للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقِرَانِهِ الْيَوْمَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ فَعَمَّ (فَإِنْ نَوَى النَّهَارَ صَدَقَ) لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ (وَلَوْ قَالَ لَيْلَةَ) أُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَذَا (فَهُوَ عَلَى اللَّيْلِ خَاصَّةً) لِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ مُفْرَدًا فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ قَالَ (إنْ كَلَّمْته) أَيْ عَمْرًا (إلَّا أَنْ يَقْدُمَ زَيْدٌ أَوْ حِينَ أَوْ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ أَوْ حَتَّى يَأْذَنَ فَكَذَا فَكَلَّمَهُ قَبْلَ قُدُومِهِ أَوْ) قَبْلَ (إذْنِهِ حَنِثَ وَ) لَوْ (بَعْدَهُمَا لَا يَحْنَثُ) لِجَعْلِهِ الْقُدُومَ وَالْإِذْنَ غَايَةً لِعَدَمِ الْكَلَامِ (وَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَهُمَا سَقَطَ الْحَلِفُ) قَيَّدَ بِتَأْخِيرِ الْجَزَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهُ فَقَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَقْدُمَ زَيْدٌ لَمْ يَكُنْ لِلْغَايَةِ بَلْ لِلشَّرْطِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْقِيتَ فَلَا تَطْلُقُ بِقُدُومِهِ بَلْ بِمَوْتِهِ (كَمَا لَوْ قَالَ) لِغَيْرِهِ (وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك حَتَّى يَأْذَنَ لِي فُلَانٌ أَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ وَاَللَّهِ لَا أُفَارِقُك حَتَّى تَقْضِيَ حَقِّي) أَوْ حَلَفَ لَيُوَفِّيَنَّهُ الْيَوْمَ

ــ

[رد المحتار]

فَهُوَ عَلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. سُمِّيَا جَدِيدَيْنِ: لِتَجَدُّدِهِمَا أَيْ عَوْدِهِمَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَإِنْ كَلَّمَهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا حَنِثَ (قَوْلُهُ لِقِرَانِهِ الْيَوْمَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْكَلَامُ لِأَنَّهُ عَرَضٌ وَالْعَرَضُ لَا يَقْبَلُ الِامْتِدَادَ إلَّا بِتَجَدُّدِ الْأَمْثَالِ كَالضَّرْبِ وَالْجُلُوسِ وَالسَّفَرِ وَالرُّكُوبِ وَذَلِكَ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ صُورَةً وَمَعْنًى وَالْكَلَامُ الثَّانِي يُفِيدُ مَعْنًى غَيْرَ مُفَادِ الْأَوَّلِ. وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ اسْمٌ لِأَلْفَاظٍ مُفِيدَةٍ مَعْنًى كَيْفَمَا كَانَ فَتَحَقَّقَتْ الْمُمَاثَلَةُ وَلِذَا يُقَالُ كَلَّمْته يَوْمًا فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا لَا يَمْتَدُّ الطَّلَاقُ وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ الْعَامِلِ فِي الظَّرْفِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ الظَّرْفُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ إلَّا لِتَعْيِينِ مَا تَحَقَّقَ فِيهِ الْمَقْصُودُ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ، وَقَدْ مَرَّ مَبْسُوطًا فِي بَحْثِ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ (قَوْلُهُ صَدَقَ) أَيْ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَعَنْ الثَّانِي لَا يَصْدُقُ قَضَاءً بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ مُفْرَدًا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْجَمْعِ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

وَكُنَّا حَسِبْنَا كُلَّ بَيْضَاءَ شَحْمَةً ... لَيَالِيَ لَاقَيْنَا جُذَامًا وَحِمْيَرًا

(قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَهُمَا لَا يَحْنَثُ) أَقُولُ: وَكَذَا مَعَهُمَا لِقَوْلِ الْخَانِيَّةِ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ حَتَّى يَدْخُلَهَا فُلَانٌ فَدَخَلَاهَا مَعًا لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا لَا أُكَلِّمُك حَتَّى تُكَلِّمَنِي وَكَذَا إنْ كَلَّمْتُك إلَّا أَنْ تُكَلِّمَنِي. اهـ. سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِجَعْلِهِ الْقُدُومَ وَالْإِذْنَ غَايَةً لِعَدَمِ الْكَلَامِ) أَمَّا الْغَايَةُ فِي " حَتَّى " فَظَاهِرَةٌ وَأَمَّا فِي " إلَّا أَنْ " فَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْأَصْلَ فِيهَا إلَّا أَنَّهَا تُسْتَعَارُ لِلشَّرْطِ، وَالْغَايَةُ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ لِمُنَاسَبَةٍ هِيَ أَنَّ حُكْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُخَالِفُ مَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ هِيَ لِلِاسْتِثْنَاءِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهَا إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْأَوْقَاتِ أَوْ الْأَحْوَالِ عَلَى مَعْنَى امْرَأَتُهُ طَالِقٌ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ أَوْ الْأَحْوَالِ إلَّا وَقْتَ قُدُومِ فُلَانٍ أَوْ إذْنِهِ أَوْ إلَّا حَالَ قُدُومِهِ، أَوْ إذْنِهِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ تَقْيِيدَ الْكَلَامِ بِوَقْتِ الْإِذْنِ أَوْ الْقُدُومِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ بَعْدَهُ حَنِثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَوْقَاتِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ إلَّا ذَلِكَ الْوَقْتُ. اهـ.

قُلْت: وَلِلْفَرْقِ بَيْنَ الْغَايَةِ وَالْحَالِ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا لَا يُكَلِّمُهُ إلَّا نَاسِيًا فَكَلَّمَهُ مَرَّةً نَاسِيًا ثُمَّ مَرَّةً ذَاكِرًا حَنِثَ وَفِي إلَّا أَنْ يَنْسَى لَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ سَقَطَ الْحَلِفُ) أَيْ بَطَلَ وَيَأْتِي وَجْهُهُ (قَوْلُهُ قَيَّدَ بِتَأْخِيرِ الْجَزَاءِ) تَبِعَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ صَاحِبَ النَّهْرِ، وَأَحْسَنُ مِنْهُ قَوْلُ الْبَحْرِ قَيَّدَ بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ أَفَادَهُ ح.

مَطْلَبُ إنْ كَلَّمَهُ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ أَوْ حَتَّى

(قَوْلُهُ بَلْ لِلشَّرْطِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهِيَ هُنَا لِلشَّرْطِ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ لَمْ يَقْدَمْ فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَا تَكُونُ لِلْغَايَةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ لَهَا فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّأْقِيتَ وَالطَّلَاقُ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُهُ مَعْنًى فَتَكُونُ لِلشَّرْطِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ التَّأْقِيتَ) يَعْنِي أَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ لِلْغَايَةِ فِيمَا يَحْتَمِلُ التَّأْقِيتَ، وَالطَّلَاقُ مِمَّا لَا تَحْتَمِلُهُ فَتَكُونُ فِيهِ لِلشَّرْطِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الشَّرْطَ وَهُوَ إلَّا أَنْ يَقْدَمَ مُثْبَتٌ، فَالْمَفْهُومُ أَنَّ الْقُدُومَ شَرْطُ الطَّلَاقِ لَا عَدَمُهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ حُمِلَ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقُدُومَ

<<  <  ج: ص:  >  >>