للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى لَوْ عَلَّقَ بِهَا طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا لَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِهَا فِي مَيِّتٍ (بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَالْحَمْلِ وَاللَّمْسِ وَإِلْبَاسِ الثَّوْبِ) كَحَلِفِهِ لَا يُغَسِّلُهُ أَوْ لَا يَحْمِلُهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْحَيَاةِ.

(يَحْنَثُ فِي حَلِفِهِ) وَلَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ (لَا يَضْرِبُ زَوْجَتَهُ فَمَدَّ شَعْرَهَا أَوْ خَنَقَهَا أَوْ عَضَّهَا أَوْ قَرَصَهَا) وَلَوْ مُمَازِحًا خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ (وَالْقَصْدُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهِ) أَيْ فِي الضَّرْبِ (وَقِيلَ شَرْطٌ عَلَى الْأَظْهَرِ) وَالْأَشْبَهُ بَحْرٌ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالسِّرَاجِيَّةِ.

وَأَمَّا الْإِيلَامُ فَشَرْطٌ بِهِ يُفْتَى وَيَكْفِي جَمْعُهَا بِشَرْطِ إصَابَةِ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي سَمَاعِ الْمَيِّتِ الْكَلَامَ

وَأَمَّا الْكَلَامُ فَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْإِفْهَامُ وَالْمَوْتُ يُنَافِيهِ.

وَلَا يُرَدُّ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَهْلِ قَلِيبِ بَدْرٍ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا فَقَالَ عُمَرُ أَتُكَلِّمُ الْمَيِّتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْ هَؤُلَاءِ أَوْ مِنْهُمْ» فَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ الْمَشَايِخُ بِأَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ يَعْنِي مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ لِأَنَّ عَائِشَةَ رَدَّتْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: ٢٢]- {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: ٨٠]- وَأَنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الْمَوْعِظَةِ لِلْأَحْيَاءِ، وَبِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِأُولَئِكَ تَضْعِيفًا لِلْحَسْرَةِ عَلَيْهِمْ، وَبِأَنَّهُ خُصُوصِيَّةٌ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُعْجِزَةٌ، لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ مَا فِي مُسْلِمٍ «إنَّ الْمَيِّتَ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ إذَا انْصَرَفُوا» إلَّا أَنْ يَخُصُّوا ذَلِكَ بِأَوَّلِ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ مُقَدِّمَةً لِلسُّؤَالِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآيَتَيْنِ فَإِنَّهُ شَبَّهَ فِيهِمَا الْكُفَّارَ بِالْمَوْتَى لِإِفَادَةِ بُعْدِ سَمَاعِهِمْ وَهُوَ فَرْعُ عَدَمِ سَمَاعِ الْمَوْتَى هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ هُنَا.

وَفِي الْجَنَائِزِ: وَمَعْنَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ سَنَدُهُ لَكِنَّهُ مَعْلُولٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِعِلَّةٍ تَقْتَضِي عَدَمَ ثُبُوتِهِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهِيَ مُخَالَفَتُهُ لِلْقُرْآنِ فَافْهَمْ، وَأَمَّا الدُّخُولُ فَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ زِيَارَتُهُ أَوْ خِدْمَتُهُ حَتَّى لَا يُقَالَ دَخَلَ عَلَى حَائِطٍ أَوْ دَابَّةٍ وَالْمَيِّتُ لَا يُزَارُ هُوَ وَإِنَّمَا يُزَارُ قَبْرُهُ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَلَا فَزُورُوهَا» ، وَلَمْ يَقُلْ عَنْ زِيَارَةِ الْمَوْتَى هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ.

وَأَمَّا التَّقْبِيلُ فَلِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ اللَّذَّةُ أَوْ الْإِسْرَارُ أَوْ الشَّفَقَةُ وَأَمَّا الْقَتْلُ فَكَالضَّرْبِ بَلْ أَوْلَى (قَوْلُهُ كَحَلِفِهِ لَا يُغَسِّلُهُ إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْغُسْلِ

(قَوْلُهُ أَوْ خَنَقَهَا) أَيْ عَصَرَ حَلْقَهَا ط عَنْ الْحَمَوِيِّ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَإِطْلَاقُهُ يَعُمُّ حَالَةَ الْغَضَبِ وَالرِّضَا لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ عَضَّهَا أَوْ أَصَابَ رَأْسَ أَنْفِهَا فَأَدْمَاهَا فَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ فِي حَالَةِ الْمُلَاعَبَةِ لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ وَذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، لَكِنْ فِي الْفَتْحِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ هَذَا يَعْنِي الْحِنْثَ إذَا كَانَ فِي الْغَضَبِ أَمَّا إذَا فَعَلَ فِي الْمُمَازَحَةِ فَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ أَدْمَاهَا بِلَا قَصْدِ الْإِدْمَاءِ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ قَالَ: أَرَاهَا فِي الْعَرَبِيَّةِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ فَلَا يَحْنَثُ بِمَدِّ الشَّعْرِ وَالْخَنْقِ وَالْعَضِّ. وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ اهـ قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ صَارَ فِي الْعُرْفِ مَنْعًا لِنَفْسِهِ عَنْ إيلَامِهَا بِوَجْهِ مَا هُوَ يُشْبِهُ عُمُومَ الْمَجَازِ فَإِنَّ مُطْلَقَ الْإِيلَامِ شَامِلٌ لِتِلْكَ الْأَقْسَامِ اهـ وَقَوْلُ الْفَتْحِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ قَدْ يَشْمَلُ حَالَةَ الْمُمَازَحَةِ كَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ مُخَالِفًا لِتَصْحِيحِ الْخُلَاصَةِ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي مِنَحِهِ أَطْلَقَهُ تَبَعًا لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ فَانْتَظَمَ مَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ، وَمَا إذَا كَانَ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ أَوْ الْمِزَاحِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا أَفَادَهُ الْكَمَالُ اهـ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَالْقَصْدُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهِ) حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ زَوْجَتَهُ فَضَرَبَ غَيْرَهَا فَأَصَابَهَا يَحْنَثُ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ لَا يُعْدِمُ الْفِعْلَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ شَرْطٌ) لِأَنَّهُ لَا يُتَعَارَفُ وَالزَّوْجُ لَا يَقْصِدُهُ بِيَمِينِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي جَمْعُهَا إلَخْ) أَيْ لَوْ حَلَفَ عَلَى عَدَدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَسْوَاطِ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مِائَةَ سَوْطٍ، فَجَمَعَ مِائَةَ سَوْطٍ وَضَرَبَهُ مَرَّةً لَا يَحْنَثُ قَالُوا هَذَا إذَا ضَرَبَ ضَرْبًا يُتَأَلَّمُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يَبَرُّ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>