للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا) حَدَّ (بِزِنَا غَيْرِ مُكَلَّفٍ بِمُكَلَّفَةٍ مُطْلَقًا) لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا (وَفِي عَكْسِهِ حَدٌّ) فَقَطْ.

(وَلَا) حَدَّ (بِالزِّنَا بِالْمُسْتَأْجَرَةِ لَهُ) أَيْ لِلزِّنَا. وَالْحَقُّ وُجُوبُ الْحَدِّ كَالْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْخِدْمَةِ فَتْحٌ (وَلَا بِالزِّنَا بِإِكْرَاهٍ)

(وَ) لَا (بِإِقْرَارٍ إنْ أَنْكَرَ الْآخَرُ) لِلشُّبْهَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْتهَا وَلَوْ حُرَّةً مُجْتَبَى.

ــ

[رد المحتار]

بِمَا إذَا خَرَجَ مِنْ عَسْكَرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ إقَامَةِ الْحُدُودِ فَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَزَنَى ثُمَّ عَادَ، أَوْ كَانَ مَعَ أَمِيرِ سَرِيَّةٍ أَوْ أَمِيرِ عَسْكَرٍ فَزَنَى ثَمَّةَ، أَوْ كَانَ تَاجِرًا أَوْ أَسِيرًا. أَمَّا لَوْ زَنَى مَعَ عَسْكَرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ إقَامَةِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ، بِخِلَافِ أَمِيرِ الْعَسْكَرِ أَوْ السَّرِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا فُوِّضَ لَهُمَا تَدْبِيرُ الْحَرْبِ لَا إقَامَةَ الْحُدُودِ، وَوِلَايَةُ الْإِمَامِ مُنْقَطِعَةٌ ثَمَّةَ كَمَا فِي الْفَتْحِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ

(قَوْلُهُ لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الرَّجُلِ أَصْلٌ فِي الزِّنَا وَالْمَرْأَةُ تَابِعَةٌ لَهُ، وَامْتِنَاعُ الْحَدِّ فِي حَقِّ الْأَصْلِ يُوجِبُ امْتِنَاعَهُ فِي حَقِّ التَّبَعِ نَهْرٌ، وَكَذَا لَا عُقْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ لَرَجَعَ بِهِ الْوَلِيُّ عَلَيْهَا لِأَمْرِهَا لَهُ بِمُطَاوَعَتِهَا لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَنَى الصَّبِيُّ بِصَبِيَّةٍ أَوْ بِمُكْرَهَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ كَمَا فِي الْفَتْحِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ

(قَوْلُهُ وَالْحَقُّ وُجُوبُ الْحَدِّ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُهُمَا، وَهَذَا بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْفَتْحِ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ وَالْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَلَا بِالزِّنَا بِإِكْرَاهٍ) هَذَا مَا رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ، وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ إنَّ الرَّجُلَ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِانْتِشَارِ الْآلَةِ، وَهُوَ آيَةُ الطَّوَاعِيَةِ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَلَا تُحَدُّ إجْمَاعًا، وَأَطْلَقَ فَشَمِلَ الْإِكْرَاهَ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ مِنْ تَحَقُّقِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

قَالَ ط: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّانِي الْمُكْرَهِ، فَلَوْ زَنَى مُكْرَهًا بِمُطَاوَعَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّلَبِيِّ

(قَوْلُهُ وَلَا بِإِقْرَارٍ إنْ أَنْكَرَهُ الْآخَرُ) أَيْ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعِ مَجَالِسَ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، سَوَاءٌ ادَّعَى الْمُنْكِرُ النِّكَاحَ أَوْ لَمْ يَدَّعِهِ لَا يُحَدُّ الْمُقِرُّ خِلَافًا لَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ لِانْتِفَاءِ الْحَدِّ عَنْ الْمُنْكِرِ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لِلنَّفْيِ عَنْهُ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً فِي حَقِّ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الزِّنَا فِعْلٌ وَاحِدٌ يَتِمُّ بِهِمَا، فَإِذَا تَمَكَّنَتْ فِيهِ شُبْهَةٌ تَعَدَّتْ إلَى طَرَفَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَا أَطْلَقَ بَلْ أَقَرَّ بِالزِّنَا بِمَنْ دَرَأَ الشَّرْعُ الْحَدَّ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ وَقَالَ زَنَيْت فَإِنَّهُ لَا مُوجِبَ شَرْعِيٌّ يَدْفَعُهُ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا بِغَائِبَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِ فِي حَقِّهَا بِمَا يُوجِبُ النَّفْيَ وَهُوَ الْإِنْكَارُ، وَلِذَا لَوْ حَضَرَتْ وَأَقَرَّتْ تُحَدُّ، فَظَهَرَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْإِنْكَارِ لَا لِلْغَيْبَةِ فَتْحٌ مُلَخَّصًا.

قُلْت: وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ السُّكُوتَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْإِنْكَارِ تَأَمَّلْ، نَعَمْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا بِخَرْسَاءَ لَا يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَتَكَلَّمُ لَأَبْدَتْ مُسْقِطًا وَقَدَّمْنَا فِي الْبَابِ السَّابِقِ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْغَائِبَةِ،

[تَنْبِيهٌ] حَيْثُ سَقَطَ الْحَدُّ يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ وَإِنْ أَقَرَّتْ هِيَ بِالزِّنَا وَادَّعَى النِّكَاحَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ الْحَدُّ صَارَتْ مُكَذَّبَةً شَرْعًا، ثُمَّ لَوْ أَنْكَرَتْ الزِّنَا وَلَمْ تَدَّعِ النِّكَاحَ وَادَّعَتْ عَلَى الرَّجُلِ حَدَّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لَهُ وَلَا يُحَدُّ لِلزِّنَا، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْتهَا وَلَوْ حُرَّةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِالزِّنَا حَيْثُ ادَّعَى الْمِلْكَ وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْتهَا شِرَاءً فَاسِدًا، أَوْ عَلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ فِيهِ الْخِيَارَ، أَوْ ادَّعَى صَدَقَةً أَوْ هِبَةً وَكَذَّبَهُ صَاحِبُهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ. اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَأَثْبَتُوهُ ثُمَّ ادَّعَى شُبْهَةً فَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا امْرَأَتِي لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ، وَلَوْ قَالَ هِيَ امْرَأَتِي أَوْ أَمَتِي لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ لَوْ ادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَا حَدَّ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً لِلْغَيْرِ وَلَا يُكَلَّفُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِلشُّبْهَةِ كَمَا لَوْ ادَّعَى السَّارِقُ أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكَهُ سَقَطَ الْحَدُّ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ اهـ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ مَتْنًا فِي الْبَابِ السَّابِقِ.

قُلْت: وَانْظُرْ وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِهِ ظَنَنْت أَنَّهَا امْرَأَتِي وَقَوْلِهِ هِيَ امْرَأَتِي، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ قَوْلَهُ ظَنَنْت يَدُلُّ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ فَكَانَ إقْرَارًا بِالزِّنَا بِأَجْنَبِيَّةٍ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ هِيَ امْرَأَتِي أَوْ اشْتَرَيْتهَا وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ جَازِمٌ بِهِ وَبِأَنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ زِنًا فَتَأَمَّلْ. بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ الشُّبْهَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الَّتِي قَبْلَهَا لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهَا مِنْ أَيِّ أَقْسَامِ الشُّبَهِ الثَّلَاثَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْهَا. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَدَّعِي حَقِيقَةَ الْمِلْكِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>