دُيِّنَ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِخُرُوجِهَا مَرَّةً بِلَا إذْنٍ، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا خَرَجْت فَقَدْ أَذِنْت لَك سَقَطَ إذْنُهُ، وَلَوْ نَهَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْوَلْوَالِجِيَّة. وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ: حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَنْقُلُ أَهْلَهُ لِبَلَدِ كَذَا فَرَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ فَبَعَثَ رَجُلًا بِإِذْنِهِ فَنَقَلَ أَهْلَهُ لَا يَحْنَثُ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (إلَّا إنْ أَوْ حَتَّى) آذَنَ لَك لِأَنَّهُ لِلْغَايَةِ وَلَوْ نَوَى التَّعَدُّدَ صَدَقَ.
(حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ يُرَادُ بِهِ نِسْبَةَ السُّكْنَى إلَيْهِ) عُرْفًا وَلَوْ تَبَعًا أَوْ بِإِعَارَةٍ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمَجَازِ وَمَعْنَاهُ
ــ
[رد المحتار]
كَانَتْ مَمْنُوعَةً لَكِنَّ مَانِعَهَا الشَّرْعُ لَا الزَّوْجُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ دُيِّنَ) أَيْ وَلَا يَصْدُقُ فِي الْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى خَانِيَّةٌ أَيْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَإِنَّمَا دُيِّنَ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ مَرَّةً مُوجِبٌ الْغَايَةَ فِي قَوْلِهِ حَتَّى آذَنَ وَبَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْغَايَةِ مُنَاسَبَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا بَعْدَهُمَا مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُمَا فَيُسْتَعَارُ إلَّا بِإِذْنِي لِمَعْنَى حَتَّى آذَنَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ إلَخْ) أَيْ لَوْ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنٍ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ ثُمَّ خَرَجَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً بِلَا إذْنٍ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ بَحْرٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَهَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ كُلَّمَا خَرَجْت إلَخْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ابْنُ الْفَضْلِ، حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ حَنِثَ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ ثُمَّ قَالَ لَهَا كُلَّمَا نَهَيْتُك فَقَدْ أَذِنْت لَك فَنَهَاهَا لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ عِبَارَةً فَارِسِيَّةً وَقَالَ بَعْدَهَا ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ ذَهَبَ إلَى سَمَرْقَنْدَ وَبَعَثَ إلَيْهَا أَصْحَابُ السُّلْطَانِ حَتَّى أَخْرَجُوهَا عَلَى كُرْهٍ مِنْهَا وَذَهَبُوا بِهَا إلَى زَوْجِهَا بِسَمَرْقَنْدَ بِأَمْرِ الزَّوْجِ هَلْ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ؟ فَقِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ عَلَى ظَاهِرِ جَوَابِ الْكِتَابِ أَنَّ لِلزَّوْجِ نَقْلَهَا مِنْ بَلْدَةٍ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى بَعْدَمَا أَوْفَى الْمُعَجَّلَ لِأَنَّهُ صَحَّ الْأَمْرُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الزَّوْجِ وَانْتَقَلَ فِعْلُ الْمُخْرَجِ إلَيْهِ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ أَخْرَجَهَا بِنَفْسِهِ، أَمَّا عَلَى اخْتِيَارِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْلُهَا لَمْ يَصِحَّ الْأَمْرُ وَلَمْ يَنْتَقِلْ فِعْلُ الْمُخْرَجِ إلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ أَيْ لَوْ قَالَ لَا تَخْرُجِي إلَّا أَنْ آذَنَ أَوْ حَتَّى آذَنَ لَك، فَإِنَّهُ يَكْفِي الْإِذْنُ مَرَّةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ لِلْغَايَةِ، أَمَّا حَتَّى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إلَّا أَنْ فَتَجُوزُ بِإِلَّا عَنْهَا لِتَعَزُّرِ اسْتِثْنَاءِ الْإِذْنِ مِنْ الْخُرُوجِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ إلَّا إنْ نَسِيَ فَدَخَلَهَا نَاسِيًا ثُمَّ دَخَلَ ذَاكِرًا لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إلَّا نَاسِيًا لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ كُلِّ دُخُولٍ دُخُولًا بِصِفَةٍ فَبَقِيَ مَا سِوَاهُ دَاخِلًا تَحْتَ الْيَمِينِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى حَتَّى فَلَمَّا دَخَلَهَا نَاسِيًا انْتَهَتْ الْيَمِينُ. اهـ. (قَوْلُهُ صَدَقَ) أَيْ قَضَاءً لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ وَفِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ بَحْرٌ.
مَطْلَبُ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ يُرَادُ بِهِ نِسْبَةَ السُّكْنَى
(قَوْلُهُ وَلَوْ تَبَعًا) حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ أُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ وَهِيَ تَسْكُنُ مَعَ زَوْجِهَا حَنِثَ بِالدُّخُولِ نَهْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ.
قُلْت: وَهُوَ خِلَافُ مَا سَيَذْكُرُهُ آخِرَ الْأَيْمَانِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ وَيَظْهَرُ لِي أَرْجَحِيَّةَ مَا هُنَا حَيْثُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ نِسْبَةَ السُّكْنَى عُرْفًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَيْتَ الْمَرْأَةِ فِي الْعُرْفِ مَا تَسْكُنُهُ تَبَعًا لِزَوْجِهَا وَانْظُرْ مَا سَنَذْكُرُهُ آخِرَ الْأَيْمَانِ (قَوْلُهُ أَوْ بِإِعَارَةٍ) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ السُّكْنَى بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ إلَّا إذَا اسْتَعَارَهَا لِيَتَّخِذَ فِيهَا وَلِيمَةً فَيَدْخُلَهَا الْحَالِفُ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْعُمْدَةِ وَالْوَجْهُ فِيهِ ظَاهِرٌ نَهْرٌ أَيْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَسْكَنًا لَهُ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمَجَازِ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ يُرَادُ يَعْنِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي دَارِ زَيْدٍ أَنْ يُرَادَ بِهَا نِسْبَةُ الْمِلْكِ، وَقَدْ أُرِيدَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْعَارِيَّةُ وَنَحْوَهَا وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ مَعْنًى عَامٌّ يَكُونُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِهِ وَهُوَ نِسْبَةُ السُّكْنَى: أَيْ مَا يَسْكُنُهَا زَيْدٌ بِمِلْكٍ أَوْ عَارِيَّةٍ، لَكِنْ بَقِيَ مَا إذَا دَخَلَ دَارًا مَمْلُوكَةً لِزَيْدٍ وَسَاكِنُهَا غَيْرُهُ فَحَلَفَ رَجُلٌ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ، فَمُقْتَضَى كَوْنِ الْمُعْتَبَرِ نِسْبَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute