للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَدِمَ الْيَوْمَ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَهُ بَحْرٌ. وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ يَجُرَّهُ إلَى بَابِ الْقَاضِي وَيُحَلِّفَهُ فَاعْتَرَفَ الْخَصْمُ أَوْ ظَهَرَ شُهُودٌ سَقَطَ الْيَمِينُ لِتَقَيُّدِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِحَالِ إنْكَارِهِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ.

(وَفِي) حَلِفِهِ (لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ) أَيْ عَبْدَ فُلَانٍ (أَوْ عُرْسَهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ) أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامَهُ أَوْ لَا يَرْكَبُ دَابَّتَهُ (إنْ زَالَتْ إضَافَتُهُ) بِبَيْعٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عَدَاوَةٍ (وَكَلَّمَهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْعَبْدِ)

ــ

[رد المحتار]

بِالْأَوْلَى وَلِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَدِمَ الْيَوْمَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا أُفَارِقُك الْيَوْمَ حَتَّى تُعْطِيَنِي حَقِّي فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُفَارِقْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ وَقَّتَ لِلْفِرَاقِ ذَلِكَ الْيَوْمَ بَحْرٌ. وَوَقَعَ فِي الْخَانِيَّةِ ذِكْرُ الْيَوْمِ مُقَدَّمًا وَمُؤَخَّرًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ وَإِنْ فَارَقَهُ بَعْدَهُ) مُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ فَارَقَهُ فِي الْيَوْمِ لَا يَحْنَثُ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَضَاهُ حَقَّهُ وَإِلَّا حَنِثَ فَالْإِطْلَاقُ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ كَمَا لَا يَخْفَى أَفَادَهُ ح.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يُفَارِقُنِي فَفَرَّ مِنْهُ يَحْنَثُ

[تَنْبِيهٌ]

قَيَّدَ بِالْمُفَارَقَةِ لِأَنَّهُ لَوْ فَرَّ مِنْهُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ لَا يُفَارِقُنِي يَحْنَثُ خَانِيَّةٌ. وَفِيهَا لَا أَدَعُ مَالِي عَلَيْك الْيَوْمَ فَحَلَّفَهُ عِنْدَ الْقَاضِي بَرَّ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ فَحَبَسَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْبِسْهُ يُلَازِمُهُ إلَى اللَّيْلِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يَحِلَّ يَقُولُ لَهُ أَعْطِنِي مَالِي فَإِذَا قَالَهُ صَارَ بَارًّا وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الدَّيْنِ بِالضَّرْبِ وَالْقَتْلِ أَنَّهُ لَوْ قَعَدَ بِحَيْثُ يَرَاهُ وَيَحْفَظُهُ فَلَيْسَ بِمُفَارِقٍ وَسَيَأْتِي تَمَامُ مَسَائِلِ قَضَاءِ الدَّيْنِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ إلَخْ) نَقَلَ فِي الْمِنَحِ هَذَا الْفَرْعَ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى بِعِبَارَةٍ مُطَوَّلَةٍ فَرَاجِعْهَا (قَوْلُهُ لِتَقَيُّدِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِحَالِ إنْكَارِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْمَدْيُونُ لِغَرِيمِهِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا بِإِذْنِهِ فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِحَالِ قِيَامِ الدَّيْنِ، لَكِنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ ظَهَرَ شُهُودٌ فَإِنَّهُ بِظُهُورِ الشُّهُودِ لَمْ يَزُلْ الْإِنْكَارُ بَلْ الْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّهُ بَعْدَ ظُهُورِ الشُّهُودِ لَا يُمْكِنُ التَّحْلِيفُ تَأَمَّلْ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: حَلَّفَهُ لَيُوَفِّيَنَّ حَقَّهُ يَوْمَ كَذَا وَلَيَأْخُذَنَّ بِيَدِهِ وَلَا يَنْصَرِفُ بِلَا إذْنِهِ فَأَوْفَاهُ الْيَوْمَ وَلَمْ يَأْخُذْ بِيَدِهِ وَانْصَرَفَ بِلَا إذْنِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْإِيفَاءُ. اهـ.

قُلْت: وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَلْفَاظِ لَا عَلَى الْأَغْرَاضِ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ غَيْرُ مَلْفُوظٍ لَكِنْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْعُرْفَ يَصْلُحُ مُخَصَّصًا وَهُنَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْعُرْفَ يُخَصِّصُ ذَلِكَ بِحَالِ قِيَامِ الدَّيْنِ قَبْلَ الْإِيفَاءِ وَيُوَضِّحُهُ أَيْضًا مَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ التَّبْيِينِ.

[تَنْبِيهٌ]

رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ لَوْ حَلَفَ أَنْ يَجُرَّهُ إلَخْ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ يَشْتَكِيَ فُلَانًا ثُمَّ تَصَالَحَا وَزَالَ قَصْدُ الْإِضْرَارِ وَاخْتَشَى عَلَيْهِ مِنْ الشِّكَايَةِ يَسْقُطُ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ فِي الْمَعْنَى بِدَوَامِ حَالَةِ اسْتِحْقَاقِ الِانْتِقَامِ كَمَا ظَهَرَ لِي اهـ فَتَأَمَّلْهُ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ عُرْسَهُ ثُمَّ زَالَتْ الْإِضَافَةُ بِبَيْعٍ أَوْ طَلَاقٍ

(قَوْلُهُ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ) هَذِهِ الْإِضَافَةُ إضَافَةُ مِلْكٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ عُرْسَهُ أَوْ صَدِيقَهُ إضَافَةُ نِسْبَةٍ وَهَذَا فِي إضَافَةِ الْمُفْرَدِ وَأَمَّا إضَافَةُ الْجَمْعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ زَوَالُ الْإِضَافَةِ وَالتَّجَدُّدِ، نَعَمْ يُفَرَّقُ فِي إضَافَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ إضَافَةِ الْمِلْكِ وَالنِّسْبَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْكُلِّ فِي النِّسْبَةِ وَبِأَدْنَى الْجَمْعِ فِي الْمِلْكِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ إنْ زَالَتْ إضَافَتُهُ) أَيْ وَلَوْ إلَى الْحَالِفِ كَمَا فِي لَا آكُلُ هَذَا فَأَهْدَاهُ لَهُ فَأَكَلَ لَمْ يَحْنَثْ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ وَكَذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ بِبَيْعٍ) أَيْ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ رَمْلِيٌّ وَهَذَا رَاجِعٌ لِلْعَبْدِ وَالدَّارِ وَمَا بَعْدَهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقٍ) رَاجِعٌ لِلْعُرْسِ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَدَاوَةٍ رَاجِعٌ لِلصَّدِيقِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُمْلَكُ كَالدَّارِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>