حَتَّى لَوْ شَبِعَ بِشُرْبِ اللَّبَنِ يَحْنَثُ الْبَدْوِيُّ لَا الْحَضَرِيُّ زَيْلَعِيٌّ (وَالتَّعَشِّي مِنْهُ) أَيْ الزَّوَالُ: وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ: وَفِي عُرْفِنَا وَقْتُ الْعِشَاءِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ اهـ. قُلْت: وَهُوَ عُرْفُ مِصْرَ وَالشَّامِ (إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَالسُّحُورُ هُوَ الْأَكْلُ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ إنْ أَكَلْت أَوْ) قَالَ إنْ (شَرِبْت أَوْ لَبِسْت) أَوْ نَكَحْت وَنَحْوَ ذَلِكَ فَعَبْدِي حُرٌّ (وَنَوَى مُعَيَّنًا) أَيْ خُبْزًا أَوْ لَبَنًا أَوْ قُطْنًا مَثَلًا
(لَمْ يُصَدَّقْ أَصْلًا) فَيَحْنَثُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ وَقِيلَ يَدِينُ كَمَا لَوْ نَوَى كُلَّ الْأَطْعِمَةِ أَوْ كُلَّ مِيَاهِ الْعَالَمِ حَتَّى لَا يَحْنَثَ أَصْلًا لِنِيَّتِهِ مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ (وَلَوْ ضَمَّ) لِإِنْ أَكَلْت (طَعَامًا أَوْ) شَرِبْت (شَرَابًا أَوْ) لَبِسْت
ــ
[رد المحتار]
وَالسَّحُورُ ط (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ شَبِعَ إلَخْ) قَالَ الْكَرْخِيُّ: إذَا حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى فَأَكَلَ تَمْرًا أَوْ أُرْزًا أَوْ غَيْرَهُ حَتَّى شَبِعَ لَا يَحْنَثُ، وَلَا يَكُونُ غَدَاءً حَتَّى يَأْكُلَ الْخُبْزَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَكَلَ لَحْمًا بِغَيْرِ خُبْزٍ اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَنَحْوُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَدَاءِ مَا يُتَغَدَّى بِهِ فِي الْعُرْفِ غَالِبًا، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ يُتَغَدَّى بِهِ فِي الْعُرْفِ لَكِنَّهُ قَلِيلٌ، وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِي الْإِدَامِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ تَغَدَّى بِالْعِنَبِ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الرُّسْتَاقِ مِمَّنْ عَادَتُهُمْ التَّغَدِّي بِهِ فِي وَقْتِهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْتَهِي إلَى دُخُولِ وَقْتِ السُّحُورِ (قَوْلُهُ وَالسُّحُورُ) بِالْفَتْحِ مَا يُؤْكَلُ وَبِالضَّمِّ فِعْلُ الْفَاعِلِ مِصْبَاحٌ، وَالْمُنَاسِبُ هُنَا ضَبْطُهُ بِالضَّمِّ لِقَوْلِهِ هُوَ الْأَكْلُ وَلِيُنَاسِبَ التَّعْبِيرَ بِالتَّغَدِّي وَالتَّعَشِّي. قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَمَّا كَانَ السُّحُورُ مَا يُؤْكَلُ فِي السَّحَرِ وَالسَّحَرُ مِنْ الثُّلُثِ الْأَخِيرِ سُمِّيَ مَا يُؤْكَلُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي لِقُرْبِهِ مِنْ الثُّلُثِ الْأَخِيرِ سَحُورًا بِالْفَتْحِ وَالْأَكْلُ فِيهِ التَّسَحُّرُ. اهـ. قُلْت: فِي زَمَانِنَا لَا يُطْلِقُونَ السَّحُورَ إلَّا عَلَى مَا يُؤْكَلُ لَيْلًا لِأَجْلِ الصَّوْمِ.
مَطْلَبُ قَالَ إنْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْت وَنَوَى مُعَيَّنًا لَمْ يَصِحَّ
(قَوْلُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَغْتَسِلُ، أَوْ لَا يَنْكِحُ، أَوْ لَا يَسْكُنُ دَارَ فُلَانٍ، أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً وَنَوَى الْخَيْلَ أَوْ مِنْ جَنَابَةِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَوْ بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ أَوْ كُوفِيَّةٍ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ أَصْلًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ خُبْزًا أَوْ لَبَنًا إلَخْ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ الْفَرْدَ الشَّخْصِيَّ، بَلْ مَا يَعُمُّ النَّوْعِيَّ (قَوْلُهُ لَمْ يَصْدُقْ أَصْلًا) أَيْ لَا قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِي الْمَلْفُوظِ لِتَعَيُّنِ بَعْضِ مُحْتَمَلَاتِهِ وَمَا نَوَاهُ غَيْرُ مَذْكُورٍ نَصًّا فَلَمْ تُصَادِفْ النِّيَّةُ مَحَلَّهَا فَلَغَتْ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَدِينُ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الثَّانِي، وَاخْتَارَهُ الْخَصَّافُ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ تَقْدِيرًا وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ تَنْصِيصًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لِضَرُورَةِ اقْتِضَاءِ الْأَكْلِ مَأْكُولًا وَكَذَا اللُّبْسُ وَالشَّرَابُ، وَالْمُقْتَضَى لَا عُمُومَ لَهُ كَذَا قَالُوا. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمُقْتَضَى لِأَنَّهُ مَا يُقَدَّرُ لِتَصْحِيحِ الْمَنْطُوقِ بِأَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ كَذِبًا ظَاهِرًا كَرَفْعِ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ، أَوْ غَيْرَ صَحِيحٍ شَرْعًا كَأَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي، وَقَوْلُك لَا آكُلُ خَالٍ عَنْ ذَلِكَ، نَعَمْ الْمَفْعُولُ أَعْنِي الْمَأْكُولَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ وُجُودِ الْأَكْلِ وَمِثْلُهُ لَيْسَ مِنْ الْمُقْتَضَى بَلْ مِنْ حَذْفِ الْمَفْعُولِ اقْتِصَارًا وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ كَلَامٍ مُقْتَضًى إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَدْعِيَ مَكَانًا وَزَمَانًا، وَحَيْثُ كَانَ هَذَا الْمَصْدَرُ ضَرُورِيًّا لِلْفِعْلِ لَا يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ وَإِنْ عَمَّ بِوُقُوعِهِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَإِنَّ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْفِعْلِ فِي النَّفْيِ ثُبُوتَ الْمَصْدَرِ الْعَامِّ بِدُونِ ثُبُوتِ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالتَّخْصِيصِ فَإِنَّ عُمُومَهُ ضَرُورَةُ تَحَقُّقِ الْفِعْلِ فِي النَّفْيِ فَلَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ، بِخِلَافِ إنْ أَكَلْت أَكْلًا فَإِنَّ الِاسْمَ الْمَذْكُورَ صَرِيحًا فَيَقْبَلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ نَوَى إلَخْ) أَيْ كَمَا يَصْدُقُ دِيَانَةً لَوْ نَوَى كُلَّ الْأَطْعِمَةِ أَوْ الْمِيَاهِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ طَعَامًا أَوْ طَعَامَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَحْنَثُ، وَكَذَا لَوْ شَرِبَ مُدَّةَ عُمْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ الْكُلَّ وَلَمْ يَشْرَبْ الْكُلَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute