شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ (وَالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يُؤَجِّرُ وَلَهُ مُسْتَغَلَّاتٌ آجَرَتْهَا امْرَأَتُهُ وَأَعْطَتْهُ الْأُجْرَةَ لَمْ يَحْنَثْ كَتَرْكِهَا فِي أَيْدِي السَّاكِنِينَ وَكَأَخَذِهِ أُجْرَةَ شَهْرٍ قَدْ سَكَنُوا فِيهِ بِخِلَافِ شَهْرٍ لَمْ يَسْكُنُوا فِيهِ ذَخِيرَةٌ (وَالصُّلْحِ عَنْ مَالٍ) وَقَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ (مَعَ الْإِقْرَارِ) لِأَنَّهُ مَعَ الْإِنْكَارِ سَفِيرٌ وَالْقِسْمَةِ (وَالْخُصُومَةِ وَضَرْبِ الْوَلَدِ) أَيْ الْكَبِيرِ لِأَنَّ الصَّغِيرَ يَمْلِكُ ضَرْبَهُ فَيَمْلِكُ التَّفْوِيضَ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ كَالْقَاضِي
(وَإِنْ كَانَ) الْحَالِفُ (ذَا سُلْطَانٍ) كَقَاضِي وَشَرِيفٍ (لَا يُبَاشِرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ) بِنَفْسِهِ حَنِثَ بِالْمُبَاشَرَةِ (وَبِالْأَمْرِ أَيْضًا) لِتَقَيُّدِ الْيَمِينِ بِالْعُرْفِ وَبِمَقْصُودِ الْحَالِفِ (وَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُ مَرَّةً وَيُفَوِّضُ أُخْرَى اُعْتُبِرَ الْأَغْلَبُ) وَقِيلَ تُعْتَبَرُ السِّلْعَةُ، فَلَوْ مِمَّا يَشْتَرِيهَا بِنَفْسِهِ لِشَرَفِهَا لَا يَحْنَثُ بِوَكِيلِهِ وَإِلَّا
ــ
[رد المحتار]
الْحِنْثِ فِيهِ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْعُرْفَ الْآنَ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ آجَرَتْهَا امْرَأَتُهُ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ كَتَرْكِهَا فِي أَيْدِي السَّاكِنِينَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ قَوْلِهِ لَهُمْ اُقْعُدُوا فِيهَا وَإِلَّا حَنِثَ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّرْكِ لَا يَكُونُ إجَارَةً وَأَمَّا أَخْذُ الْأُجْرَةِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي (قَوْلُهُ قَدْ سَكَنُوا فِيهِ) أَيْ بَعْدَ الْحَلِفِ أَوْ قَبْلَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ شَهْرٍ لَمْ يَسْكُنُوا فِيهِ) أَيْ بِخِلَافِ شَهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ لَمْ يَسْكُنُوا فِيهِ فَإِذَا تَقَاضَاهُمْ بِأُجْرَتِهِ حَنِثَ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهَذَا لَيْسَ إلَّا الْإِجَارَةَ بِالتَّعَاطِي، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) هَذَا التَّقْيِيدُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إقْرَارٍ بَيْعٌ، أَمَّا عَنْ إنْكَارٍ أَوْ عَنْ سُكُوتٍ فَهُوَ فِي حَقِّهِ إفْدَاءُ يَمِينٍ، فَيَكُونُ الْوَكِيلُ مِنْ جَانِبِهِ سَفِيرًا مَحْضًا فَيَحْنَثُ بِمُبَاشَرَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ عَلَى عَدَمِ الصُّلْحِ هُوَ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ مُطْلَقًا أَفَادَهُ ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالْقِسْمَةُ) بِأَنْ حَلَفَ لَا يُقَاسِمُ مَعَ شَرِيكِهِ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ وَالْخُصُومَةُ) أَيْ جَوَابُ الدَّعْوَى سَوَاءٌ كَانَ إقْرَارًا أَوْ إنْكَارًا ح عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَقِيلَ: إنَّهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ كَفِعْلِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ) عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لِأَنَّ الْوَلَدَ أَعَمُّ وَلَمْ يُخَصَّصْ بِالْكَبِيرِ فِي الرِّوَايَاتِ وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ فِي الْعُرْفِ يُقَالُ فُلَانٌ ضَرَبَ وَلَدَهُ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ، وَيَقُولُ الْعَامِّيُّ لِوَلَدِهِ غَدًا أَسْقِيك عَلَقَةً ثُمَّ يَذْكُرُ لِمُؤَدِّبِ الْوَلَدِ أَنْ يَضْرِبَهُ تَحْقِيقًا لِقَوْلِهِ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَنْعَقِدَ عَلَى مَعْنَى لَا يَقَعُ بِهِ ضَرْبٌ مِنْ جِهَتِي، وَيَحْنَثُ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ كَالْقَاضِي) أَيْ إذَا وَكَّلَ بِضَرْبِ مَنْ يَحِلُّ لَهُ ضَرْبُهُ صَحَّ أَمْرُهُ بِهِ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِهِ، وَمِثْلُهُ السُّلْطَانُ وَالْمُحْتَسِبُ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى ح
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ لَا بِالْأَمْرِ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ إلَّا إذَا كَانَ لَا يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنَّ مَقْصُودَهُ مِنْ الْفِعْلِ لَيْسَ إلَّا الْأَمْرَ بِهِ فَيُوجَدُ سَبَبُ الْحِنْثِ بِوُجُودِ الْأَمْرِ بِهِ لِلْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ رُبَّمَا يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ عَقْدَ بَعْضِ الْمَبِيعَاتِ، ثُمَّ لَوْ فَعَلَ الْآمِرُ بِنَفْسِهِ يَحْنَثُ أَيْضًا لِانْعِقَادِهِ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْمُورِهِ اهـ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ قَالَ: وَكُلُّ فِعْلٍ لَا يَعْتَادُهُ الْحَالِفُ كَائِنًا مَنْ كَانَ كَحَلِفِهِ لَا يَبْنِي وَلَا يُطَيِّنُ انْعَقَدَ كَذَلِكَ اهـ وَاسْتَثْنَى فِي الْهِدَايَةِ أَيْضًا مَا إذَا نَوَى الْحَالِفُ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِبَيْعِ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ نَوَى السُّلْطَانُ وَنَحْوُهُ أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ دُيِّنَ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ: أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ مَأْمُورِهِ (قَوْلُهُ لِتَقَيُّدِ الْيَمِينِ بِالْعُرْفِ) فَإِنَّ الْعُرْفَ انْعِقَادُ يَمِينِهِ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ مَأْمُورِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَبِمَقْصُودِ الْحَالِفِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِإِغْنَاءِ مَا قَبْلَهُ عَنْهُ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا لَمْ يُخَالِفْ الظَّاهِرَ لَا مُطْلَقًا وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ إذَا قَصَدَ الْأَعَمَّ أَمَّا لَوْ قَصَدَ فِعْلَ نَفْسِهِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ لَا يَحْنَثُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْحَالِفُ، وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ وَلَوْ كَانَ رَجُلًا يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ إلَخْ وَمُفَادُهُ: أَنَّ الضَّمِيرَ لَيْسَ عَائِدًا لِلسُّلْطَانِ وَهُوَ مُفَادُ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ الْأَغْلَبُ) هَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمُحِيطِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ مِنَحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute