للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ يُفْتَى بِمِائَةٍ إلَى ثَلَثِمِائَةٍ وَهَذَا أَيْسَرُ، وَذَاكَ أَحْوَطُ.

(فَإِنْ أُخْرِجَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مُنْتَفِخٍ وَلَا مُتَفَسِّخٍ) وَلَا مُتَمَعِّطٍ (فَإِنْ) كَانَ (كَآدَمِيٍّ) وَكَذَا سَقْطٌ

ــ

[رد المحتار]

وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ هِدَايَةٌ، أَيْ الْأَشْبَهُ بِالْمَعْنَى الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِقَوْلِ الْغَيْرِ فِيمَا لَمْ يُشْتَهَرْ مِنْ الشَّرْعِ فِيهِ تَقْدِيرٌ: قَالَ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] كَمَا فِي أَجْزَاءِ الصَّيْدِ وَالشَّهَادَةِ عِنَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى خُلَاصَةٌ وتتارخانية عَنْ النِّصَابِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ مِعْرَاجٌ عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ، وَجَعَلَهُ فِي الْعِنَايَةِ رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالْأَيْسَرُ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَأَفَادَ فِي النَّهْرِ أَنَّ الْمِائَتَيْنِ وَاجِبَتَانِ وَالْمِائَةَ الثَّالِثَةَ مَنْدُوبَةٌ، فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَالْفَتْوَى. وَضُعِّفَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْحِلْيَةِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ نَزْحَ الْجَمِيعِ فَالِاقْتِصَارُ عَلَى عَدَدٍ مَخْصُوصٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَلِيلٍ سَمْعِيٍّ يُفِيدُهُ.

وَأَيْنَ ذَلِكَ بَلْ الْمَأْثُورُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ خِلَافُهُ حِينَ أَفْتَيَا بِنَزْحِ الْمَاءِ كُلِّهِ حِينَ مَاتَ زِنْجِيٌّ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ وَأَسَانِيدُ ذَلِكَ الْأَثَرِ مَعَ دَفْعِ مَا أُورِدَ عَلَيْهَا مَبْسُوطَةٌ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَكَأَنَّ الْمَشَايِخَ إنَّمَا اخْتَارُوا مَا عَنْ مُحَمَّدٍ لِانْضِبَاطِهِ كَالْعُشْرِ تَيْسِيرًا كَمَا مَرَّ. اهـ. قُلْت: لَكِنَّ مَرْوِيَّاتِي أَنَّ مَسَائِلَ الْآبَارِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اتِّبَاعِ الْآثَارِ، عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ مُحَمَّدًا أَفْتَى بِمَا شَاهَدَ فِي آبَارِ بَغْدَادَ فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَكَذَا مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ نَزْحِ مَائِهِ فِي مِثْلِ آبَارِ الْكُوفَةِ لِقِلَّةِ مَائِهَا فَيُرْجَعُ إلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ مِمَّنْ لَهُ بَصَارَةٌ وَخِبْرَةٌ بِالْمَاءِ فِي تِلْكَ النَّوَاحِي لَا لِكَوْنِ ذَلِكَ لَازِمًا فِي آبَارِ كُلِّ جِهَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَذَاكَ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ أَحْوَطُ لِلْخُرُوجِ عَنْ الْخِلَافِ وَلِمُوَافَقَتِهِ لِلْآثَارِ (قَوْلُهُ طَهُرَتْ) أَيْ إذَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَجُوزُ بِجَارٍ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ بَعْدَ أَسْطُرٍ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَخْرَجَ الْحَيَوَانَ) أَيْ الْمَيِّتَ (قَوْلُهُ كَآدَمِيٍّ) أَيْ مِمَّا عَادَلَهُ فِي الْجُثَّةِ كَالشَّاةِ وَالْكَلْبِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَكَذَا سَقَطَ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ مَا ذَكَرُوا فِيهِ نَزْحًا مُقَدَّرًا لَا فَرْقَ بَيْنَ كَبِيرَةٍ وَصَغِيرَةٍ، لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ: وَأَمَّا وَلَدُ الشَّاةِ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَكَالسِّنَّوْرِ كَمَا تُشْعِرُ بِهِ عِبَارَاتُهُمْ كَمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ. اهـ وَكَذَا قَالَ وَلَدُهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ. الظَّاهِرُ أَنَّ الْآدَمِيَّ إذَا خَرَجَ مِنْ أَمَةٍ صَغِيرًا أَوْ كَانَ سُقْطًا فَهُوَ كَالسِّنَّوْرِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمِقْدَارِ فِي الْجُثَّةِ لَا فِي الِاسْمِ. اهـ. قُلْت: لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ السَّقْطَ إنْ اسْتَهَلَّ فَحُكْمُهُ كَالْكَبِيرِ إنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ بَعْدَمَا غُسِّلَ لَا يُفْسِدُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أَفْسَدَ وَإِنْ غُسِّلَ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ ذَنَبَ الْفَأْرَةِ لَوْ شُمِّعَ فَفِيهِ مَا فِي الْفَأْرَةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُهُسْتَانِيِّ قَالَ: فَلَوْ وَقَعَ فِيهَا سُقْطٌ يُنْزَحُ كُلُّ الْمَاءِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْجَدْيَ كَالشَّاةِ. وَعَنْهُ أَنَّهُ وَالسَّخْلَةَ كَالدَّجَاجَةِ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. اهـ.

فَعُلِمَ أَنَّ فِي الْجَدْيِ رِوَايَتَيْنِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ السَّخْلَةُ وَهِيَ وَلَدُ الشَّاةِ، وَإِلْحَاقُ السَّقْطِ بِالْكَبِيرِ يُؤَيِّدُ الْأُولَى مِنْهُمَا، وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ الْإِوَزَّ بِالْكَبِيرِ تَبَعًا لِلْخُلَاصَةِ وَقَالَ فِيهَا: أَمَّا الصَّغِيرُ فَكَالْحَمَامَةِ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَةَ. وَفِي السِّرَاجِ أَنَّ الْإِوَزَّةَ عِنْدَ الْإِمَامِ كَالشَّاةِ فِي رِوَايَةٍ وَكَالسِّنَّوْرِ فِي أُخْرَى. اهـ.

أَقُولُ: وَهَذَا الْمَقَامُ يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ وَتَدَبُّرٍ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْمَأْثُورَ كَمَا ذَكَرَهُ أَئِمَّتُنَا هُوَ نَزْحُ الْكُلِّ فِي الْآدَمِيِّ وَالْأَرْبَعِينَ فِي الدَّجَاجَةِ وَالْعِشْرِينَ فِي الْفَأْرَةِ فَلِذَا كَانَتْ الْمَرَاتِبُ ثَلَاثَةً كَمَا سَنَذْكُرُهُ. وَعَنْ هَذَا أَوْرَدَ فِي الْمُسْتَصْفَى أَنَّ مَسَائِلَ الْآبَارِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اتِّبَاعِ الْآثَارِ، وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي الْفَأْرَةِ وَالدَّجَاجَةِ وَالْآدَمِيِّ فَكَيْفَ يُقَاسُ مَا عَدَلَهَا بِهَا، ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّهُ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ هَذَا الْأَصْلُ صَارَ كَاَلَّذِي ثَبَتَ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ فِي حَقِّ التَّفْرِيعِ عَلَيْهِ. وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ ظَاهِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>