَ الشَّرْطُ طَلَاقَهَا مِثْلُ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَحْنَثُ بِمَوْتِهَا أَيْضًا لِتَحَقُّقِ الْيَأْسِ عَنْ الشَّرْطِ بِمَوْتِهَا إذْ لَا يُمْكِنُ طَلَاقُهَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْإِتْيَانِ وَنَحْوِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ عَنْ الْفَتْحِ، وَكَلَامُ الْفَتْحِ هُنَا مُوهِمٌ خِلَافَ الْمُرَادِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ يَمِينٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْإِتْيَانِ، بَلْ كُلُّ فِعْلٍ حَلَفَ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَطْلَقَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِوَقْتٍ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الْبِرِّ مِثْلُ لَيَضْرِبَنَّ زَيْدًا أَوْ لَيُعْطِيَنَّ فُلَانَةَ أَوْ لَيُطَلِّقَنَّ زَوْجَتَهُ وَتَحَقَّقَ الْيَأْسُ عَنْ الْبِرِّ يَكُونُ بِفَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلِذَا قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَأَصْلُ هَذَا الْحَالِفِ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ لَا يَحْنَثُ مَا دَامَ الْحَالِفُ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ قَائِمَيْنِ لِتَصَوُّرِ الْبِرِّ فَإِذَا فَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ. اهـ. بَحْرٌ قَالَ ح وَهَذَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْإِثْبَاتِ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى النَّفْيِ لَا يَحْنَثُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَيُمْكِنُ حِنْثُهُ حَالًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ أَمَّا الْمُؤَقَّتَةُ فَيُعْتَبَرُ آخِرُهَا) أَيْ آخِرُ وَقْتِهَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ آخِرُهُ أَيْ آخِرُ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ أَيْ فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ (قَوْلُهُ فَلَا حِنْثَ) لِتَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِآخِرِ الْوَقْتِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ (قَوْله لِبُطْلَانِ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ يَمِينَهُ لَوْ كَانَتْ بِالطَّلَاقِ مَثَلًا لَا تَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يُنَافِي التَّعْلِيقَ بِغَيْرِ الْقُرْبِ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءً. اهـ. ح (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute