فِي الصَّحِيحِ خُلَاصَةٌ، قَيَّدَ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ حَيًّا وَلَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ وَلَا بِهِ حَدَثٌ أَوْ خَبَثٌ لَمْ يُنْزَحْ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ فَمَهُ الْمَاءُ فَيُعْتَبَرُ بِسُؤْرِهِ، فَإِنْ نَجِسًا نُزِحَ الْكُلُّ وَإِلَّا لَا هُوَ الصَّحِيحُ، نَعَمْ يُنْدَبُ عَشَرَةٌ مِنْ الْمَشْكُوكِ لِأَجْلِ الطَّهُورِيَّةِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، زَادَ التَّتَارْخَانِيَّة: وَعِشْرِينَ فِي الْفَأْرَةِ، وَأَرْبَعِينَ فِي سِنَّوْرٍ وَدَجَاجَةٍ مُخَلَّاةٍ كَآدَمِيٍّ مُحْدِثٍ،
ــ
[رد المحتار]
فَجَعَلَ يَدَهُ عَلَيْهَا كُلَّمَا صَبَّ عَلَى الْيَدِ فَإِذَا غَسَلَ الْيَدَ ثَلَاثًا طَهُرَتْ الْعُرْوَةُ بِطَهَارَةِ الْيَدِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ خُلَاصَةٌ) وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّوَالِي وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْخِنْزِيرِ، وَكَذَا الْكَلْبُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُ الْبِئْرَ مُطْلَقًا، وَبِخِلَافِ الْمُحْدِثِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ نَزْحُ أَرْبَعِينَ كَمَا يَذْكُرُهُ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْحَيَوَانِ خَبَثٌ أَيْ نَجَاسَةٌ وَعَلِمَ بِهَا فَإِنَّهُ يُنَجِّسُ مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَيَّدْنَا بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْبَقَرِ وَنَحْوِهِ يَخْرُجُ حَيًّا لَا يَجِبُ نَزْحُ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ اشْتِمَالَ بَوْلِهَا عَلَى أَفْخَاذِهَا، لَكِنْ يُحْتَمَلُ طَهَارَتُهَا بِأَنْ سَقَطَتْ عَقِبَ دُخُولِهَا مَاءٌ كَثِيرٌ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَمْ يُنْزَحْ شَيْءٌ) أَيْ وُجُوبًا؛ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ وَقَعَتْ الشَّاةُ وَخَرَجَتْ حَيَّةٌ يُنْزَحُ عِشْرُونَ دَلْوًا لِتَسْكِينِ الْقَلْبِ لَا لِلتَّطْهِيرِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُنْزَحْ وَتَوَضَّأَ جَازَ، وَكَذَا الْحِمَارُ وَالْبَغْلُ لَوْ خَرَجَ حَيًّا وَلَمْ يُصِبْ فَمُهُ الْمَاءَ، وَكَذَا مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالطُّيُورِ وَالدَّجَاجَةِ الْمَحْبُوسَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ (قَوْلُهُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ) أَقُولُ: لَمْ أَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهَا أَنَّهُ يُنْزَحُ فِي الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ جَمِيعُ الْمَاءِ إذَا أَصَابَ فَمُهُ الْمَاءَ، وَكَذَا فِي الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَيْهَا وَإِلَى غَيْرِهَا؛ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ، وَعَزَاهُ شَارِحُهَا إلَى الْمُبْتَغَى، وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَالْإِمْدَادِ وَالْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَمُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
وَقَالَ فِي الْمُنْيَةِ: كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ شَارِحُهَا الْحَلَبِيُّ: وَلَمْ يُرْوَ عَنْ غَيْرِهِ خِلَافُهُ. اهـ. وَفِي الْفَتْحِ: وَإِنْ أَدْخَلَ فَمَهُ الْمَاءَ نُزِحَ الْكُلُّ فِي النَّجِسِ، وَكَذَا تَظَافَرَ كَلَامُهُمْ فِي الْمَشْكُوكِ. اهـ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَكَذَا كُلُّ مَا سُؤْرُهُ نَجِسٌ أَوْ مَشْكُوكٌ يَجِبُ نَزْحُ الْكُلِّ. وَفِي السِّرَاجِ: وَسُؤْرُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ يُنْزَحُ كُلُّ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ طَهُورًا، وَكَذَا عَلَّلَهُ فِي الْحِلْيَةِ بِقَوْلِهِ لِصَيْرُورَةِ الْمَاءِ مَشْكُوكًا، وَهُوَ غَيْرُ مَحْكُومٍ بِطَهُورِيَّتِهِ عَلَى مَا هُوَ الْأَصَحُّ، بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَسْلُوبِ الطَّهُورِيَّةِ.
وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ وَقَعَ سُؤْرُ الْحِمَارِ فِي الْمَاءِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. اهـ. قُلْت: لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا تَظَافَرَ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ كَمَا عَلِمْت وَإِنْ مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْأَسْآرِ وَسَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَصَابَ فَمُ الْحِمَارِ الْمَاءَ صَارَ مَشْكُوكًا فَيُنْزَحُ الْكُلُّ كَاَلَّذِي سُؤْرُهُ نَجِسٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عَدَمِ الطَّهُورِيَّةِ وَإِنْ افْتَرَقَا مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ، فَإِذَا لَمْ يُنْزَحْ رُبَّمَا يَتَطَهَّرُ بِهِ أَحَدٌ، وَالصَّلَاةُ بِهِ وَحْدَهُ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ فَيُنْزَحُ كُلُّهُ. اهـ.
قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصِبْ فَمُهُ الْمَاءَ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مَشْكُوكًا فِيهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَإِنَّمَا يُنْزَحُ مِنْهُ عِشْرُونَ دَلْوًا كَالشَّاةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ.
أَقُولُ: وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ النَّهْرِ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ لَا يَصِيرُ مَشْكُوكًا، فَلَا يَجِبُ نَزْحُ شَيْءٍ، نَعَمْ يُنْدَبُ نَزْحُ عَشَرَةٍ، وَقِيلَ نَزْحُ عِشْرِينَ مَنْشَؤُهُ اشْتِبَاهُ حَالَةِ وُصُولِ فَمِهِ الْمَاءَ بِحَالَةِ عَدَمِ الْوُصُولِ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ فَتَنَبَّهْ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَ مَشَايِخِنَا الرَّحْمَتِيَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْته.
(قَوْلُهُ كَآدَمِيٍّ مُحْدِثٍ) أَيْ أَنَّهُ يُنْزَحُ فِيهِ أَرْبَعُونَ كَمَا عَزَاهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَى فَتَاوَى الْحُجَّةِ، ثُمَّ عَزَا إلَى الْغِيَاثِيَّةِ أَنَّهُ يُنْزَحُ فِيهِ الْجَمِيعُ. وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: وَالتَّحْقِيقُ النَّزْحُ لِلْجَمِيعِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَالثَّانِي عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ؛ وَقِيلَ أَرْبَعُونَ عِنْدَهُ. وَمَذْهَبُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْد الشَّيْخَيْنِ، فَيُنْزَحُ مِنْهُ عِشْرُونَ لِيَصِيرَ طَهُورًا، وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْدِثِ مَا يَشْمَلُ الْجُنُبَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute