للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(شُرِطَ) لِلْبَرِّ (لِكُلِّ خُرُوجٍ إذْنٌ) إلَّا لِغَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ فُرْقَةٍ وَلَوْ نَوَى الْإِذْنَ مَرَّةً

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبُ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي

(قَوْلُهُ شُرِطَ لِلْبِرِّ لِكُلِّ خُرُوجٍ إذْنٌ) لِلْبِرِّ مُتَعَلِّقٌ بِشُرِطَ، وَلِكُلِّ مُتَعَلِّقٌ بِنَائِبِ الْفَاعِلِ وَهُوَ إذْنٌ لَا بِشُرِطَ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعْدِيَةُ فِعْلٍ بِحَرْفَيْنِ مُتَّفِقَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِذْنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا بِإِذْنِي أَمَّا مَا بَعْدَهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَمْرُ أَوْ الْعِلْمُ أَوْ الرِّضَا، وَإِنَّمَا شُرِطَ تَكْرَارُهُ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى خُرُوجٌ مَقْرُونٌ بِالْإِذْنِ فَمَا وَرَاءَهُ دَاخِلٌ فِي الْمَنْعِ الْعَامِ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا تَخْرُجِي خُرُوجًا إلَّا خُرُوجًا مُلْصَقًا بِإِذْنِي، قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيُشْتَرَطُ فِي إذْنِهِ لَهَا أَنْ تَسْمَعَهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ إذْنًا وَأَنْ تَفْهَمَهُ، فَلَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا عَهْدَ لَهَا بِهَا فَخَرَجَتْ حَنِثَتْ، وَأَنْ لَا تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْإِذْنَ فَلَوْ قَالَ لَهَا اُخْرُجِي أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ خَرَجْت لَيُخْزِيَنَّك اللَّهُ لَا يَكُونُ إذْنًا صَرَّحَ بِهِ مُحَمَّدٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا فِي غَضَبٍ اُخْرُجِي يَنْوِي التَّهْدِيدَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ اُخْرُجِي حَتَّى تَطْلُقِي اهـ مُلَخَّصًا.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَامَتْ لِلْخُرُوجِ فَقَالَ دَعُوهَا تَخْرُجُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَمْ يَكُنْ إذْنًا، وَلَوْ سَمِعَ سَائِلًا فَقَالَ لَهَا أَعْطِيهِ لُقْمَةً فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى إعْطَائِهِ بِلَا خُرُوجٍ كَانَ إذْنًا بِالْخُرُوجِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ قَالَ اشْتَرِ اللَّحْمَ فَهُوَ إذْنٌ، وَلَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ إلَى بَعْضِ أَقَارِبِهِ فَخَرَجَتْ لِكَنْسِ الْبَابِ أَوْ خَرَجَتْ فِي وَقْتٍ آخَرَ حَنِثَ، وَلَوْ اسْتَأْذَنَتْ فِي زِيَارَةِ الْأُمِّ فَخَرَجَتْ إلَى بَيْتِ الْأَخِ لَا يَحْنَثُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ بِالْخُرُوجِ، إلَّا إنْ قَالَ إنْ خَرَجْت إلَى أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِي وَفِي لَا تَخْرُجِي إلَّا بِرِضَايَ فَإِذْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أَوْ سَمِعْت وَلَمْ تَفْهَمْ لَا يَحْنَثُ بِالْخُرُوجِ لِأَنَّ الرِّضَا يَتَحَقَّقُ بِلَا عِلْمِهَا بِخِلَافِ الْإِذْنِ، وَفِي إلَّا بِأَمْرِي فَالْأَمْرُ أَنْ يُسْمِعَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ رَسُولِهِ وَفِي الْإِرَادَةِ وَالْهَوَى وَالرِّضَا لَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهَا، وَفِي إلَّا بِعِلْمِي لَا يَحْنَثُ لَوْ خَرَجَتْ وَهُوَ يَرَاهَا أَوْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ فَخَرَجَتْ بَعْدَهُ بِلَا عِلْمِهِ اهـ مُلَخَّصًا، وَتَمَامُ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا فَرْقَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُخَاطَبُ الزَّوْجَةَ أَوْ الْعَبْدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ أَوْ حَتَّى يَأْذَنَ أَوْ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ، أَوْ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ فُلَانٌ أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ، أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي دَارِهِ وَاَللَّهِ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِي فَإِنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ الْإِذْنُ فِي هَذَا كُلِّهِ لِأَنَّ قُدُومَ فُلَانٍ لَا يَتَكَرَّرُ عَادَةً وَالْإِذْنُ فِي الْكَلَامِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يُوجَدُ مِنْ الْكَلَامِ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَكَذَا خُرُوجُ الرَّجُلِ مِمَّا لَا يَتَكَرَّرُ عَادَةً، بِخِلَافِ الْإِذْنِ لِلزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا ذَلِكَ الْخُرُوجَ الْمَأْذُونَ فِيهِ لَا كُلَّ خُرُوجٍ إلَّا بِنَصٍّ صَرِيحٍ فِيهِ مِثْلُ أَذِنْت لَك أَنْ تَخْرُجِي كُلَّمَا أَرَدْت الْخُرُوجَ كَذَا فِي الْفَتْحِ. اهـ.

[تَتِمَّةٌ]

فِي النَّهْرِ عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ فَمَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَطَلَتْ الْيَمِينُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ اهـ وَفِي الذَّخِيرَةِ: حَلَفَ لَا يَشْرَبُ بِغَيْرِ إذْنِ فُلَانٍ فَنَاوَلَهُ فُلَانٌ بِيَدِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ بِاللِّسَانِ وَشَرِبَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِذْنٍ بَلْ هُوَ دَلِيلُ الرِّضَا (قَوْلُهُ أَوْ فُرْقَةٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: ثُمَّ انْعِقَادُ الْيَمِينِ عَلَى الْإِذْنِ فِي قَوْلِهِ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِيِّ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَاَللَّهِ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي مُقَيَّدٌ بِبَقَاءِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَصِحُّ لِمَنْ لَهُ الْمَنْعُ وَهُوَ مِثْلُ السُّلْطَانِ إذَا حَلَّفَ إنْسَانًا لَيَرْفَعَنَّ إلَيْهِ خَبَرَ كُلِّ دَاعِرٍ فِي الْمَدِينَةِ كَانَ عَلَى مُدَّةِ وِلَايَتِهِ فَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَخَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ عِنْدَنَا لِأَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ اهـ فَلَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْإِذْنِ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِقِيَامِ النِّكَاحِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ فِي أَوَاخِرِ الْأَيْمَانِ مَعَ عِدَّةِ مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَهُوَ كَوْنُ الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ تَصِيرُ مُقَيَّدَةً بِدَلَالَةِ الْحَالِ، بَقِيَ لَوْ خَرَجَتْ فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ هَلْ يَحْنَثُ؟ يَظْهَرُ لِي عَدَمُهُ لِأَنَّهَا وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>