للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. فَظَهَرَ أَنَّ تَقْسِيمَهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قَوْلُ الْإِمَامِ

(وَحُدَّ بِوَطْءِ أَمَةِ أَخِيهِ وَعَمِّهِ) وَسَائِرُ مَحَارِمِهِ سِوَى الْوِلَادِ لِعَدَمِ الْبُسُوطَةِ

(وَ) بِوَطْءِ (امْرَأَةٍ وُجِدَتْ عَلَى فِرَاشِهِ) فَظَنَّهَا زَوْجَتَهُ (وَلَوْ هُوَ أَعْمَى) لِتَمْيِيزِهِ بِالسُّؤَالِ إلَّا إذَا دَعَاهَا فَأَجَابَتْهُ قَائِلَةً أَنَا زَوْجَتُك أَوْ أَنَا فُلَانَةُ بِاسْمِ زَوْجَتِهِ فَوَاقَعَهَا لِأَنَّ الْإِخْبَارَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ، حَتَّى لَوْ أَجَابَتْهُ بِالْفِعْلِ أَوْ بِنَعَمْ حُدَّ

(وَذِمِّيَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ حُدَّ وَجَازَ لِلْفَصْلِ (زَنَى بِهَا حَرْبِيٌّ) مُسْتَأْمَنٌ (وَ) حُدَّ ذِمِّيٌّ زَنَى بِحَرْبِيَّةٍ مُسْتَأْمَنَةٍ (لَا) يُحَدُّ الْحَرْبِيُّ فِي الْأُولَى (وَالْحَرْبِيَّةُ) فِي الثَّانِيَةِ وَالْأَصْلُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْحُدُودُ كُلُّهَا لَا تُقَامُ عَلَى مُسْتَأْمَنٍ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ.

ــ

[رد المحتار]

يَجِبُ الْحَدُّ. وَيُعَاقَبُ عُقُوبَةً هِيَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنْ التَّعْزِيرِ سِيَاسَةً لَا حَدًّا مُقَدَّرًا شَرْعًا إذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا لَا حَدَّ وَلَا عُقُوبَةَ تَعْزِيرٍ اهـ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا عُقُوبَةَ تَعْزِيرٍ الْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ أَشَدِّ مَا يَكُونُ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُعَزَّرُ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ حَيْثُ جَهِلَ أَمْرًا لَا يَخْفَى عَادَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ فِي ذَاتِ الْمَحْرَمِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَظَهَرَ أَنَّ تَقْسِيمَهَا إلَخْ) إنْ أَرَادَ التَّقْسِيمَ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَهِيَ اثْنَانِ عِنْدَ الْكُلِّ، غَايَتُهُ أَنَّ حُكْمَ شُبْهَةِ الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِمَامِ حُكْمُ شُبْهَةِ الْمَحِلِّ.

وَعِنْدَهُمَا حُكْمُ شُبْهَةِ الْفِعْلِ، وَإِنْ أَرَادَ التَّقْسِيمَ مِنْ حَيْثُ الْمَفْهُومُ فَهِيَ اثْنَانِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ شُبْهَةَ الْعَقْدِ مِنْهَا مَا هُوَ شُبْهَةُ الْفِعْلِ كَمُعْتَدَّةِ الثَّلَاثِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّهْرِ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ شُبْهَةُ الْمَحِلِّ كَمَسْأَلَةِ الْمَتْنِ اهـ ح

(قَوْلُهُ وَحُدَّ بِوَطْءِ أَمَةِ أَخِيهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ فِي الْمِلْكِ وَلَا فِي الْفِعْلِ لِعَدَمِ انْبِسَاطِ كُلٍّ فِي مَالِ الْآخَرِ، فَدَعْوَى ظَنِّهِ الْحِلَّ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ. وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الزِّنَا حَرَامٌ لَكِنَّهُ ظَنَّ أَنَّ وَطْأَهُ هَذِهِ لَيْسَ زِنًا مُحَرَّمًا فَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْحَدِّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الزِّنَا حَرَامٌ فَتْحٌ (قَوْلُهُ سِوَى الْوِلَادِ) بِالْكَسْرِ مَصْدَرُ وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وِلَادًا وَوِلَادَةً أَيْ سِوَى قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ: أَيْ قَرَابَةِ الْأُصُولِ أَوْ الْفُرُوعِ فَلَا حَدَّ فِيهَا، لَكِنْ لَا يُحَدُّ فِي قَرَابَةِ الْأُصُولِ إذَا ظَنَّ الْحِلَّ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ وُجِدَتْ عَلَى فِرَاشِهِ) يَعْنِي فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ شُرُنْبُلَالِيَّةٍ فَيُعْلَمُ حُكْمُ النَّهَارِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ إلَّا إذَا دَعَاهَا) يَعْنِي الْأَعْمَى بِخِلَافِ الْبَصِيرِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ أَيْضًا.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ، وَعَزَاهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَى الْمُنْتَقَى وَالْأَصْلِ لَكِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ وَجَدَ فِي بَيْتِهِ امْرَأَةً فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ فَغَشِيَهَا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا امْرَأَتِي لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ نَهَارًا يُحَدُّ.

وَفِي الْحَاوِي: وَعَنْ زُفَرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ وَجَدَ فِي حَجَلَتِهِ أَوْ فِي بَيْتِهِ امْرَأَةً فَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا امْرَأَتِي، إنْ كَانَ نَهَارًا يُحَدُّ، وَإِنْ كَانَ لَيْلًا لَا يُحَدُّ، وَعَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِرِوَايَةِ زُفَرَ يُؤْخَذُ. اهـ. قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْأَعْمَى لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا

(قَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ الْعَطْفُ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُتَّصِلِ (قَوْلُهُ لَا يُحَدُّ الْحَرْبِيُّ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، فَعِنْدَهُ يُحَدُّ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ أَيْضًا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُحَدُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْعَكْسِ وَهُوَ مَا لَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْتَأْمَنَةٍ كَقَوْلِ الْإِمَامِ مِنْ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُحَدُّ نَهْرٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّانِيَيْنِ إمَّا مُسْلِمَانِ أَوْ ذِمِّيَّانِ أَوْ مُسْتَأْمَنَانِ، أَوْ الرَّجُلُ مُسْلِمٌ وَالْمَرْأَةُ ذِمِّيَّةٌ، أَوْ مُسْتَأْمَنَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ الرَّجُلُ ذِمِّيٌّ وَالْمَرْأَةُ مُسْتَأْمَنَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَهِيَ تِسْعُ صُوَرٍ. وَالْحَدُّ وَاجِبٌ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: إذَا كَانَا مُسْتَأْمَنَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>