للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَمَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ الْإِذْنِ أَوْ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ) فَالْيَمِينُ سَاقِطَةٌ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْحَالِفَ إذَا جَعَلَ لِيَمِينِهِ غَايَةً وَفَاتَتْ الْغَايَةُ بَطَلَ الْيَمِينُ خِلَافًا لِلثَّانِي.

(كَلِمَةُ مَا زَالَ وَمَادَامَ وَمَا كَانَ غَايَةٌ تَنْتَهِي الْيَمِينُ بِهَا) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا مَا دَامَ بِبُخَارَى، فَخَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ فَفَعَلَ لَا يَحْنَثُ لِانْتِهَاءِ الْيَمِينِ، وَكَذَا لَا يَأْكُلُ هَذَا الطَّعَامَ مَا دَامَ فِي مِلْكِ فُلَانٍ فَبَاعَ فُلَانٌ بَعْضَهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَاقِيهِ لِانْتِهَاءِ الْيَمِينِ بِبَيْعِ الْبَعْضِ وَكَذَا لَا أُفَارِقُك حَتَّى تَقْضِيَنِي حَقِّي الْيَوْمَ أَوْ حَتَّى أُقَدِّمَك إلَى السُّلْطَانِ الْيَوْمَ لَا يَحْنَثُ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ بَلْ بِمُفَارَقَتِهِ بَعْدَهُ

ــ

[رد المحتار]

رَافِعًا لِلطَّلَاقِ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ مَعْنَى التَّرْكِيبِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مِنْ الْحَالِ مُسْتَمِرًّا إلَى الْقُدُومِ فَيَرْتَفِعُ فَالْقُدُومُ عَلَمٌ عَلَى الْوُقُوعِ قَبْلَهُ وَحَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ ارْتِفَاعُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَأَمْكَنَ وُقُوعُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدُومِ اُعْتُبِرَ الْمُمْكِنُ فَجُعِلَ عَدَمُ الْقُدُومِ شَرْطًا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ فُلَانٌ قَبْلَ الْقُدُومِ أَوْ الْإِذْنِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْفَتْحِ: أَيْ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ (قَوْلُهُ بَطَلَ الْيَمِينُ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ بَقَاءَ تَصَوُّرِ الْبِرِّ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ الْمُؤَقَّتَةِ وَهَذِهِ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا مُوَقَّتَةٌ بِبَقَاءِ الْإِذْنِ وَالْقُدُومِ إذْ بِهِمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْبِرِّ بِلَا حِنْثٍ وَلَمْ يَبْقَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ إلَيْهِ الْإِذْنُ وَالْقُدُومُ وَعِنْدَ الثَّانِي لَمَّا كَانَ التَّصَوُّرُ غَيْرَ شَرْطٍ فَعِنْدَ سُقُوطِ الْغَايَةِ تَتَأَبَّدُ الْيَمِينُ فَأَيُّ وَقْتٍ كَلَّمَهُ فِيهِ يَحْنَثُ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ كَلِمَةُ مَا زَالَ وَمَا دَامَ إلَخْ) هَذَا مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ.

قُلْت: وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَوَّامِ فِي زَمَانِنَا لَا أَفْعَلُ كَذَا طُولَ مَا أَنْتَ سَاكِنٌ. وَفِي الْبَحْرِ: لَا أُكَلِّمُهُ مَا دَامَ عَلَيْهِ هَذَا الثَّوْبُ فَنَزَعَهُ ثُمَّ لَبِسَهُ وَكَلَّمَهُ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُهُ وَعَلَيْهِ هَذَا الثَّوْبُ إلَخْ لِأَنَّهُ مَا جَعَلَ الْيَمِينَ مُوَقَّتَةً بِوَقْتٍ بَلْ قَيَّدَهَا بِصِفَةٍ فَتَبْقَى مَا بَقِيَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ. قَالَ لِأَبَوَيْهِ إنْ تَزَوَّجْت مَا دُمْتُمَا حَيَّيْنِ فَكَذَا فَتَزَوَّجَ فِي حَيَاتِهِمَا حَنِثَ، وَلَوْ تَزَوَّجَ أُخْرَى لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مَادُمْتُمَا حَيَّيْنِ فَيَحْنَثُ بِكُلِّ امْرَأَةٍ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْيَمِينُ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ التَّزَوُّجُ مَا دَامَا حَيَّيْنِ وَلَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا.

مَطْلَبُ لَا أَفْعَلُ مَا دَامَ كَذَا

(قَوْلُهُ فَخَرَجَ مِنْهَا) أَيْ بِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَا دَامَ فِي الدَّارِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ بِأَهْلِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ مَا دَامَتْ بُخَارَى وَطَنًا لَهُ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ فَهُوَ كَالدَّارِ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: حَلَفَ لَا يَشْرَبُ النَّبِيذَ مَا دَامَ بِبُخَارَى فَفَارَقَهَا ثُمَّ عَادَ وَشَرِبَ قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ إنْ فَارَقَهَا بِنَفْسِهِ ثُمَّ عَادَ وَشَرِبَ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا دَامَتْ بُخَارَى وَطَنًا لَهُ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ ثُمَّ عَادَ وَشَرِبَ حَنِثَ لِبَقَاءِ وَطَنِهِ بِهَا اهـ وَفِيهَا وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك مَا دُمْت فِي هَذِهِ الدَّارِ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِانْتِقَالٍ تَبْطُلُ بِهِ السُّكْنَى لِأَنَّ مَعْنَى مَا دُمْت فِي هَذِهِ الدَّارِ مَا سَكَنْت فِيهَا وَمَا بَقِيَ فِي الدَّارِ وَتَدٌ يَكُونُ سَاكِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَكُونُ سَاكِنًا بِذَلِكَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا (قَوْلُهُ لِانْتِهَاءِ الْيَمِينِ بِبَيْعِ الْبَعْضِ) الَّذِي يَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ أَكْلُ كُلِّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو السُّعُودُ أَيْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كُلُّ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ فِي مَجْلِسٍ أَوْ يَشْرَبُهُ فِي شَرْبَةٍ فَالْحَلِفُ عَلَى كُلِّهِ وَإِلَّا فَعَلَى بَعْضِهِ.

أَقُولُ: وَيَظْهَرُ لِي عَدَمُ الْحِنْثِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الشَّرْطِ. نَظِيرَ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا فِي مَا دُمْتُمَا حَيَّيْنِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَانِيَّةِ عَلَّلَ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ الْأَكْلُ حَالَ بَقَاءِ الْكُلِّ فِي مِلْكِ فُلَانٍ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ فَافْهَمْ.

مَطْلَبُ لَا أُفَارِقُك حَتَّى تَقْضِيَنِي حَقِّي الْيَوْمَ

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَا أُفَارِقُك حَتَّى تَقْضِيَنِي حَقِّي الْيَوْمَ) أَيْ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يَتْرُكَ لُزُومَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ حَقَّهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بَلْ بِمُفَارَقَتِهِ بَعْدَهُ) أَيْ بَلْ يَحْنَثُ بِمُفَارَقَتِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ بِدُونِ إعْطَاءٍ، وَأَمَّا لَوْ فَارَقَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ فَهُوَ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>