للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ حَسَنًا أَوْ أَحْسَنْت.

(أَوْ) حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ (إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) بِالْإِذْنِ فَكَلَّمَهُ (حَنِثَ) لِاشْتِقَاقِ الْإِذْنِ مِنْ الْأَذَانِ فَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِخِلَافِ لَا يُكَلِّمُهُ إلَّا بِرِضَاهُ فَرَضِيَ وَلَمْ يَعْلَمْ لِأَنَّ الرِّضَا مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ فَيَتِمُّ بِهِ (الْكَلَامُ) وَالتَّحْدِيثُ (لَا يَكُونُ إلَّا بِاللِّسَانِ) فَلَا يَحْنَثُ بِإِشَارَةٍ وَكِتَابَةٍ كَمَا فِي النُّتَفِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَا أَقُولُ لَهُ كَذَا فَكَتَبَ إلَيْهِ حَنِثَ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْكَلَامِ، لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ مَسْأَلَةِ شَمِّ الرَّيْحَانِ عَنْ الْجَامِعِ أَنَّهُ كَالْكَلَامِ خِلَافًا لِابْنِ سِمَاعَةَ (وَالْإِخْبَارُ وَالْإِقْرَارُ وَالْبِشَارَةُ تَكُونُ بِالْكِتَابَةِ لَا بِالْإِشَارَةِ وَالْإِيمَاءِ، وَالْإِظْهَارُ وَالْإِنْشَاءُ وَالْإِعْلَامُ يَكُونُ) بِالْكِتَابَةِ وَ (بِالْإِشَارَةِ أَيْضًا) وَلَوْ قَالَ لَمْ أَنْوِ الْإِشَارَةَ دُيِّنَ، وَفِي لَا يَدْعُوهُ أَوْ لَا يُبَشِّرُهُ يَحْنَثُ بِالْكِتَابَةِ (إنْ أَخْبَرْتنِي) أَوْ أَعْلَمْتنِي (أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ وَنَحْوُهُ يَحْنَثُ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَلَوْ قَالَ بِقُدُومِهِ وَنَحْوِهِ فَفِي الصِّدْقِ مُحَاصَّةٌ)

ــ

[رد المحتار]

تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لَوْ قَالَ ثَلَاثًا لِغَيْرِ الْمَدْخُولَةِ إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ انْحَلَّتْ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ لِاسْتِئْنَافِ الْكَلَامِ بِخِلَافِ فَاذْهَبِي يَا عَدُوَّةَ اللَّهِ اهـ وَحَيْثُ انْحَلَّتْ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ لَا يَقَعُ بِالثَّالِثَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ بِخِلَافِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ حَسَنًا أَوْ أَحْسَنْت) لِأَنَّ قَوْلَهُ اُنْظُرْ حَسَنًا يُفِيدُ التَّفْرِيعَ بِأَنَّك لَمْ تَتَأَمَّلْ فِي الْجَوَابِ وَقَوْلُهُ أَحْسَنْت وَإِنْ كَانَ تَصْوِيبًا إلَّا أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ لَمْ يُحْسِنْ قَوْلُهُ فَكُلٌّ مِنْ الْكَلِمَتَيْنِ مُوجِعٌ

(قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ وَقَوْلُهُ حَنِثَ جَوَابُ الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ لِاشْتِقَاقِ الْإِذْنِ) أَيْ اشْتِقَاقًا كَبِيرًا كَمَا فِي النَّهْرِ مِنْ الْأَذَانِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ ح.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْعِلْمِ بِمَعْنَاهُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ خَاطَبَهُ بِلُغَةٍ لَا يَفْهَمُهَا كَمَا قَدَّمْنَا نَظِيرَهُ فِي حَلِفِهِ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي (قَوْلُهُ فَرَضِيَ) أَيْ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بَعْدَ الْكَلَامِ بِأَنَّهُ كَانَ رَضِيَ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْنَثُ بِإِشَارَةٍ وَكِتَابَةٍ) وَكَذَا بِإِرْسَالِ رَسُولٍ، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى كَلَامًا عُرْفًا خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا} [الشورى: ٥١]- إلَى قَوْلِهِ - {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا} [الشورى: ٥١]- أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ عَنْ الْجَامِعِ) حَيْثُ قَالَ إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقُولُ لِفُلَانٍ شَيْئًا فَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا لَا يَحْنَثُ، وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ اهـ فَقَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ سِمَاعَةَ أَيْ فِيهِمَا فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ: الْحِنْثُ مُطْلَقًا، وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا، وَتَفْصِيلُ قَاضِي خَانْ ط (قَوْلُهُ تَكُونُ بِالْكِتَابَةِ) أَيْ كَمَا تَكُونُ بِاللِّسَانِ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ لِظُهُورِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَالْإِيمَاءُ) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى الْإِشَارَةِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْإِشَارَةَ بِالْيَدِ وَالْإِيمَاءَ بِالرَّأْسِ، لِأَنَّ الْأَصْل فِي الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ (قَوْلُهُ وَالْإِظْهَارُ إلَخْ) بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ.

(قَوْلُهُ وَالْإِنْشَاءُ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالْمِنَحِ: الْإِفْشَاءُ بِالْفَاءِ أَيْ لَوْ حَلَفَ لَا يُفْشِي سِرَّ فُلَانٍ أَوْ لَا يُظْهِرُهُ أَوْ لَا يُعْلِمُ بِهِ يَحْنَثُ بِالْكِتَابَةِ وَبِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَإِنْ نَوَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَيْ فِي الْإِظْهَارِ وَالْإِفْشَاءِ وَالْإِعْلَامِ وَالْإِخْبَارِ كَوْنَهُ بِالْكِتَابَةِ دُونَ الْإِشَارَةِ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَهَكَذَا فِي الْفَتْحِ، وَنَحْوُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي النَّهْرِ الْإِخْبَارَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْإِخْبَارَ لَا يَكُونُ بِالْإِشَارَةِ فَمَا مَعْنَى أَنَّهُ يَدِينُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْإِشَارَةَ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: دُيِّنَ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَصْدُقُ قَضَاءً كَمَا عَزَاهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَى عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، وَفِيهَا وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْإِشَارَةِ إذَا قَالَ أَشَرْت وَأَنَا لَا أُرِيدُ الَّذِي حَلَفْت عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ جَوَابًا لِشَيْءٍ سُئِلَ عَنْهُ لَمْ يَصْدُقْ فِي الْقَضَاءِ وَيَدِينُ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُبَشِّرُهُ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْبِشَارَةُ تَكُونُ بِالْكِتَابَةِ. اهـ. ح وَلَعَلَّهُ أَوْ لَا يُسِرُّهُ مِنْ الْإِسْرَارِ (قَوْلُهُ إنْ أَخْبَرْتنِي أَوْ أَعْلَمْتنِي إلَخْ) وَكَذَا الْبِشَارَةُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ الْإِعْلَامَ كَالْبِشَارَةِ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ الصِّدْقِ وَلَوْ بِلَا بَاءٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>