للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(صَوْمًا أَوْ يَوْمًا حَنِثَ بِيَوْمٍ) لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ فَيُصْرَفُ إلَى الْكَامِلِ. (حَلَفَ لَيَصُومَنَّ هَذَا الْيَوْمَ وَكَانَ بَعْدَ أَكْلِهِ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ صَحَّتْ) الْيَمِينُ (وَحَنِثَ لِلْحَالِ) لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَعْتَمِدُ الصِّحَّةَ بَلْ التَّصَوُّرُ كَتَصَوُّرِهِ فِي النَّاسِي وَهُوَ (كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تُصَلِّي الْيَوْمَ فَأَنْتِ كَذَا فَحَاضَتْ مِنْ سَاعَتِهَا أَوْ بَعْدَ مَا صَلَّتْ رَكْعَةً) فَإِنَّ الْيَمِينَ تَصِحُّ وَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ دُرُورَ الدَّمِ لَا يَمْنَعُ كَمَا فِي الِاسْتِحَاضَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ.

ــ

[رد المحتار]

مُحْدِثًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَتْحِ مَا يُفِيدُ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ حَيْثُ اسْتَشْكَلَ الْمَسْأَلَةَ الْمَارَّةَ، ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ مَا هُنَا أَصَحُّ لِأَنَّهُ نَصُّ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَكِنَّهُ بَعْدَ أَسْطُرٍ أَجَابَ مُسْتَنِدًا لِلذَّخِيرَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَاسِدِ مَا لَمْ يُوصَفْ بِوَصْفِ الصِّحَّةِ فِي وَقْتٍ بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الشُّرُوعِ غَيْرَ صَحِيحٍ وَقَالَ وَبِهِ يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَهَذَا عَيْنُ مَا فَهِمْته مِنْ الْإِشْكَالِ، وَالْجَوَابُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إلْهَامِ الصَّوَابِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ: أَيْ فَلَا يُرَادُ بِالْيَوْمِ بَعْضُهُ، وَكَذَا فِي صَوْمٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا فَافْهَمْ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: أَمَّا فِي " يَوْمًا " فَظَاهِرٌ وَكَذَا فِي " صَوْمًا " لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَلِذَا قُلْنَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ كَامِلٍ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَيَّ صَلَاةٌ تَجِبُ رَكْعَتَانِ عِنْدَنَا لَا يُقَالُ الْمَصْدَرُ مَذْكُورٌ بِذِكْرِ الْفِعْلِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ لَا يَصُومُ، وَلَا يَصُومُ صَوْمًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الْأَوَّلِ إلَّا بِيَوْمٍ لِأَنَّا نَقُولُ الثَّابِتُ فِي ضِمْنِ الْفِعْلِ ضَرُورِيٌّ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي غَيْرِ تَحَقُّقِ الْفِعْلِ بِخِلَافِ الصَّرِيحِ، فَإِنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُطْلَقِ فَيُوجِبُ الْكَمَالَ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ هُنَا صَحَّتْ مَعَ أَنَّهُ مَقْرُونٌ بِذِكْرِ الْيَوْمِ وَلَا كَمَالَ وَرَدَ فِي الْفَتْحِ إلَّا يُرَادُ بِأَنَّ كَلَامَنَا كَانَ فِي الْمُطْلَقِ وَهُوَ لَفْظُ " يَوْمًا " وَلَفْظُ هَذَا الْيَوْمِ مُقَيَّدٌ مُعَرَّفٌ، وَإِنَّمَا تُشْكِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ التَّصَوُّرَ شَرْعًا مُنْتَفٍ، وَكَوْنُهُ مُمْكِنًا فِي صُورَةٍ أُخْرَى وَهِيَ صُورَةُ النِّسْيَانِ وَالِاسْتِحَاضَةِ لَا يُفِيدُ حَيْثُ كَانَ فِي صُورَةِ الْحَلِفِ مُسْتَحِيلًا شَرْعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّتَيْنِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ كَتَصَوُّرِهِ فِي النَّاسِي) أَيْ فِي الَّذِي أَكَلَ نَاسِيًا فَإِنَّ حَقِيقَةَ الصَّوْمِ: وَهِيَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ مَعَ أَنَّهُ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ صَائِمًا فَقَدْ وُجِدَ الصَّوْمُ مَعَ الْأَكْلِ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ بَعْدَ أَكْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ نَظِيرٌ وَالنَّاسِي لَا يَصْلُحُ نَظِيرًا لَهُ وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي النَّهْرِ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا حَلَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي النَّاسِي الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ مَمْنُوعٌ. اهـ.

قُلْت: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ إمْكَانُ تَصَوُّرِهِ مَعَ فَقْدِ شَرْطٍ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي النَّاسِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَرْطٍ وَشَرْطٍ فَيَصْلُحُ ذَلِكَ نَظِيرًا لَهُمَا، وَيَدُلُّ لِمَا قُلْنَا مَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّصَوُّرِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَبَعْدَ الْأَكْلِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَوْ شَرَعَ الصَّوْمَ بَعْدَهُمَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلًا أَلَا تَرَى كَيْفَ شَرَعَهُ بَعْدَ الْأَكْلِ نَاسِيًا، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ مَعَ الْحَيْضِ تُتَصَوَّرُ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَيْسَ إلَّا دُرُورَ الدَّمِ وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي شَرْعِيَّةَ الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي حَقِّ الْمُسْتَحَاضَةِ مَشْرُوعَةٌ وَشَرْطُ إقَامَةِ الدَّلِيلِ مَقَامَ الْمَدْلُولِ التَّصَوُّرُ لَا الْوُجُودُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ إلَخْ اهـ مُلَخَّصًا.

قُلْت: وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ إشْكَالِ الْفَتْحِ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلًا شَرْعًا لِهَذِهِ الشَّوَاهِدِ. نَعَمْ يُقَوِّي إشْكَالَهُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي بَحْثِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ إنْ لَمْ تُصَلِّ الصُّبْحَ غَدًا فَأَنْتِ كَذَا لَا يَحْنَثُ بِحَيْضِهَا بُكْرَةً فِي الْأَصَحِّ وَعَزَاهُ فِي الْبَحْرِ هُنَا لِلْمُنْتَقَى، وَقَالَ هُنَا فَحِينَئِذٍ لَا يَحْنَثُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ: لَكِنْ جَزَمَ فِي الْمُحِيطِ بِالْحِنْثِ فِيهِمَا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الِاسْتِحَاضَةِ) فَإِنَّهَا فُقِدَ مَعَهَا شَرْطُ الصَّلَاةِ مَعَ حُكْمِ الشَّارِعِ عَلَيْهَا بِالصِّحَّةِ، فَعُلِمَ أَنَّ شَرْعِيَّتَهَا مَعَ فَقْدِ شَرْطٍ غَيْرُ مُسْتَحِيلَةٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ شَرَعَهَا مَعَ الْحَيْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>