للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ التَّرْكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ. .

(حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ فَنَادَاهُ وَهُوَ نَائِمٌ فَأَيْقَظَهُ) فَلَوْ لَمْ يُوقِظْهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَلَوْ مُسْتَيْقِظًا حَنِثَ لَوْ بِحَيْثُ يَسْمَعُ بِشَرْطِ انْفِصَالِهِ عَنْ الْيَمِينِ، فَلَوْ قَالَ مَوْصُولًا: إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَاذْهَبِي أَوْ وَاذْهَبِي لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ يُرِدْ الِاسْتِئْنَافَ وَلَوْ قَالَ اذْهَبِي طَلُقَتْ لِأَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ، وَلَوْ قَالَ: يَا حَائِطُ اسْمَعْ أَوْ اصْنَعْ كَذَا وَكَذَا وَقَصَدَ إسْمَاعَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، لَمْ يَحْنَثْ زَيْلَعِيٌّ. وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: سَأَلَ مُحَمَّدٌ حَالَ صِغَرِهِ أَبَا حَنِيفَةَ فِيمَنْ قَالَ لِآخَرَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ثُمَّ مَاذَا؟ فَتَبَسَّمَ مُحَمَّدٌ وَقَالَ اُنْظُرْ حَسَنًا يَا شَيْخُ فَنَكَّسَ أَبُو حَنِيفَةَ ثُمَّ قَالَ حَنِثَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: أَحْسَنْت فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا أَدْرِي أَيَّ الْكَلِمَتَيْنِ أَوْجَعُ لِي؟

ــ

[رد المحتار]

وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ جُعِلَ الْمَاءُ نَظِيرَ الْحَيَاةِ لَزِمَ التَّفْصِيلُ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّ الْحَيَاةَ الْحَادِثَةَ غَيْرُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّرْكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ) لِأَنَّ تَرْكَ الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ إمْكَانِ فِعْلِهِ عَادَةً أَيْ بِخِلَافِ الْعَدَمِ فَإِنَّهُ يَتَحَقَّقُ مُطْلَقًا فَلِذَا حَنِثَ فِي إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ كَمَا فِي النَّهْرِ وَقَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ

(قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ يَقَعُ عَلَى الْأَبَدِ، وَإِنْ نَوَى يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ بَلَدًا أَوْ مَنْزِلًا فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً وَفِي أَيِّ يَوْمٍ كَلَّمَهُ حَنِثَ لِأَنَّهُ نَوَى تَخْصِيصَ مَا لَيْسَ بِمَلْفُوظٍ اهـ (قَوْلُهُ هُوَ الْمُخْتَارُ) خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَحْنَثُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ وَرَجَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ مُتَمَسِّكًا بِمَا فِي السِّيَرِ لَوْ أَمَّنَ الْمُسْلِمُ أَهْلَ الْحَرْبِ مِنْ مَوْضِعٍ بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ لَكِنَّهُمْ بِاشْتِغَالِهِمْ بِالْحَرْبِ لَمْ يَسْمَعُوهُ فَهَذَا أَمَانٌ. وَدُفِعَ بِالْفَرْقِ وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمَانَ يُحْتَاطُ فِي إثْبَاتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ لَوْ بِحَيْثُ يَسْمَعُ) أَيْ إنْ أَصْغَى إلَيْهِ بِأُذُنِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ لِعَارِضِ شُغْلٍ أَوْ صَمَمٍ، فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْ مَعَ الْإِصْغَاءِ لِشِدَّةِ بُعْدٍ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَفِيهِ لَوْ كَلَّمَهُ بِكَلَامٍ لَمْ يَفْهَمْهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ (قَوْلُهُ لَا تَطْلُقُ) أَقُولُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: فَلَوْ وَصَلَ وَقَالَ إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَاذْهَبِي لَا يَحْنَثُ وَلَوْ اذْهَبِي أَوْ وَاذْهَبِي يَحْنَثُ اهـ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ عَنْ الْمُنْتَقَى وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُرِدْ الِاسْتِئْنَافَ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُنْتَقَى إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: فَاذْهَبِي طَلَاقًا طَلُقَتْ بِهِ وَاحِدَةً، وَبِالْيَمِينِ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَقَصَدَ إسْمَاعَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ خِطَابَهُ مَعَ الْحَائِطِ بَلْ قَصَدَ خِطَابَ الْحَائِطِ فَقَطْ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ: لَوْ سَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ حَنِثَ إلَّا أَنْ لَا يَقْصِدَهُ فَيَدِينَ، أَمَّا لَوْ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ فَيَصْدُقُ قَضَاءً عِنْدَنَا وَلَوْ سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَنْ يَسَارِهِ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ السَّلَامَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ وَجْهٍ وَلَوْ سَبَّحَ لَهُ لِسَهْوٍ أَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ وَهُوَ مُقْتَدٍ لَمْ يَحْنَثْ وَخَارِجَ الصَّلَاةِ يَحْنَثُ.

[تَنْبِيهٌ]

لَوْ قَالَ إنْ ابْتَدَأْتُك بِكَلَامٍ فَعَبْدِي حُرٌّ فَالْتَقَيَا فَسَلَّمَ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ لَا يَحْنَثُ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ أَنْ يُكَلِّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ ابْتَدَأْتُك بِكَلَامٍ وَقَالَتْ هِيَ كَذَلِكَ لَا يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْهَا وَلَا تَحْنَثُ هِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ ابْتِدَائِهَا كَذَا فِي الْفَتْحِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَالذَّخِيرَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ. وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ إنْ ابْتَدَأْتُك بِكَلَامٍ أَوْ تَزَوُّجٍ أَوْ كَلَّمْتُك قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَنِي فَتَكَالَمَا أَوْ تَزَوَّجَا مَعًا لَمْ يَحْنَثْ أَبَدًا لِاسْتِحَالَةِ السَّبْقِ مَعَ الْقِرَانِ اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْبَزَّازِيَّةِ حَنِثَ الْحَالِفُ صَوَابُهُ لَا يَحْنَثُ.

(قَوْلُهُ حَنِثَ مَرَّتَيْنِ) لِأَنَّهُ انْعَقَدَ الْيَمِينُ بِالْأُولَى فَيَحْنَثُ بِالثَّانِيَةِ وَتَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ أُخْرَى، فَيَحْنَثُ بِهَا فِي الثَّالِثَةِ مَرَّةً لِأَنَّ الْيَمِينَ الْأُولَى قَدْ انْحَلَّتْ بِالثَّانِيَةِ، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>