وَنَحْوِهِ مِمَّا يُمْلَكُ كَالدَّارِ (أَشَارَ إلَيْهِ) بِهَذَا (أَوَّلًا) عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْعَبْدَ سَاقِطُ الِاعْتِبَارِ عِنْدَ الْأَحْرَارِ فَكَانَ كَالثَّوْبِ وَالدَّارِ (وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ فِي تَكْلِيمِ غَيْرِ الْعَبْدِ مِنْ الْعُرْسِ وَالصَّدِيقِ لَا الدَّارِ لِأَنَّهَا لَا تُكَلَّمُ فَتَكُونُ الدَّارُ مَسْكُوتًا عَنْهَا لِلْعِلْمِ بِأَنَّهَا كَالْعَبْدِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَتَنَبَّهْ.
(إنْ أَشَارَ) بِهَذَا أَوْ عَيَّنَ (حَنِثَ) لِأَنَّ الْحُرَّ يَهْجُرُ لَذَّاتِهِ (وَإِلَّا) يُشِرْ وَلَمْ يُعَيِّنْ (لَا) يَحْنَثُ (وَحَنِثَ بِالتَّجَدُّدِ) بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ الْيَمِينِ.
ــ
[رد المحتار]
هَذَا التَّعْمِيمُ لَا يُنَاسِبُ حِلَّهُ الْآتِيَ حَيْثُ جَعَلَ الدَّارَ مَسْكُوتًا عَنْهَا لِكَوْنِهَا لَا تُكَلَّمُ وَجَعَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ قَوْلَهُ وَكَلَّمَهُ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ أَيْ وَفَعَلَ الْحَالِفُ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ بِأَنْ كَلَّمَ الْعَبْدَ أَوْ دَخَلَ الدَّارَ الْمُعَيَّنَ أَوْ غَيْرَهُ اهـ وَلَوْ فَعَلَ الشَّارِحُ كَذَلِكَ لَصَحَّ تَعْمِيمُهُ هُنَا وَاسْتَغْنَى عَمَّا يَأْتِي.
[تَنْبِيهٌ]
اسْتَثْنَى فِي الْبَحْرِ مَسْأَلَةً يَحْنَثُ فِيهَا وَإِنْ زَالَتْ الْإِضَافَةُ وَهِيَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ فُلَانٍ وَفُلَانٌ بَائِعُ الطَّعَامِ فَاشْتَرَى مِنْهُ وَأَكَلَ حَنِثَ. قَالَ: وَعَلَّلَهُ فِي الْوَاقِعَاتِ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ طَعَامَهُ بِاسْمِ مَا كَانَ مَجَازًا بِحُكْمِ دَلَالَةِ الْحَالِ وَكَذَا لَا أَلْبَسُ مِنْ ثِيَابِ فُلَانٍ. اهـ.
قُلْت: وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَائِعًا يُرَادُ بِهِ مَا يُشْتَرَى مِنْهُ أَوْ مَا يَصْنَعُهُ فَلَا تَتَقَيَّدُ الْيَمِينُ بِحَالِ قِيَامِ الْإِضَافَةِ لِأَنَّ إضَافَةَ الْمِلْكِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَيْهِ بِهَذَا أَوَّلًا) أَمَّا إذَا لَمْ يُشِرْ إلَيْهِ فَلِأَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى فِعْلٍ وَاقِعٍ فِي مَحَلٍّ مُضَافٍ إلَى فُلَانٍ فَيَحْنَثُ مَا دَامَتْ الْإِضَافَةُ بَاقِيَةً وَإِنْ كَانَتْ مُتَجَدِّدَةً بَعْدَ الْيَمِينِ وَلَا يَحْنَثُ بَعْدَ زَوَالِهَا لِعَدَمِ شَرْطِ الْحِنْثِ. وَأَمَّا إذَا أَشَارَ إلَيْهِ فَلِأَنَّ الْيَمِينَ عُقِدَتْ عَلَى عَيْنٍ مُضَافَةٍ إلَى فُلَانٍ إضَافَةَ مِلْكٍ فَلَا تَبْقَى الْيَمِينُ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ كَمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ وَهَذَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْيَانَ لَا يُقْصَدُ هِجْرَانُهَا لِذَوَاتِهَا بَلْ لِمَعْنًى فِي مُلَّاكِهَا وَالْيَمِينُ تَتَقَيَّدُ بِمَقْصُودِ الْحَالِفِ وَلِهَذَا تَتَقَيَّدُ بِالصِّفَةِ الْحَامِلَةِ عَلَى الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَاضِرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ وَهَذِهِ صِفَةٌ حَامِلَةٌ عَلَى الْيَمِينِ فَتَتَقَيَّدُ بِهَا فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ مَا دَامَ مِلْكًا لِفُلَانٍ نَظَرًا إلَى مَقْصُودِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حِنْثَهُ بِالْمُتَجَدِّدِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُشِرْ حَنِثَ بِالتَّجَدُّدِ وَإِنْ أَشَارَ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْكَنْزِ ح (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) مُقَابِلُهُ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ الْعَبْدَ كَالصَّدِيقِ لَا كَالدَّارِ بَحْرٌ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ فِي الدَّارِ وَالْعَبْدِ عِنْدَ الْإِشَارَةِ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ سَاقِطُ الِاعْتِبَارِ) هَذَا وَجْهُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَلِذَا يُبَاعُ كَالْحِمَارِ، فَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْهُ أَذًى إنَّمَا يَقْصِدُ هِجْرَانَ سَيِّدِهِ بِهِجْرَانِهِ (قَوْلُهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى) لِأَنَّ الْعَبْدَ عَاقِلٌ يُمْكِنُ أَنْ يُعَادِيَ لِذَاتِهِ وَمَعَ هَذَا قِيلَ إنَّهُ سَاقِطُ الِاعْتِبَارِ فَالدَّارُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) أَيْ لِكَوْنِ هَذَا مُرَادَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ إنْ أَشَارَ بِهَذَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ صَدِيقَ فُلَانٍ هَذَا أَوْ زَوْجَهُ هَذِهِ (قَوْلُهُ أَوْ عَيَّنَ) مِثْلُ لَا أُكَلِّمُ عَبْدَك زَيْدًا (قَوْلُهُ حَنِثَ) أَيْ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بَعْدَ زَوَالِ الْإِضَافَةِ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَحْنَثُ بِالْمُتَجَدِّدِ كَمَا فِي الْكَنْزِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحُرَّ يَهْجُرُ لَذَّاتِهِ) أَيْ فَكَانَتْ الْإِضَافَةُ لِلتَّعْرِيفِ الْمَحْضِ، وَالدَّاعِي لِمَعْنًى فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَا أُكَلِّمُ صَدِيقَ فُلَانٍ لِأَنَّ فُلَانًا عَدُوٌّ لِي زَيْلَعِيٌّ. أَفَادَ أَنَّ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّاعِيَ لِمَعْنًى فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ، فَلَوْ وُجِدَتْ لَا يَحْنَثُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِضَافَةِ وَمِثْلُهَا النِّيَّةُ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ أَيْ الْكَنْزِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ، وَأَمَّا إذَا نَوَى فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يُشِرْ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَا يَحْنَثُ) إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ شَرْحُ الْمُلْتَقَى (قَوْلُهُ بِأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَوْ تَزَوَّجَ بَعْدَ الْيَمِينِ) لَمَّا كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ وَحَنِثَ بِالْمُتَجَدِّدِ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا لَا الْوَاقِعِ فِي مَسْأَلَةِ غَيْرِ الْعَبْدِ مَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ: أَحَدُهُمَا فِي الْعَبْدِ، وَالْآخَرُ فِي غَيْرِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَحَنِثَ بِالتَّجَدُّدِ مُرْتَبِطٌ بِمَسْأَلَةِ الْعَبْدِ أَيْضًا بِقَرِينَةِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا حُكْمَ التَّجَدُّدِ، فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute