للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّ عَبْدٍ يَدْخُلُ فِي مِلْكِي فَهُوَ حُرٌّ فَأَجَازَهُ بِالْفِعْلِ حَنِثَ اتِّفَاقًا لِكَثْرَةِ أَسْبَابِ الْمَلِكِ عِمَادِيَّةٌ. وَفِيهَا: حَلَفَ لَا يُطَلِّقُ فَأَجَازَ طَلَاقَ فُضُولِيٍّ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا فَهُوَ كَالنِّكَاحِ غَيْرَ أَنَّ سَوْقَ الْمَهْرِ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ لِوُجُوبِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ. قَالَ لِامْرَأَةِ الْغَيْرِ: إنْ دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَجَازَ الزَّوْجُ فَدَخَلَتْ طَلُقَتْ (وَمِثْلُهُ) فِي عَدَمِ حِنْثِهِ بِإِجَازَتِهِ فِعْلًا مَا يَكْتُبُهُ الْمُوَثَّقُونَ فِي التَّعَالِيقِ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ (إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً بِنَفْسِي أَوْ بِوَكِيلِي أَوْ بِفُضُولِيٍّ) أَوْ دَخَلَتْ فِي نِكَاحِي بِوَجْهٍ مَا تَكُنْ زَوْجَتُهُ طَالِقًا لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِفُضُولِيٍّ إلَى آخِرِهِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِنَفْسِي وَعَامِلُهُ تَزَوَّجْت وَهُوَ خَاصٌّ بِالْقَوْلِ وَإِنَّمَا يَنْسَدُّ بَابُ الْفُضُولِيِّ لَوْ زَادَ أَوْ أَجَزْت نِكَاحَ فُضُولِيٍّ وَلَوْ بِالْفِعْلِ فَلَا مَخْلَصَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَ الْمُزَوَّجَةِ فَيُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى شَافِعِيٍّ لِيَفْسَخَ الْيَمِينَ الْمُضَافَةَ وَقَدَّمْنَا فِي التَّعَالِيقِ أَنَّ الْإِفْتَاءَ كَافٍ فِي ذَلِكَ بَحْرٌ.

(حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: قَدْ يُقَالُ إنَّ لَهُ سَبَبَيْنِ: التَّزَوُّجُ بِنَفْسِهِ وَالتَّزْوِيجُ بِلَفْظِ الْفُضُولِيِّ، وَالثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ فِي حَلِفِهِ لَا يَتَزَوَّجُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ) فَإِنَّهُ يَكُونُ بِالْبَيْعِ وَالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ كَمَا عَلِمْت فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِهِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ أَوْ فِعْلًا) كَإِخْرَاجِ مَتَاعِهَا مِنْ بَيْتِهِ ط (قَوْلُهُ لِوُجُوبِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ) فَلَا يُحَالُ بِهِ إلَى الطَّلَاقِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْمَهْرَ مِنْ خَصَائِصِهِ مِنَحٌ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ فُضُولِيٌّ (قَوْلُهُ فَأَجَازَ الزَّوْجُ) أَيْ أَجَازَ تَعْلِيقَ الْفُضُولِيِّ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ مَا يَكْتُبُهُ الْمُوَثِّقُونَ) أَيْ الَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْوَثَائِقَ أَيْ الصُّكُوكَ (قَوْلُهُ إلَى آخِرِهِ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ دَخَلَتْ فِي نِكَاحِي مَعْطُوفٌ عَلَى تَزَوَّجْت لَا عَلَى بِنَفْسِي، فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ عَامِلَهُ تَزَوَّجْت بَلْ الْعِلَّةُ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا سَبَبٌ وَاحِدٌ: وَهُوَ التَّزَوُّجُ كَمَا مَرَّ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْقَوْلِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْقَوْلِ) فَقَوْلُهُ أَوْ بِفُضُولِيٍّ يَنْصَرِفُ إلَى الْإِجَازَةِ بِالْقَوْلِ فَقَطْ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَلَا مَخْلَصَ لَهُ إلَخْ) كَذَا فِي الْبَحْرِ وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ وَالْمِنَحِ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ قِيلَ لَا وَجْهَ لِجَوَازِهِ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَصَاحِبُ الْفُصُولِ حِيلَتُهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ فُضُولِيٌّ بِلَا أَمْرِهِمَا فَيُجِيزَهُ هُوَ فَيَحْنَثَ قَبْلَ إجَازَةِ الْمَرْأَةِ لَا إلَى جَزَاءٍ لِعَدَمِ الْمِلْكِ ثُمَّ تُجِيزَهُ هِيَ فَإِجَازَتُهَا لَا تَعْمَلُ، فَيُجَدِّدَانِ الْعَقْدَ، فَيَجُوزُ إذْ الْيَمِينُ انْعَقَدَتْ عَلَى تَزَوُّجٍ وَاحِدٍ، وَهَذِهِ الْحِيلَةُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا إذَا قَالَ أَوْ يُزَوِّجُهَا غَيْرِي لِأَجْلِي وَأُجِيزُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ وَأُجِيزُهُ، قَالَ النَّسَفِيُّ يُزَوِّجُ الْفُضُولِيُّ لِأَجْلِهِ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا إذْ الشَّرْطُ تَزْوِيجُ الْغَيْرِ لَهُ مُطْلَقًا وَلَكِنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ لِطَلَاقِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ قَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْمِلْكِ مُحَالٌ. اهـ.

قُلْت: إنَّمَا سَمَّاهُ تَسَامُحًا لِظُهُورِ الْمُرَادِ وَهُوَ انْحِلَالُ الْيَمِينِ لَا إلَى الْجَزَاءِ لِأَنَّ الشَّرْطَ تَزْوِيجُ الْغَيْرِ لَهُ وَذَلِكَ يُوجَدُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَتِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَتَزَوَّجُهَا فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ إلَّا بِعَقْدِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ عَقْدِ غَيْرِهِ لَهُ وَإِجَازَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقُ الْمُزَوَّجَةِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ " الْمُتَزَوِّجَةِ " أَيْ الَّتِي حَلَفَ أَلَّا يَتَزَوَّجَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِفُضُولِيٍّ احْتِزَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ بِأَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك بِنَفْسِي أَوْ بِفُضُولِيٍّ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ بِفَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ يُؤَكِّدُ الْحِنْثَ لَا يُنَافِيهِ (قَوْلُهُ إنَّ الْإِفْتَاءَ كَافٍ) أَيْ إفْتَاءَ الشَّافِعِيِّ لِلْحَالِفِ بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْيَمِينِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَفْتَى بِهَا أَئِمَّةُ خُوَارِزْمَ لَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ، نَعَمْ لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ كَذَا فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَحَكَمَ الْقَاضِي بِفَسْخِ الْيَمِينِ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ ثَانِيًا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَحْتَاجُ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَمَنْ قَالَ إنَّ بُطْلَانَ الْيَمِينِ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حُكْمٌ بِآخَرَ كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بَحْرٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ نَهْرٌ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا قَدَّمَهُ مَذْكُورٌ فِيهِ أَمَّا فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ أَنَّهُ مِمَّا يَكْتُبُهُ الْمُوَثِّقُونَ وَلَا قَوْلَهُ أَوْ دَخَلَتْ فِي نِكَاحِي بِوَجْهٍ مَا وَلَا قَوْلَهُ وَقَدَّمْنَا فِي التَّعَالِيقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>