للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا: إنْ لَمْ تَهَبِينِي صَدَاقَك الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَبُوهَا إنْ وَهَبْتِيهِ فَأُمُّك طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُ بِمَهْرِهَا ثَوْبًا مَلْفُوفًا وَتَقْبِضَهُ فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ لَمْ يَحْنَثْ أَبُوهَا لِعَدَمِ الْهِبَةِ وَلَا الزَّوْجُ لِعَجْزِهَا عَنْ الْهِبَةِ عِنْدَ الْغُرُوبِ لِسُقُوطِ الْمَهْرِ بِالْبَيْعِ ثُمَّ إذَا أَرَادَتْ الرُّجُوعَ رَدَّتْهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ.

(وَفِي) حَلِفِهِ وَاَللَّهِ (لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ أَوْ لَيَقْلِبَنَّ هَذَا الْحَجَرَ ذَهَبًا حَنِثَ لِلْحَالِ)

ــ

[رد المحتار]

قَرِيبًا عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.

(قَوْلُهُ ثَوْبًا مَلْفُوفًا) قَيَّدَ بِهِ لِيُمْكِنَهَا الرَّدُّ عَلَيْهِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِيَعُودَ مَهْرُهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَتَقْبِضُهُ) هَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ ثَبَتَ لَهَا فِي ذِمَّتِهِ الثَّمَنُ فَانْتَفَيَا قِصَاصًا وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الزَّيْلَعِيُّ وَتَمَامُهُ فِي ح (قَوْلُهُ لِعَجْزِهَا عَنْ الْهِبَةِ إلَخْ) يَشْكُلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ إنَّ الدَّيْنَ إذَا قُبِضَ لَا يَسْقُطُ عَنْ ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ حَتَّى لَوْ أَبْرَأَهُ الدَّائِنُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ وَقُصَارَى أَمْرِ الشِّرَاءِ بِهِ أَنْ يَكُونَ كَقَبْضِهِ. اهـ. ح عَنْ شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ. قُلْت: وَأَصْلُ الْإِشْكَالِ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ ذَكَرَهُ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَزَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ وَأَجَابَ ط بِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعُرْفُ يَقْضِي بِأَنَّهَا إذَا اشْتَرَتْ بِمَهْرِهَا شَيْئًا تَصِيرُ لَا شَيْءَ لَهَا وَفِيهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْعَجْزُ وَعَدَمُ التَّصَوُّرِ شَرْعًا لَا عُرْفًا وَإِلَّا انْتَقَضَ الْأَصْلُ الْمَارُّ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ فَافْهَمْ: وَأَجَابَ السَّائِحَانِيُّ بِأَنَّهَا لَمَّا جَعَلَتْ الْمَهْرَ ثَمَنًا وَالْكُلُّ وَصْفٌ فِي الذِّمَّةِ تَغَيَّرَ مِنْ الْمَهْرِيَّةِ إلَى الثَّمَنِيَّةِ، فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَهْرٌ حَتَّى يُوهَبَ، وَأَمَّا الدَّيْنُ فَبَدَلُهُ لَمْ يُدْفَعْ عَلَى صَرِيحِ الْمُعَاوَضَةِ، فَلَمْ يَقَعْ التَّقَاضِي بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَمْ يُدْفَعْ حَالَةَ كَوْنِهِ وَصْفًا فِي الذِّمَّةِ، حَتَّى يَنْتَقِلَ إلَيْهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ. اهـ.

مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِمْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا

قُلْت: وَالْجَوَابُ الْوَاضِحُ أَنْ يُقَالَ قَدْ قَالُوا إنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا أَيْ إذَا دَفَعَ الدَّيْنَ إلَى دَائِنِهِ ثَبَتَ لِلْمَدْيُونِ بِذِمَّةِ دَائِنِهِ مِثْلُ مَا لِلدَّائِنِ بِذِمَّةِ الْمَدْيُونِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الْمُطَالَبَةِ، وَلِذَا لَوْ أَبْرَأَهُ الدَّائِنُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَدْيُونُ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى الدَّائِنُ شَيْئًا مِنْ الْمَدْيُونِ بِمِثْلِ دَيْنِهِ الْتَقَيَا قِصَاصًا أَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ مَعَ الدَّيْنِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ لِلْمَدْيُونِ بِذِمَّةِ الدَّائِنِ شَيْءٌ لِأَنَّ الثَّمَنَ هُنَا مُعَيَّنٌ وَهُوَ الدَّيْنُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا غَيْرَهُ فَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَدْيُونِ ضَرُورَةً بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ قَبْضِ الدَّيْنِ وَبَيْنَ الشِّرَاءِ بِهِ فَتَدَبَّرْ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ أَوْ لَيَقْلِبَنَّ الْحَجَرَ ذَهَبًا

(قَوْلُهُ وَفِي لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ إلَخْ) مِثْلُهُ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ بِخِلَافِ إنْ تَرَكْت مَسَّ السَّمَاءِ فَعَبْدِي حُرٌّ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ التَّرْكُ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَادَةً، وَفِي الْأَوَّلِ شَرْطُ عَدَمِ الْمَسِّ وَالْعَدَمُ يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحُ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ مَعْزِيًّا إلَى الْمُنْتَقَى، وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ عَنْ الْمُحِيطِ.

قُلْت: وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ فِي قَوْلِك لَا أَمَسُّ السَّمَاءَ وَقَوْلِك أَتْرُكُ مَسَّ السَّمَاءِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مُعْتَادٌ مُمْكِنٌ بِخِلَافِ الثَّانِي، وَهَذَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي إنْ لَمْ تُصَلِّي الصُّبْحَ غَدًا، وَفِي إنْ لَمْ تَرُدِّي الدِّينَارَ وَلَعَلَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى فَتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>