للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) لَا يُحَدُّ بِوَطْءِ (بَهِيمَةٍ) بَلْ يُعَزَّرُ وَتُذْبَحُ ثُمَّ تُحْرَقُ، وَيُكْرَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا حَيَّةً وَمَيِّتَةً مُجْتَبَى. وَفِي النَّهْرِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطَالَبُ نَدْبًا لِقَوْلِهِمْ تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ

(وَ) لَا يُحَدُّ (بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ زُفَّتْ إلَيْهِ، وَقِيلَ) خَبَرُ الْوَاحِدِ كَافٍ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي وَطْءِ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ وَتُذْبَحُ ثُمَّ تُحْرَقُ) أَيْ لِقَطْعِ امْتِدَادِ التَّحَدُّثِ بِهِ كُلَّمَا رُئِيَتْ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا إذَا كَانَتْ مِمَّا لَا تُؤْكَلُ، فَإِنْ كَانَتْ تُؤْكَلُ جَازَ أَكْلُهَا عِنْدَهُ. وَقَالَا: تُحْرَقُ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ لِغَيْرِ الْوَاطِئِ يُطَالَبُ صَاحِبُهَا أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ تُذْبَحُ، هَكَذَا قَالُوا وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا سَمَاعًا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ زَيْلَعِيٌّ وَنَهْرٌ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطَالَبُ نَدْبًا إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُمْ يُطَالَبُ صَاحِبُهَا أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى الْوَاطِئِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ.

وَعِبَارَةُ النَّهْرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطَالَبُ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ كَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ بِالْقِيمَةِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ: وَالظَّاهِرُ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا.

[تَنْبِيهٌ] لَوْ مَكَّنَتْ امْرَأَةٌ قِرْدًا مِنْ نَفْسِهَا فَوَطِئَهَا كَانَ حُكْمُهَا كَإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ جَوْهَرَةٌ أَيْ فِي أَنَّهَا لَا حَدَّ عَلَيْهَا بَلْ تُعَزَّرُ. وَهَلْ يُذْبَحُ الْقِرْدُ أَيْضًا؟ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِقَطْعِ امْتِدَادِ التَّحَدُّثِ نَعَمْ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ خَبَرُ الْوَاحِدِ كَافٍ إلَخْ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْقَوْلِ وَمَقُولِهِ، وَالْأَوْلَى ذِكْرُهَا بَعْدَ هِيَ عِرْسُك لِئَلَّا يُوهَمَ أَنَّهَا مَقُولَةُ الْقَوْلِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ كَالْكَنْزِ بِقِيلِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْقُدُورِيِّ بِقُلْنَ.

مَطْلَبٌ فِيمَنْ وَطِئَ مَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ [تَنْبِيهٌ] مُقْتَضَى هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِمُجَرَّدِ الزِّفَافِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ لَيْلَةَ عُرْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا مَا لَمْ تَقُلْ لَهُ وَاحِدَةٌ أَوْ أَكْثَرُ إنَّهَا زَوْجَتُك، وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ بَيْنَ النَّاسِ، وَفِيهِ حَرَجٌ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَأْثِيمُ الْأُمَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحِلُّ وَطْؤُهَا بِدُونِ إخْبَارٍ وَلَا سِيَّمَا إذْ أَحْضَرَهَا النِّسَاءُ مِنْ أَهْلِهِ وَجِيرَانِهِ إلَى بَيْتِهِ وَجُلِيَتْ عَلَى الْمِنَصَّةِ ثُمَّ زُفَّتْ إلَيْهِ، فَإِنَّ احْتِمَالَ غَلَطِ النِّسَاءِ فِيهَا وَأَنَّهَا غَيْرُهَا أَبْعَدُ مَا يَكُونُ، وَمَعَ هَذَا لَوْ فُرِضَ الْغَلَطُ وَقَدْ وَطِئَهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فَوُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَقُلْ لَهُ أَحَدٌ إنَّهَا زَوْجَتُك فِي غَايَةِ الْبُعْدِ أَيْضًا إذْ لَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ أَقْوَى مِنْ شُبْهَةِ الْعَقْدِ عَلَى أُمِّهِ أَوْ بِنْتِهِ وَظَنُّهُ حِلَّهَا لَهُ، وَأَقْوَى مِنْ ظَنِّهِ حِلَّ أَمَةِ أَبَوَيْهِ وَنَحْوِهَا، وَكَذَا مَنْ وَجَدَهَا عَلَى فِرَاشِهِ لَيْلًا عَلَى مَا صَحَّحَهُ أَبُو اللَّيْثِ.

وَرَأَيْت فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ زُفَّتْ إلَيْهِ غَيْرُ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ رَآهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَوَطِئَهَا كَانَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِخْبَارَ غَيْرُ شَرْطٍ. وَأَظْهَرُ مِنْهُ مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ: رَجُلٌ تَزَوَّجَ فَزُفَّتْ إلَيْهِ أُخْرَى فَوَطِئَهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى قَاذِفِهِ. رَجُلٌ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ ثُمَّ قَالَ حَسِبْتهَا امْرَأَتِي قَالَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ كَالْأُولَى؛ لِأَنَّ الزِّفَافَ شُبْهَةٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِنْ جَاءَتْ هَذِهِ الَّتِي فَجَرَ بِهَا بِوَلَدٍ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ اهـ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الزِّفَافَ شُبْهَةٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّ نَفْسَ الزِّفَافِ شُبْهَةٌ مُسْقِطَةٌ لِلْحَدِّ بِدُونِ إخْبَارٍ، فَهَذَا نَصُّ الْكَافِي، وَهُوَ الْجَامِعُ لِكُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ عُرْسٍ تَجْتَمِعُ فِيهِ النِّسَاءُ أَوْ مِنْ إرْسَالِ مَنْ تَأْتِي بِهَا إلَيْهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُ عَلَى الْإِخْبَارِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا أَوْ غَيْرُهَا وَلَكِنَّهُ ظَنَّ أَنَّهَا هِيَ فَوَطِئَهَا فَهُنَا لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْحَدُّ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>