للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُتِيَ بِشَاهِدَيْنِ (فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ) لِأُضْحِيَّتِهِ (بِكُوفَةَ) لَمْ تُقْبَلْ لِقِيَامِهَا عَلَى نَفْيِ الْحَجِّ إذْ التَّضْحِيَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَعْتِقُ وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ.

(حَلَفَ لَا يَصُومُ حَنِثَ بِصَوْمِ سَاعَةٍ بِنِيَّةٍ) وَإِنْ أَفْطَرَ لِوُجُودِ شَرْطِهِ (وَلَوْ قَالَ) لَا أَصُومُ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبُ إنْ لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَعْتِقْ

(قَوْلُهُ لَمْ تُقْبَلْ إلَخْ) أَيْ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا نَفْيُ الْحَجِّ لَا إثْبَاتُ التَّضْحِيَةِ لِأَنَّهَا لَا مُطَالِبَ لَهَا فَصَارَ كَمَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ هَذَا النَّفْيَ مِمَّا يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ، لَكِنَّهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ تَيْسِيرًا هِدَايَةٌ.

مَطْلَبُ شَهَادَةُ النَّفْيِ لَا تُقْبَلُ إلَّا فِي الشُّرُوطِ

وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا يَفْصِلُ فِي النَّفْيِ بَيْنَ أَنْ يُحِيطَ عِلْمُ الشَّاهِدِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةِ بِهِ أَوْ لَا فَلَا بَلْ لَا تُقْبَلُ عَلَى النَّفْيِ مُطْلَقًا نَعَمْ تُقْبَلُ عَلَى النَّفْيِ فِي الشُّرُوطِ، حَتَّى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَشَهِدَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا قُبِلَتْ وَيُقْضَى بِعِتْقِهِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَأَرَادَ أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى أَمْرٍ مُعَايَنٍ وَهُوَ كَوْنُهُ خَارِجَ الْبَيْتِ فَيَثْبُتُ النَّفْيُ ضِمْنًا، وَاعْتَرَضَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الْعَبْدَ كَمَا لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّضْحِيَةِ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْخُرُوجِ فَإِذَا كَانَ مَنَاطُ الْقَبُولِ كَوْنَ الْمَشْهُودِ بِهِ أَمْرًا وُجُودِيًّا مُتَضَمِّنًا لِلْمُدَّعَى بِهِ كَذَلِكَ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَةِ التَّضْحِيَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلنَّفْيِ فَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَوْجَهُ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، لَكِنْ أَجَابَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِعَدَمِ الدُّخُولِ أُوِّلَتْ بِالْخُرُوجِ الَّذِي هُوَ وُجُودِيٌّ صُورَةً وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَقْصُودُ أَنَّ الْخُرُوجَ يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِهِ بِلَا رَيْبٍ بِأَنْ يُشَاهَدَ الْعَبْدُ خَارِجَ الدَّارِ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ فَهِيَ نَفْيٌ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ التَّضْحِيَةِ بِالْكُوفَةِ لَيْسَتْ ضِدًّا لِلْحَجِّ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَرَامَةً لَهُ وَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا قَالُوا فِي الْمَشْرِقِيِّ وَالْمَغْرِبِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.

مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَصُومُ حَنِثَ بِصَوْمِ سَاعَةٍ

(قَوْلُهُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ) وَهُوَ الصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ إذْ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ وَقَدْ وُجِدَ تَمَامُ حَقِيقَتِهِ وَمَا زَادَ عَلَى أَدْنَى إمْسَاكٍ فِي وَقْتِهِ فَهُوَ تَكْرَارُ الشَّرْطِ وَلِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ إذَا تَمَّتْ حَقِيقَتُهُ يُسَمَّى فَاعِلًا وَلِذَا نَزَلَ إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَابِحًا بِإِمْرَارِ السِّكِّينِ فِي مَحَلِّ الذَّبْحِ، فَقِيلَ لَهُ - {صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: ١٠٥]- بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ حَقِيقَتُهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى أَفْعَالٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالصَّلَاةِ كَمَا يَأْتِي فَتْحٌ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الصَّوْمَ لِلشَّرْعِيِّ أَقَلُّهُ يَوْمٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُطْلَقُ شَرْعًا عَلَى مَا دُونَهُ.

وَدُفِعَ بِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ.

قُلْت: جَوَابُهُ أَنَّ هَذَا لَوْ قَالَ صَوْمًا كَمَا يَأْتِي، أَمَّا بِدُونِ تَصْرِيحٍ بِمَصْدَرٍ أَوْ ظَرْفٍ فَالْمُرَادُ الْحَقِيقَةُ وَقَدْ وُجِدَتْ بِالْأَقَلِّ، وَلِهَذَا يُقَالُ فِي الشَّرْعِ وَالْعُرْفُ إنَّهُ صَامَ ثُمَّ أَفْطَرَ فَيَحْنَثُ لِوُجُودِ شَرْطِ الْحِنْثِ قَبْلَ الْإِفْطَارِ ثُمَّ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ فَافْهَمْ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا كَبَقِيَّةِ الْمُتُونِ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي أَوْ لَا يَصُومُ فَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَكُنْت أَجَبْت عَنْهُ فِي بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ، بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّحِيحِ مَا وُجِدَتْ حَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ فَلَا يَضُرُّهُ عُرُوضُ الْفَسَادِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُفِيدُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ دُونَ الْفَاسِدِ احْتِرَازٌ عَنْ الْفَاسِدِ ابْتِدَاءً كَمَا لَوْ نَوَى الصَّوْمَ عِنْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَأْكُلُ أَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>