للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَنِثَ. (وَيَحْنَثُ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ مَأْمُورِهِ) لَمْ يَقُلْ وَكِيلِهِ لِأَنَّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الِاسْتِقْرَاضُ وَالتَّوْكِيلُ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ (فِي النِّكَاحِ) لَا الْإِنْكَاحِ (وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ) الْوَاقِعَيْنِ بِكَلَامٍ وُجِدَ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا قَبْلَهُ كَتَعْلِيقٍ بِدُخُولِ دَارٍ زَيْلَعِيٌّ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَكَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَمُقَابِلُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلِذَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلَ (قَوْلُهُ وَيَحْنَثُ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ مَأْمُورِهِ إلَخْ) هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّانِي مُقَابِلُ قَوْلِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ لَا بِالْأَمْرِ، ثُمَّ هَذَا النَّوْعُ مِنْهُ مَا هُوَ فِعْلٌ حُكْمِيٌّ شَرْعِيٌّ كَالطَّلَاقِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ فِعْلٌ حِسِّيٌّ كَالضَّرْبِ، فَلَوْ نَوَى أَنْ لَا يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ فَفِي الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ يُصَدَّقُ قَضَاءً وَدِيَانَةً لِأَنَّهَا لَا تُوجَدُ إلَّا بِمُبَاشَرَتِهِ لَهَا حَقِيقَةً، فَإِذَا لَمْ يُبَاشِرْهَا فَقَدْ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ وَفِي غَيْرِهَا رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا دِيَانَةً لِأَنَّهُ كَمَا يُوجَدُ بِمُبَاشَرَتِهِ يُوجَدُ بِأَمْرِهِ، فَإِذَا نَوَى الْمُبَاشَرَةَ فَقَطْ فَقَدْ نَوَى تَخْصِيصَ الْعَامِّ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ كَافِي النَّسَفِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَقُلْ وَكِيلُهُ) حَاصِلُهُ: أَنَّهُ عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَفِعْلِ وَكِيلِهِ لِأَنَّهُ اعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِهِ، لَكِنْ أَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ الْوَكِيلَ لِتُعْلَمَ الرِّسَالَةُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى. اهـ.

وَقَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ مِنْ تَسْمِيَةِ الرَّسُولِ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَكِيلًا كَمَا إذَا قَالَ الْمُسْتَقْرِضُ: وَكَّلْتُك أَنْ تَسْتَقْرِضَ لِي مِنْ فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا، وَقَالَ الْوَكِيلُ لِلْمُقْرِضِ: إنَّ فُلَانًا يَسْتَقْرِضُ مِنْك كَذَا، وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي مَبْلَغَ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ، حَتَّى إنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ إلَّا لِلْوَكِيلِ كَمَا فِي وَكَالَةِ الذَّخِيرَةِ اهـ قَالَ ط: وَوَجَّهَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْوَكَالَةِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْقَبْضِ، وَالْأَمْرُ بِالْقَبْضِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ، وَتَصِحُّ الرِّسَالَةُ فِي الِاسْتِقْرَاضِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ مُعَبِّرٌ وَالْعِبَارَةُ مِلْكُ الْمُرْسِلِ فَقَدْ أَمَرَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ، وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ وَبِقَبْضِ الْقَرْضِ كَأَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ أَقْرِضْنِي ثُمَّ يُوَكِّلَ رَجُلًا بِقَبْضِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اهـ.

قُلْت: وَحَاصِلُهُ: أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْقَرْضِ أَوْ بِقَبْضِهِ صَحِيحٌ لَا بِالِاسْتِقْرَاضِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ لِيَقَعَ الْمِلْكُ لِلْآمِرِ وَإِلَّا وَقَعَ لِلْمَأْمُورِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالِاسْتِقْرَاضِ، بَلْ النِّكَاحُ مِثْلُهُ وَكَذَا الِاسْتِعَارَةُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ

(قَوْلُهُ فِي النِّكَاحِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَعَقَدَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ وَكَّلَ فَعَقَدَ الْوَكِيلُ حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْحَالِفُ امْرَأَةً فَلَوْ حَلَفَتْ، وَأُجْبِرَتْ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ، يَنْبَغِي أَنْ لَا تَحْنَثَ كَمَا لَوْ جُنَّ فَزَوَّجَهُ أَبُوهُ كَارِهًا، وَلَوْ صَارَ مَعْتُوهًا فَزَوَّجَهُ أَبُوهُ لَا يَحْنَثُ كَذَا لَوْ كَانَ التَّوْكِيلُ قَبْلَ الْيَمِينِ نَهْرٌ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ.

قُلْت: وَسَيَأْتِي مَتْنًا آخِرَ الْبَابِ الْآتِي مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ أَوْ زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ ثُمَّ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ اهـ

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ

(قَوْلُهُ لَا الْإِنْكَاحِ) أَيْ التَّزْوِيجِ، فَلَا يَحْنَثُ بِهِ إلَّا بِمُبَاشَرَتِهِ وَهَذَا فِي الْوَلَدِ الْكَبِيرِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ لِمَا فِي الْمُخْتَارِ وَشَرْحِهِ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ وَالْإِجَازَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُضَافٌ إلَيْهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إرَادَتِهِ لِمِلْكِهِ وَوِلَايَتِهِ وَكَذَا فِي ابْنِهِ وَبِنْتِهِ الصَّغِيرَيْنِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا وَفِي الْكَبِيرَيْنِ، لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْهُمَا فَيَتَعَلَّقُ بِحَقِيقَةِ الْفِعْلِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ فِي آخِرِ الْبَابِ الْآتِي بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ فَقَوْلُ الْقُهُسْتَانِيِّ وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَا يَحْنَثُ فِي الْكُلِّ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ (قَوْلُهُ كَتَعْلِيقٍ) يَصْلُحُ مِثَالًا لِلْقَبْلِ وَالْبَعْدِ وَعِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا وَقَعَا بِكَلَامٍ وُجِدَ بَعْدَ الْيَمِينِ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَا بِكَلَامٍ وُجِدَ قَبْلَ الْيَمِينِ " يَحْنَثُ حَتَّى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَ فَدَخَلَتْ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا بِأَمْرٍ كَانَ قَبْلَ الْيَمِينِ، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَ، ثُمَّ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالشَّرْطِ، ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ حَنِثَ وَلَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>